لدى مصر تاريخ طويل كبوابة تجارية بين الشرق والغرب، ولا تزال تمثل
لاعبًا مهمًا في سوق التجارة العالمية. من الصين إلى الولايات المتحدة،
ومن المملكة العربية السعودية إلى إيطاليا، تمتد شراكات مصر التجارية لتشمل
مجموعًة واسعًة من الصناعات. في السطور التالية، نسلط الضوء على مجموعة من أكبر
وأهم شركاء مصر التجاريين، وكذلك نتعرف على طبيعة الأسواق التجارية المشتركة.
الصين
تتشارك مصر والصين تاريخًا طويلًا من التعاون والتبادل الثقافي والاقتصادي
على مدار عقود طويلة، وقد نمت هذه الشراكة خلال السنوات الأخيرة لتبرز الصين
كواحدة من أهم شركاء
مصر التجاريين. بلغت قيمة التجارة
الثنائية بين البلدين في عام 2020 نحو 11.6 مليار دولار، مما يجعل الصين أكبر شريك
تجاري آسيوي لمصر. تشمل الصادرات الأولية من مصر إلى الصين عددًا من السلع
الزراعية مثل القطن والحمضيات، وكذلك البتروكيماويات والمعادن. بينما تستورد مصر
الآلات، الإلكترونيات والمنسوجات.
واستشرافًا للمستقبل، من المتوقع أن تستمر الشراكة بين مصر والصين في
النمو، حيث عبر الجانبان في أكثر من مناسبة عن التزامهما بمواصلة تعزيز التعاون
الاقتصادي بينهما. أيضًا، أعلنت الصين عن خطط لزيادة استثماراتها في مصر من خلال
دعم قطاع الطاقة المتجددة في مصر، عبر مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية في
البلاد. في الوقت ذاته، تتطلع مصر إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل اعتمادها
على الحلفاء التقليديين، على أمل أن تلعب الشراكة مع الصين دورًا في دفع النمو
الاقتصادي.
الولايات المتحدة الأمريكية
على الرغم من التحديات التي سببتها جائحة كورونا العالمية، استمر كلا البلدين في البناء
على الشراكات القائمة مع البحث عن فرص جديدة للنمو، مع استمرار مصر في كونها سوقًا
مهمًا للشركات الأمريكية. ظل حجم التجارة بين مصر والولايات المتحدة مستقرًا نوعًا
ما خلال العامين الماضيين، حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري ما يقرب من 9.1
مليار دولار في عام 2021. وفي عام 2022، بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين
البلدين 8 مليارات دولار في الأشهر العشر الأولى فقط، وهو ما يمثل ارتفاعًا بقيمة
13.4% عن نفس الفترة من العام السابق.
ظلت المنسوجات والملابس على رأس قائمة الصادرات المصرية للولايات
المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى المنتجات الزراعية مثل الفواكه والخضروات
والمكسرات. على الجانب الآخر، تصدر الولايات المتحدة مجموعة متنوعة من السلع
والخدمات إلى مصر، بما في ذلك الآلات والتكنولوجيا والمنتجات الزراعية خاصة فول
الصويا. جدير بالذكر أن إجمالي الصادرات الأمريكية إلى مصر في عام 2022 قد
بلغ حوالي 5.8 مليار دولار، بزيادة تقدر بنحو 19% عنها في عام 2020.
المملكة العربية السعودية
ترتكز علاقات التبادل التجاري بين مصر والمملكة العربية السعودية على
مجموعة متنوعة من السلع. تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عالميًا في
تصدير النفط، ولذلك من البديهي أن تشكل المنتجات البترولية غالبية صادرات المملكة
إلى مصر. في المقابل، تضم قائمة صادرات مصر إلى المملكة العربية السعودية المنتجات
الغذائية، النحاس والحديد والصلب.
خلال العامين الماضيين، ارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر والمملكة
العربية السعودية بشكل ملحوظ، حيث تجاوز 9.5 مليار دولار في عام 2022 مقابل 7.5
مليار دولار في عام 2021. كان للمنتجات البترولية نصيب الأسد من هذه الزيادة، حيث
بلغ إجمالي واردات مصر منها خلال 2022 فقط نحو 5 مليارات دولار.
يحظى النفط باهتمام المستثمرين خاصة كأحد سلع التداول الرئيسية في
البورصات العالمية. في ظل التقدم التقني الهائل الذي تشهده أدوات التداول عبر
الإنترنت، أصبح من السهل إنشاء
حساب عبر منصة تداول موثوقة
في ثوانٍ معدودة، والبدء في الاستفادة من فروقات الأسعار، العقود الآجلة، وعدد
كبير من أدوات ومنتجات التداول الأخرى. لا يتوقف الأمر على تداول النفط فقط، حيث
توفر منصات التداول عدد كبير من المنتجات التي تحتل قوائم الاستيراد والتصدير بشكل
عام، مثل فول الصويا، القمح والسكر.
الاتحاد الأوروبي
يُعد الاتحاد الأوروبي أحد أهم شركاء مصر التجاريين وأكبر مستثمر
أجنبي في مصر، باستثمارات تقدر بأكثر من 38 مليار يورو. في عام 2020، سجل إجمالي
حجم التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي حوالي 23 مليار يورو، ليرتفع في
2021 إلى نحو 30 مليار دولار بزيادة تخطت 24%.
على سبيل المثال، في عام 2020 شملت الصادرات الرئيسية من الاتحاد
الأوروبي إلى مصر التالي:
-
الآلات والمعدات
والمركبات بقيمة تخطت 7 مليار يورو.
-
المواد الكيميائية
والأدوية بقيمة 2.9 مليار يورو.
-
المواد الخام والزراعية بقيمة
2.4 مليار يورو.
-
منتجات الوقود والتعدين
بقيمة 1.6 مليار يورو.
وفي السياق ذاته، شملت قائمة صادرات مصر إلى دول الاتحاد الأوروبي في
نفس العام منتجات الوقود والتعدين، الكيماويات والأسمدة، المنسوجات والملابس،
بقيمة تقارب 6.4 مليار يورو. تمثل إيطاليا الشريك التجاري الأول لمصر بين دول
الاتحاد الأوروبي، تليها كل من ألمانيا، فرنسا اليونان واسبانيا. علاوة على ذلك،
يعمل الاتحاد الأوروبي على دعم التنمية الاقتصادية في مصر من خلال برامج ومبادرات
مختلفة، تهدف إلى خلق المزيد من الفرص الجديدة للتجارة والاستثمار بين الطرفين.
الخلاصة
شهدت العلاقات التجارية بين مصر وعدد من شركائها التجاريين نموًا
مطردًا خلال السنوات الأخيرة. على الرغم من التأثير الذي خلفته جائحة كورونا، بدأ
حجم التبادل التجاري بين مصر من جهة، والاتحاد الأوروبي، الصين، أمريكا والمملكة
العربية السعودية من جهة أخرى، في الانتعاش على مدار عامي 2021 و2022.