الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
توقيت مصر 05:45 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

معسكرات الأطفال ... والطريق نحو الكارثة

بدأت تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي دعوات لاشتراك الأطفال من عمر 8 – 15 سنة في معسكرات نائية تحت مسميات براقة: (كامب) تستغرق أيامًا في مصايف بعيدة عن منازلهم (وطبعا بدون آبائهم أو أمهاتهم) تحت دعاوى اكتساب الثقة. ولأنه هناك طبقات ثرية ومريضة في نفس الوقت تتلهف على كل ما هو يحمل مسمى أجنبي مثل (كامب .. أنترناشيونال ...)، وغيرها، ومعهم فائض من الأموال يسمح لهم بإرسال أطفالهم إلى هذه المعسكرات الكشفية. 
فإننا نحذر أن هذه المعسكرات ( بداية كارثة أخلاقية مستقبلية محققة وقنابل موقوته) سوف تنفجر في وجوهنا بعد سنوات قليلة، كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، إن لم تكن هذه المعسكرات بصحبة الوالدين أو أحدهما على الأقل. 
أقول ذلك لأننا يجب أن نتعلم من أخطاء وكوارث الآخرين، لا أن نقوم بتكرارها لأن أحد الحمقى قرر أن يقوم بتكرارها هنا في مصر كما حدث في الولايات المتحدة والغرب. وهانذا أحذر بصوت عال ولكل الآباء والأمهات وأولياء الأمور لا تتركوا أطفالكم مع أحد ليس أيامًا، ولكن لساعة واحدة. هؤلاء الأطفال أمانة في أعناقكم وسوف يحاسبكم الله على أي أذى يمكن أن يحدث لهم. وأورد هنا بالدلائل بعض مما جمعته من مقالات الصحف الأمريكية نفسها طوال العقود الماضية.  
بدأت تجربة أطفال الكشافة أو (Boy Scouts) كما يُطلق عليها في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1910 وكانت تحدث فيها انتهاكات جسدية بأعداد هائلة، بدأت وقائعها في الظهور شيئًا فشيئًا منذ سنوات الستينيات والسبعينيات وحتى العقد الماضي عندما كبر هؤلاء الأطفال واصبحوا في سن المراهقة وكشفوا عما تعرضوا له. وبدأت سلسلة طويلة من رفع الدعاوى القضائية ضد الانتهاكات التي تعرضوا لها، وظلت قضاياها منظورة أمام المحاكم لفترة طويلة، وبلغت التعويضات المطلوبة مئات الملايين من الدولارات لعشرات الآلاف من أولئك الذين تحلوا بالشجاعة للاعتراف بما حدث لهم. 
ولعل هذا ما يفسر لنا حالات الانحراف الجنسي والاعتياد عليها (بالإضافة طبعا إلى ما يحدث في السجون وبعض الأندية الرياضية، والكنائس أخيرًا). بدأت منظمة أطفال الكشافة في الولايات المتحدة الأمريكية وهي منظمة غير ربحية، بعدد 2,3 مليون طفل بالإضافة إلى 800 ألف من المتطوعين البالغين – بينما يقال أن أعداد الفتيات بلغ 2 مليون عضو في فتيات الكشافة. ووصل أعداد الأطفال إلى 5 ملايين طفل وشارك فيها منذ بدايتها أكثر من 130 مليون أمريكي.
وصل عدد حالات الانتهاكات الجسدية التي تم الإبلاغ عنها في عام 1994 فقط ما يقرب من 2000 حالة. رصدت منظمة الكشافة ما يقرب من 200 دعوى قضائية ضدها في كافة محاكم الولايات والمقاطعات الفيدرالية في أنحاء أمريكا) بالإضافة إلى أكثر من 1700 حالة مطالبات قضائية محتملة. حكمت محكمة واحدة فقط بتعويضات قدرها 18,5 مليون دولار لمن تعرضوا لهذه الانتهاكات الجسدية في سنوات الثمانينيات (وبطبيعة الحال كان هؤلاء الذين تعرضوا للانتهاكات قد أصبحوا بالغين).
في يوم 18 فبراير عام 2020 تقدمت منظمة الكشافة بطلب لإعادة الهيكلة المالية لعرض تعويضات عادلة لمن تعرضوا لهذه الانتهاكات وعائلاتهم. كما أعلنت محكمة قضايا إشهار الإفلاس في مقاطعة ديلاور يوم 16 نوفمبر من العام الماضي موعدًا نهائيًا لتلقى دعاوى الانتهاك الجنسي. وتم تقديم 82 ألف دعوى اعتداء جنسي قبل ذلك الموعد. اضطرت الحكومة إلى إدراج برامج تعليم منع التحرش الجنسي لمواجهة المشكلة.
صرح ج. ل. تار – الرئيس التنفيذي للكشافة في الثمانينيات قائلا: "لقد كانت مشكلة كبيرة منذ بدء نشاط الكشافة وظهرت عدة تقارير على مر السنين تدل على تكرار هذه الاعتداءات داخل الكشافة الأمريكية. أمرت الإدارة في محاولة منها لفرض الانضباط بالفصل بين القادة البالغين والصغار .. ومنع النزول عرايا في حمامات السباحة..!!
نشرت صحيفة الواشنطن بوست في عام 1991 تحقيقًا ضخمًا من 5 أجزاء تحت عنوان "شرف الكشافة"  حول الاعتداءات الجنسية في "أطفال الكشافة". جمع محققو الصحيفة في فترة عامين، قاموا خلالها بمراجعة سجلات الشرطة وموظفي الكشافة وسجلات المحاكم في أكثر من 20 ولاية، وفي أكثر من 1000 مقال صحفي، بالإضافة إلى إجراء مقابلات مع أكثر من 200 شخص سواء من ضحايا التحرش أو عائلاتهم أو قادة الكشافة، وخبراء الاعتداء الجنسي، والمحامين. اقتصرت الصحيفة على عدد محدود من الحالات التي تم التبليغ عنها. كتب المحررون باختصار عن ذلك: "الرجال الين يشتهون إقامة علاقات جنسية مع الأطفال .. ينضمون إلى الكشافة لسبب بسيط .. لأنه مكان وجود الأطفال بمفردهم".
وأضافت الصحيفة أن العدد الحقيقي للمعتدين والضحايا ربما أضعاف هذا العدد بعدة مرات. 
شكلت مقالات هذه الصحيفة المادة الخاصة لكتاب الصحفي الرئيس في الصحيفة "باتريك بويل: والذي تم نشره في عام 21 يونيو عام 1995 في 416 صفحة بعنوان: "الاعتداءات الجنسية في أكثر المؤسسات الأمريكية ثقة". 
ومن المدهش أن أجهزة ومؤسسات نافذة بدأت في ممارسة ضغوط على منظمة الكشافة لعدم استبعاد أولئك الشواذ من المنظمة التي جعلت قوانينها تحظر على المثليين الالتحاق بها. استمرت الضغوط التي مارستها الكثير من الشركات والمؤسسات الخاصة الراعية لمنظمة فتيان وفيات الكشافة ووقفها للدعم  المالي أو غير المالي المنتظم الذي كان تقدمه لمنظمة الكشافة (لأنها تمارس سياسات تمييزية ضد المثليين) التي تقدمها مثل بنك تشيس مانهاتن، وكاتربلر، لوكهيد مارتن، وغيرها.  
وأخيرًا أثمرت تلك الضغوط المالية الرهيبة لمصلحة الشواذ، فصوتت الهيئة الوطنية الحاكم للكشافة الأمريكية لصالح إلغاء الحظر المفروض على الشباب المثليين والسماح لهم في الاشتراك في البرنامج اعتبارًا من 1 يناير 2014 – وتضمن منطوق القرار "أنه لا يجوز حرمان أي شاب من العضوية في الكشافة الأمريكية على أساس التوجه الجنسي أو ميوله فقط"، وكان ذلك غير مسموحًا به قبل ذلك لمن أعلن مثليته صراحة من شغل وظائف قيادية وأن المثليين لا يقدمون نموذجًا مرغوبًا فيه للكشافة.   
فهل نحن مُجبرون على تكرار أخطاء وكوارث الآخرين؟ ألا تكفي مسلسلات التليفزيون القبيحة والمبتذلة وبدون مسلسل ديني واحد في شهر رمضان الكريم؟ الشعب المصري بمسلميه وأقباطه لهم قيمهم وتقاليدهم الأخلاقية التي يصّرون على المحافظة عليها حماية لفلذات أكبادهم الذين يمثلون مستقبل الوطن، وتصر الفضائيات على إفساد عقولهم وأذواقهم وأخلاقهم. 
يعقوب عبد الرحمن 
كاتب ومترجم حر