بينما يجتمع وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان، في الخرطوم لمناقشة مقترحات ملء وتشغيل «سد النهضة»، أعلنت أديس أبابا رسميًا، أن المرحلة الأولى من تعبئة بحيرة السد ستبدأ في يوليو من العام القادم، ما أثار حالة من الدهشة بين المراقبين.
وبدأت في العاصمة السودانية الخرطوم أمس، اجتماعات وزراء الموارد المائية بدول مصر والسودان وإثيوبيا، بمشاركة ممثلي وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، لاستكمال المباحثات بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي.
وعلى مدار 8 سنوات دخلت مصر والسودان وإثيوبيا في أكثر من 20 اجتماع على المستوى الوزاري وعشرات الاجتماعات الفنية والزيارات المتبادلة بين الثلاث دول دون نتيجة.
وقال وزير الري الإثيوبي سيلشي بقلي، إن "الاجتماع يهدف لمناقشة آلية تعبئة حوض بحيرة سد النهضة"، فيما عبر وزير الري محمد عبد العاطي، عن أمله في التوصل لتفاهمات بشأن عملية تعبئة حوض سد النهضة، وقال: "مستعدون للتفاوض بشكل صادق لحل الخلافات فيما بيننا".
الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، قال إن تصريح الوزير الإثيوبي "يعد استمرارًا لتصريحات إثيوبيا التي تشير إلى أن المرحلة الأولى من ملء السد ستبدأ في 2020"، الأمر الذي وصف بأنه "مستفز"، لا سيما أن هناك مفاوضات جارية الآن في الخرطوم.
وأضاف في تصريح إلى "المصريون": "القول بأن إثيوبيا كان عليها الانتظار لحين انتهاء المفاوضات، ليس في محله وإن كان هذا هو المفترض حدوثه، ذلك أن إثيوبيا منذ البداية ضاربة بكل الأعراف والتقاليد عرض الحائط، كما أنها لم توقف البناء منذ البداية رغم الخلافات الكثيرة حوله، وبالتالي صرحت بذلك".
وتابع شراقي: المرحلة الأولى ستبدأ بتشغيل 2 توربين وستكون بسعة تخزينية 14 مليار متر مكعب ولن تكون بأعلى من ذلك، مضيفًا أن تشغيل المرحلة الأولى في 2020 بينما التشغيل النهائي سيكون في 2022 أو 2023، لأن "الأمطار تتساقط بكثافة خلال هذه الفترة".
من جهته، قال الدكتور حسام رضا، خبير الموارد المائية، إن إثيوبيا كان من المفترض عليها انتظار ما ستسفر عنه الاجتماعات الجارية بالخرطوم ، موضحًا أن 15 يناير المقبل هو الموعد المحدد لإعلان النتائج النهائية يشأن مفاوضات سد النهضة.
وأضاف لـ"المصريون"، أن الموقف الإثيوبي لم يتغير كثيرًا على الرغم من أن هناك مفاوضات كثيرة تمت، لأنه "لا يعبأ بأي قوانين أو أعراف، ما يجعله يصدر مثل هذه التصريحات غير المسئولة".
وأشار رضا إلى أن "هناك معلومات كثيرة عن المفاوضات غير معلنة ولا يعرفها أحد"، معتبرًا أن "ذلك من الأخطاء التي يتم ارتكباها، لا سيما أن من حق الشعوب معرفة كافة التفاصيل؛ لأن القضية مسألة حياة أو موت"، على حد قوله.
وتتركز الخلافات بين مصر وإثيوبيا في مفاوضات السد حول نقطتين رئيسيتين، الأولى سنوات الملء والتشغيل، حيث تطالب مصر بمراعاة حالة الفيضان في النيل الأزرق وبالتالي تحديد سنوات الملء، حسب حالة الفيضان مع تخصيص 40 مليار متر مكعب من المياه لها سنويًا طيلة سنوات الملء، فيما ترفض إثيوبيا ذلك.
أما النقطة الثانية فتتمثل في طلب مصر الحفاظ على منسوب المياه ببحيرة ناصر عند 165 مترا لضمان تشغيل السد العالي وتوليد الكهرباء وتلبية احتياجاتها المائية في سنوات الجفاف، فضلا عن التنسيق في إدارة سدي النهضة والسد العالي، طبقا لآلية إدارة السدود على الأنهار المشتركة وهو ما ترفضه إثيوبيا أيضا.
وقبل شهور، أعلنت مصر وصول مفاوضات سد النهضة لنفق مظلم، لا سميا بعد التعنت الإثيوبي ورفضه لكافة المقترحات المصرية لإنهاء الأزمة.
إذ أعلن المهندس محمد السباعي المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أن مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا، وصلت إلى طريق مسدود، نظرًا للتعنت الإثيوبي.
وأضاف أن هذه النتيجة بسبب تشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة الأطروحات التي تراعى مصالح مصر المائية وتتجنب إحداث ضرر جسيم لمصر.
وعقب هذا الإعلان، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن دعمها للمفاوضات الجارية بين مصر وإثيوبيا والسودان للتوصل إلى اتفاق تعاوني ومستدام ومتبادل المنفعة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
وذكر بيان صادر عن البيت الأبيض وقتها، أن الإدارة الأمريكية تدعو جميع الأطراف إلى بذل جهود تتسم بحسن النية للتوصل إلى اتفاق يحفظ حقوق الجميع لتحقيق الازدهار والتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى احترام دول وادي النيل لبعضهم بعضا فيما يخص حقهم من المياه.