الأحد 22 ديسمبر 2024
توقيت مصر 04:49 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

الصواريخ زخات زخات.. عرشك نعشك يا أحمق

كان المستشار طارق البشرى رحمه الله يقول لأصدقائه عبارة صوفية رقيقة ويكررها كثيرا (لله فى كل نَفَس مائة ألف فرج قريب) وهذه حقيقة بل ومن عيون حقائق الحياة,, فهو سبحانه بيده ملكوت كل شىء وهو على كل شىء قدير.. وكان رحمه الله يقول دائما على الصراع مع إسرائيل: (الأمان فى العمق)مستشهدا بقول أحد البحارة الماهرين (إذا هبت عليك الأمواج والعواصف فعليك بعمق البحر حتى تنجو من تلاطم الصخور).    وكان دائما ما يصف الصراع مع إسرائيل قائلا: لسنا طرفا فى صراع بين( متنازعين) ولكننا نحن (موضوع الصراع ) وأحد طرفيه فى ذات الوقت ,, وهذا الوضع يعطينا مزية لا تكون لغيرنا قط .. وهى مزية لا ينفد معينها .. وكان يصف المقاومة من اليوم الأول للإنتفاضة الأولى 1987م  قائلا :ما من بلد غلبه المعتدون على أمره وانتهى جهاده ضدهم إلا برد المعتدى.. وقد تكسرت إمبراطوريات أمام هذا الصبر والتصميم والمصابرة وطول النفس ..لأنه  فى صراع الوجود وفى مجال الدفاع عن الذات يمكن للجماعة أن تُغلب مرة ومرات، ولكنها مجتمعة  أو منفردة لا تملك أن تتنازل عن الحق فى الوجود الحاضر أو فى البقاء  فى المستقبل.. والأجيال تتوالى ولا يؤثر فى حقوقهم ما انضغطت به إرادة أسلافهم.  

**** 

ومصداقا للعبارة الصوفية العارفة الكاشفة.. رأينا ما حدث فى فلسطين خلال أيام معدودات وكأنه الحلم الخاطف السريع فإذا بحقائق جديدة تتكون على الأرض وبأسرع ما يمكن ..                                                  ما هذا الذى يحدث؟ ولماذا فى أيام ذكرى النكبة الأولى 15 مايو 1948م والتى ستأتى بعدها ذكرى النكبة الثانية 5 يونيو 1967م (نكبة النكبات وأم الهزائم)؟ وما قصة حى الشيخ جراح الذى فجر كل ذلك ؟ وما الذى جعل الحمقى فى تل أبيب  يقتحمون المسجد الأقصى فى رمضان ويعتدون على المصلين والمعتكفين ؟                                                                                  

إنها قوة الله إن تولت ضعيفاً** تعبت في مراسه الأقـوياء..كما قال أمير الشعراء ..                             نحن أمام (مشهد قدرى) من أوله إلى أخره..ومن يقول لك أن نتينياهو رتب لكل ذلك إنقاذا لنفسه ولمستقبله السياسى..قل له أنت مخطىء وإذا أصر..رتب له ميعاد مع الفيلدمارشال خليفة حفتر أو مع عبد الملك الحوثى وودعه متمنيا له أوهاما وهيمة وخيالات خيولة وأتركه يمر مع من مروا.        

**** 

السلطة فى إسرائيل مسألة معقدة ومحكمة ومغلقة ومرتبطة إرتباطا وثيقا بدوائر أكثر إحكاما فى أمريكا وأوروبا وشرح ذلك يطول..علينا أن نقر ونشهد أن ما حدث ويحدث فى القدس وغزة الأن شكل مفاجأة حقيقية للجميع أجمعين ..تطوروتتابع الأحداث يشبه تطور وتتابع الليل والنهار..أنت أمام فجرسيتبعه إسفار وإصباح سيتبعه ضحى وظهر ..لقد رأينا بعيوننا الأيام الماضية نسقا لا تبدو فيه روائح البشر إلا بقدر أدوراهم المعدة لهم فيه .. وصح من قال(يغيب العقل عن أهل العقل حتى ينفذ قدرالله)..لو حماقة الدنيا كلها تجمعت  فى رؤوس أمان والشاباك ونتينياهو ووزير الدفاع بنى جانتس ورئيس الأركان أفيف كوخافى(إسمه كده)..لما انتجت مثل هذا الذى رأيناه..  

**** 

هل تتخيل أن(تل ابيب)تصبح مسرح عمليات عسكرية وألسنة اللهب تتصاعد فوق المبانى والكبارى بعد أن تقول قيادة الحماس أن ذلك سيحدث بعد ساعتين ويحدث فعلا؟ هل تتخيل مشهد  المستوطنين وهم يتزاحمون على الملاجىء فى عسقلان وسديروت وبير سبع ؟ هل تتخيل أن مطار بن جوريون يقصف ويجرى ويلهث فى ممراته وصالاته الركاب والمسافرون هل تتخيل أن الإقتصاد الإسرائيلى يخسر فى أربع أيام مليارات الدولارات ؟ ويتحول الى إقتصاد حرب لتموين الناس بالإحتياجات ..                                                          من أين لحماس كل هذه الصواريخ ..ومتى وكيف؟  

**** 

في عام 1994 اجتمع فى حيفا 250 خبيرا من كبار العلماء في أوروبا وأمريكا وكان الداعي لهذا الاجتماع شخصية مهمة في الأوساط العلمية والسياسية في إسرائيل معروفا باهتمامه بعلم (المستقبليات) يدعى(صمويل نيمان) وعمل إلي جانبه أحد أبرزعلماء الإدارة في إسرائيل ويدعى(آم مازور) كان الهدف من هذا الاجتماع هو وضع تصور لمستقبل إسرائيل بعد 25 عاما(2020م)..وتم تحديد 3 محاور يتم العمل عليها: * أين توجد إسرائيل بين الدول الصناعية الكبرى ؟ *علاقة يهود العالم بالدولة اليهودية ؟ * دوله إسرائيل في أجواء السلام ؟  

وفى عام 1997 م صدر العمل كاملا في 18 مجلدا بعنوان( لنحول الحلم إلي حقيقة) ومن أهم ما جاء فيه: يجب أن تكون إسرائيل ضمن الدول الصناعية الثماني من خلال الصناعات متناهية الدقة ..ويرى التقرير أنه بحلول عام  2027 م ستكون قوه إسرائيل لا يمكن قياسها إلى أي دوله عربيه عسكريا و اقتصاديا وستكون عاصمتها القدس الموحدة ..وسيكون بجانبها كيان فلسطيني في الضفة وغزه له إدارة ذاتية مع ربط الجيش والأمن بالدولة الإسرائيلية.. وليس هناك ما يسمى دوله فلسطينية كاملة السيادة..وليس هناك ما يسمى بحق العودة..وستقام علاقات دبلوماسية (كاملة)مع كل الدول العربية والإسلامية بلا استثناء( الكلام ده كان سنة 1994م).. والسلام لا يعنى إسرائيل إلا في أمرين: توسيع الاستثمارات /تعزيز الهجرة إلي إسرائيل..  

كل ذلك أوشك أن يصبح سرابا ودخانا يتطاير في الهواء ..ولك أن تتخيل أن إسرائيل المُصِدر الأول في العالم لأجهزة التجسس عاجزة عن تحديد أماكن منصات الصواريخ التى تنطلق من غزة وليس من كوكب عطارد وبالمئات وبشكل يومى وبإعلان توقيت زخاتها على المدن المستهدفة ..ليس هذا فقط بل وتقف دباباتها ومدرعاتها على مشارف غزة ولا تجرؤ على دخولها واحتلالها ومحو كل العار الذى لطخ سمعة(جيش الدفاع) مهما كان الثمن في حرب مدن وشوارع ..إنها سمعة (أفيف كوخافى) ذات نفسه..(أسمه كده).                                                                             عرشك نعشك أيها الأحمق البائس يا ( حارس الأسوار) المغوار. 

**** 

(..لغة حماس الجديدة باتت تمتاز بجرأة وثقة بالنفس حدودها السماء وهي مفردات جديدة علينا فى إسرائيل .. جولة التصعيد الحالية باتت أبعد من(القدس) وهناك هدف واضح لدي حماس وهو تثبيت رسالة في الوعي الفلسطيني أنها  قلب وعقل وصوت القضية الفلسطينية وفى القلب منها القدس ..)هذا ماقاله أحد الخبراء الاسرائيلين وأضاف : وأثبتت أيضا للفلسطينيين أن الكفاح المسلح ليس مجرد شعار وأنها لا تزال مستعدة للتضحية ودفع أغلى الأثمان من رجالها وكوادرها . 

دعونا نقارن بين الغارات الألمانية الشهيرة على (لندن) من (سبتمبر 1940 الى مايو 1941م) وغارات اسرائيل  الأن على (غزة)وهدمها للبيوت والمستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه والصرف.. وتلك الاتهامات التي تكيلها إسرائيل إلى المقاومة الفلسطينية في غزة بأنها تعرض حياة الناس للموت وتستخدم المدنيين (دروعا بشرية ).. ونستون تشرشل _لمن لا يعلم _وضع أهل لندن تحت رحمة قصف الطائرات الألمانية وكان يختبئ في مخبئه تحت الأرض فى(10 داوننج ستريت )وعندما عرض الألمان هدنة رفضها .. و كان الطيارون الألمان يوجهوا نداءاتهم لأهالي لندن بإخلائها  لكن تشرشل كان يدعوهم إلى البقاء في منازلهم..ويقول لشعبه ليس هناك غير الدم والعرق والدموع..وفى النهاية من انتصر ومن انهزم ..؟؟ ومن بقى ومن زال ورحل. 

**** 

وفى النهاية دعونا نتأمل ما قاله روني دانيال(74عاما) المحلل العسكرى الشهير للقناة الثانية الاسرائيلية وهو من أصل عراقى على فكره والذى قال :أنا غير مطمئن أن أولادي سيكون لهم مستقبل في هذه الدولة ولا أظن أنهم سيبقون في هذه البلاد. 

نهاية إسرائيل مسألة وقت ..لا أكثر.. نعلم ذلك من قبل .. والأن وبعد تلك النقلة القدرية لكل الوقائع والمجريات نكاد نراه على أفق الشفق ..بل وأقرب.  

=== 

نشر بموقع المصريون 

تويتر @elhamamy