الأحد 24 نوفمبر 2024
توقيت مصر 22:06 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

الطلاق النفسي

عادل عامر 2
يخطئ من يتصور أن للطلاق صورة واحدة هي التي تعارف عليها الناس، من إطلاق لفظ الطلاق وإتمام اجراءاته، فللطلاق صور أخرى قد تكون أنت أو تكونين أنتِ بطلة قصتها دون أن تعلم أو تعلمين.
الطلاق العاطفي: ويطلق عليه البعض الطلاق النفسي وهو الذي تستمر فيها العلاقة الزوجية أمام الناس فقط، لكنها منقطعة الخيوط بصورة شبه كاملة في الحياة الخاصة للزوجين
فالطلاق النفسي هو وجود حالة من الجفاف العاطفي والانفصال الوجداني بين الزوجين، وبعد كل منهما عن الآخر في أغلب أمور حياتهما.
فالحياة الأسرية مستمرة، بل قد ينجح طرفاها في إخفاء ما فيها من مشكلات وما بينهما من جفوة، إلا أن الطلاق العاطفي يكون حاضراً فيها.
وهذه الظاهرة ليست نادرة الوجود بل هي ظاهرة منتشرة؛ ففي تقرير لمجلة "بونته" الألمانية توضح الإحصائيات أن تسعًا من كل عشر سيدات يعانين من صمت الأزواج، وانعدام المشاعر بين الأزواج المرتبطين منذ أكثر من خمس سنوات.
وتشير الأرقام إلى أن 79% من حالات الانفصال تكون بسبب معاناة المرأة من انعدام المشاعر، وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها، وعدم وجود حوار يربط بينهما، وهذه أهم أعراض الطلاق العاطفي والتي نوضحها فيما يلي.
علامات الطلاق العاطفي:
-    وجود حالة من الصمت بين الزوجين، يفشل كلاهما أو أحدهما في كسرها أو اختراقها بأي حال.
-    الانسحاب بشكل جزئي أو كامل من فراش الزوجية.
-    عدم وجود اهتمامات مشتركة أو أهداف مشتركة يجتمع عليها الزوجان.
-    الهروب من المنزل باللجوء للخروج والسهر والسفر بالنسبة للزوج أو تكرار زيارات الزوجة لأقاربها وما شابه، والهروب داخل المنزل بالانشغال بالصحف والتلفاز والحاسوب وغيره عن التواصل مع شريك الحياة.
-    وجود حالة من السخرية والاستهزاء واللامبالاة باهتمامات الآخر ومشاعره، بل من أي محاولة لكسر جمود العلاقة ومنحها قدر من الدفء.
-    الشعور بأن استمرار الحياة الزوجية من أجل الأولاد فقط أو من الخوف من خوض تجربة الطلاق وحمل لقب مطلق أو مطلقة أمام الناس.
-    عدم وجود إحساس بالاختلاف عند بعد الزوجين عن بعضهما، أو قربهما، بل قد يسود لدى الزوجين حالة من الراحة عند ابتعادهما عن بعضهما البعض.
-   عند وجود هذه الأعراض فيمكننا أن نقول إن الطلاق العاطفي واقع تعيشه هذه الأسرة، ولابد من تداركه حتى لا تتسع الفجوة ويواجه الزوجان مشكلة الانفصال الكامل أو الطلاق الفعلي.

من أسباب الطلاق العاطفي:
-    عدم وجود تكافؤ بين الزوجين، من الناحية الاجتماعية والثقافية والتعليمية بل والعمرية، وهذه الفجوة تظهر بجلاء مع مرور الوقت، حيث يكون لهيب العاطفة الأولى قد هدأ وبدأت الفوارق تتضح وتتكشف مع الأيام.
-    وجود مشكلة كبرى تفرض وجودها على المناخ الأسري كعدم الإنجاب، أو العجز المادي، أو مشكلة في العلاقة الخاصة أو تدخل الأهل.
-    عدم تعود أحد الزوجين أو كلاهما على التعبير عن مشاعره والاكتفاء بالصمت نظراً لطبيعة النشأة وأسلوب التربية.
-    مرور عدة سنوات على الزواج مما جعل الملل والرتابة تتسرب وبقوة داخل المناخ الأسري.
-    مرور الزوج أو الزوجة بأزمة منتصف العمر وعدم إدراك الطرف الآخر لطبيعة هذه المرحلة مما يزيد الفجوة النفسية بين الزوجين.

كيف تتجنب الأسرة الطلاق العاطفي:
-    لابد من الحرص على التكافؤ والتوافق بين الزوجين عند الاختيار لتجنب الفوارق الكبيرة التي قد تؤدي لحدوث الطلاق العاطفي.
-    لابد من المصارحة الآنية بأي مشكلة يشعرها أحد الأطراف تجاه الآخر بلغة هادئة وأسلوب حاني يغلب عليه الثناء وانتقاء الألفاظ مما يساعد على استمرار الحوار وحل المشكلة.
-    عدم ترك فترة من الخصام بعد حدوث أي مشكلة لأن طول فترة الخصام تؤدي لاشتعال الحقد في القلوب وتراكم مشاعر الكراهية، وفي ذلك قال أبو الدرداء لأم الدرداء: "إذا رأيتني غضبا فرضني وإذا رأيتك غضبى رضيتك وإلا لم نصطحب"
-    لابد من التخلص من مفهوم "بذلت ما في وسعي" فأغلب المشكلات تنتج من شعور الزوج أو الزوجة بأنه قدم كل شيء بينما لم يقدم الطرف الآخر أي شيء، وهذا يوقعه دائماً في الشعور باليأس وبأنه ضحية، وبأن الطرف الآخر ظالم ومتعدي، ولكن عليه أولاً الاعتراف بالجوانب الإيجابية وصور العطاء لدى الطرف الآخر.
-    عند شعور أحد الأطراف بتقصير الطرف الآخر، فيمكن نقل السلوك الإيجابي له بالعدوى والمعايشة، فمثلاً شكوى الزوجة من عدم اهتمام زوجها بكلمات الحب، يمكن أن تبدأ هي بترديد هذه الكلمات سواء شفهية أو مكتوبة وتلح فيها حتى تنتقل بالتبعية للزوج، وكذلك عدم جلب الهدايا يمكن أن تبادر هي بذلك مما يجعل هذا السلوك ينتقل بدوره للزوج.
-    بث روح التجديد للحياة الزوجية، خاصة مع مرور فترات طويلة على الزواج، فالتجديد قانون الحياة ولابد من أن يتجدد المظهر والجوهر والأفكار والمشاعر ونظام الحياة ككل.

الطلاق النفسي» قائم من أحد الطرفين فقط دون علم أو وعي الآخر، وهو عندما يشعر الطرف الأول بعدم الرضا لاستمرار علاقته مع الطرف الثاني لكنه يصبر على هذا الشعور ويكبته خشية الوقوع في براثن الطلاق، وهذا النوع غالباً ما تكون فيه المرأة هي الطرف الواعي لحالة الطلاق النفسي دون علم أو إدراك زوجها، ويكون الطلاق النفسي في كثير من الحالات عن طريق طرف واحد، في حين أن الآخر يجهل ذلك كلياً،
وإذا كان الطلاق النفسي عن طريق المرأة، فإن العلاج يكون أصعب خاصة إذا وصلت المرأة إلى قناعة بعدم أهلية زوجها للقيام بدور الرجل في حياتها، لأن هذه القناعة تعني بصورة آلية حدوث الطلاق النفسي مستقبلاً حتى ولو استمرت في زواجها بشكل طبيعي وإن أنجبت
أما عن أسباب الطلاق النفسي بين الزوجين فهي «الاختلاف الثقافي الكبير، اختلاف الأعمار بشكل كبير، عدم تكيف كل طرف مع رغبات الآخر، والتغيرات الفسيولوجية بسبب انعدام التبويض وانخفاض نسبة هرمون الاستروجين والبروجستيرون في الدم، ويؤدى شعور أحد الطرفين أو كليهما بعدم التكافؤ مع شريكه سواء في المستوى الاجتماعي أو المادي أو التعليمي أو في الطموح أو في الميول والرغبات والقناعات إلى ابتعاده عنه شيئا فشيء!!

آثار الطلاق النفسي على الزوجين:
«الانسحاب من فراش الزوجية، وغياب الاحترام واللين والرفق بين الزوجين، وعدم الاشتراك في أنشطة مشتركة، وشيوع السخرية والاستهزاء والإهمال والأنانية واللامبالاة باحتياجات ومتطلبات ولآلام كل طرف، اللوم المتبادل والأكل والشرب بشكل منفصل، والهروب المتكرر من المنزل أو جلوس الزوجين في أماكن منفصلة داخل بيت الزوجية وتبلد المشاعر وجمود العواطف وجرح مشاعر الطرف الآخر بكلمات مؤذية وشيوع الصمت وضعف التواصل وغياب لغة الحوار في الحياة الزوجية»

علاج الطلاق النفسي:
إليك بعض النصائح الهامة لعلاج تلك المشكلة.
- زيادة الصراحة والوضوح والمرونة في العلاقة الزوجية، وإتاحة المجال لكل منهما ليقول ما لديه مع ضمان استماع الطرف الآخر.
- فتح مجال أوسع لكل من الزوجين ليشعر بالاطمئنان داخل العلاقة الزوجية، وزيادة انتباه وتقدير كل منهما للآخر.
- زيادة قدرة كل من الزوجين على التكيف المطلوب لحل المشكلة، وفهم كل منهما لسلوك الطرف الآخر. ‏
- على الزوجة تعلم فن الدبلوماسية مع زوجها، واللجوء إلى المديح والثناء وفي كل الأمور بدءاً من شكله وطلعته إلى طريقة كلامه وتعاملاته، والجميل في كيل المدائح أنها معدية فتنتقل إلى الزوج ويرد الجميل.
- اختاري كل يوم كلمة تناديه بها أو تقولينها له على الهاتف، واعترفي بمشاعرك تجاهه وخاطبيه بكلمات الغزل، فيتشجع ويبادلك بكلام أرق وأجمل تجلب لكما الراحة

وتفرض عليكما التقارب والألفة والحميمية، وبرأيي أنه يجب على المرأة أن تجهر وتعبر عن حبها، لأن الرجل غالباً ما يكون من النوع الصامت الذي لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره. إن العصبية والخلافات الزوجية المتكررة مؤشرات على قرب وقوع الطلاق النفسي، ودخول مرحلة الخطر فالزوج في هذه الحال لا يكره زوجته ولا يحبها، أو العكس مما يؤدي إلى إصابة حياتهما بالتبلد. الحوار هو أساس الحل في أي مشكلة بين الزوجين.
فالصمت يؤدى إلى تفاقم المشكلات. لذلك الطلاق النفسي يتم بين الزوجين فهو لا يكون على الورق ولا يتم فيه الانفصال التام بينهما، حيث يعيشون في بيت واحد وتحت سقف واحد، ولكن كل من الطرفين يعيش في حياة منفصلة عن الأخرى ولا تربطهم أي علاقات بينهم حيث تبدأ بعد الكلام فيما بينهم ولا يكون هناك علاقة حميمية.
الفرد حين ينوي الطلاق يكون تفكيره قائمًا على الخلاص، لكن ما يشعر به عقب ذلك من وحدة وعدم استقرار يضعه في أتون حياة صعبة. فلا شك أن كل الأطراف تكون خاسرة، حيث تفقد الزوجة الدعم والأمان والحماية التي يوفرها لها الزوج،
وهو الآخر يخسر الحضن الدافئ والسكن النفسي والراحة التي تحققها لها زوجته، علاوة على عودته مرة أخرى لحياة العزوبية، وعدم وجود من يهتم بشؤونه، وبعض الرجال يهرب من خيال زوجته السابقة بالزواج السريع من امرأة أخرى ليسترد جزءا من اعتباره وكبريائه المحطم، ولكن الحقيقة التي لا مناص منها أن الزوج يدخل في دوامة المقارنة ما بين طليقته وزوجته الجديدة، خاصة لو كان مغرمًا بطليقته.
وتزداد المشكلة تعقيدًا عندما يوجد أطفال، فإلى جانب تشتتهم بين الأبوين، فإن الأب مطالب بالإنفاق عليهم ورعايتهم عن بعد وهو عبء عسير آخر يتحمله. ولا شك أن التأثير سلبي وكبير على الأطفال سواء عاشوا مع أمهاتهم أو آبائهم،
 لأن الأسرة هي أول بقعة ضوء تتجلى فيها للطفل القيم والنظرة إلى العالم، وتسمح للصغير بالنمو والحفاظ على التوازن والاستمرار، والطلاق يشوه في داخل الطفل نقاءه وعالمه المثالي فيسيطر عليه الحزن والقلق،
وقد يحدث هذا شرخًا في نفسيته يحمله معه إلى الكبر فيصبح انطوائيًا ويفقد الطموح ويتراجع وينهزم أمام أقل الصعاب، وأكبر الآثار سلبية على أطفال المطلقين عندما يحاول أحد الطرفين تشويه صورة الآخر أمام أبنائه،
 كأن يقول الأب لأطفاله: إن أمكم لا تحبكم، وهي امرأة لا تصلح كزوجة وأم... إلخ، أو تحاول الأم أن تزرع الكراهية في نفوس الأبناء تجاه أبيهم، وما أقساها من سلوكيات انتقامية خاطئة كفيلة بأن تدمر حياة هذه البراعم الغضة، وتؤثر على مستقبلهم.