الجمعة 22 نوفمبر 2024
توقيت مصر 19:16 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

الشعراوي.. والغوغائية المظلمة!

أنا مُحب للشعراوي، وإن كنتُ أدرج د.مصطفى محمود رحمهما الله في طبقة أعلى، وأرى أن وصف الأول بأنه "مُعاد للعلم".. أراه مُغاليًا وظلمًا يعوزه العدل والإنصاف.
بل إن الشعراوي، كان يستخدم "العلم" في التفسير وفي مقارباته للنص، وتذليله ليُسهل على السامع هضمه.. وأنا دراستي الجامعية كانت في "الكيمياء"، ودرستُ بها الطريقة العلمية في التفكير، والتي كنا نتعلمها لحل ما يصادفنا من المشاكل داخل المعامل، أثناء التجارب العملية والمعملية.. وأعي جيدًا ما أقول بشأن أداء الشعراوي واستناده إلى الظواهر العلمية في "خواطره" القرآنية.
ولعلي أتذكر تناوله لجدول "مندليف"، لترتيب العناصر، بحسب عددها (أو رقمها) الذري، والذي يعني عدد البروتونات (الموجبة) الموجودة في نواة الذرة أو عدد الإلكترونات (السالبة) التي تدور حولها فيما يسمي بـ"مستويات الطاقة".
وأظن أن الشعراوي شرحها بعبقرية شديدة الذكاء تفوق الطريقة التي سمعتها من أستاذي في الجامعة.
والحال أن هذا كله لم يشغلني، ولكن ما حملني على كتابة المقال، هو رد فعل الإسلاميين، على نقد الشعراوي أو الهجوم عليه: ما المشكلة؟! ماذا سيحدث حال أعيد قراءة الشعراوي قراءة نقدية.. سواء كانت موضوعية أو متجاوزة أو جارحة؟!.. لماذا نقلق من طرح الأسئلة؟! لماذا يعترينا الفزع حال اقترب أحد بالنقد لداعية إسلامي مهما بلغ حبنا، وتوقيرنا له.. ومهما كانت منزلته العلمية أو درجة ورعه وتقواه؟! لماذا يغضب الإخوان له الآن، وهم نكلوا به في حياته وخاضوا في عرضه وأساءوا إليه (تذكروا نشر صورته على غلاف مجلة الدعوة الإخوانية، والسيجارة في فمه)؟!
لا أحد يعلو على النقد والمراجعة والأخذ منه والرد.. حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم أقيم عليه الحد وجُلد لخوضه في عرض عائشة (حادث الإفك).. وخاض الإمام مالك في عرض صاحب السيرة ابن إسحاق ووصفه بأنه "دجال من الدجالجة"..
ورد عليه ابن إسحاق وقال: "ائتوني ببعض كتب مالك حتى أبين عيوبه، أنا بيطار كتبه".. ويمكن مراجعة رأي الذهبي في "البخاري" وأزمة الأخير مع الإمام الذُهلي بلغت أن قال الذهبي في ترجمة الذهلي: روى عنه خلائق، منهم: ومحمد بن إسماعيل البخاري، ويُدلِّسُهُ كثيرًا!، لا يقول: محمد بن يحيى!! بل يقول محمد فقط!! أو محمد بن خالد!! أو محمد بن عبد الله، يَنسبهُ إلى الجدّ، ويُعَمِّي اسمه، لمكانِ الواقع بينهما! غفر الله لهما".
هؤلاء هم الصحابة والتابعون.. فلمَ لا نتبعهم ونتبع سبيل الغوغائية وسب وشتم كل من يقترب بقول أو نقد لكل من نحب من مشايخ ودعاة ورموز إسلامية؟!