3 من شباب الجماعة بتركيا يتخلصون من حياتهم بسبب المعانة المادية
الإفتاء: القيادات المسئول الأول.. الشباب دخلوا فى مرحلة يأس متأزم
عيد: إحباط متزايد بين شباب الإخوان بسبب زيف وكذب القيادات.. والزعفرانى: يعانون من تشتت واضطراب نفسى نتيجة الأزمات التى تعصف بهم
خبير نفسى: هؤلاء ليسوا إخوانًا من الأصل.. ولكن انضموا للجماعة بعد 30 يونيو
شهدت الفترة الماضية، إقدام أكثر من شاب من المحسوبين على جماعة "الإخوان المسلمين" على الانتحار للتخلص من حياتهم، فيما اتجه آخرون إلى طريق الإلحاد، الأمر الذي يعزوه مراقبون إلى أسباب مادية في المقام الأول، في ظل الأزمة المالية التي تصف بالجماعة، جراء نقص التمويل الذي تحصل عليه من مؤسسات وجهات مختلفة داعمة لها وسياساتها، ووضع الموارد المالية في يد مجموعة من القيادات.
ومؤخرًا، كشفت تدوينة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" نشرها شاب مصرى مقيم فى إسطنبول عن إقدام 3 من شباب "الإخوان" الهاربين لتركيا على الانتحار؛ بسبب رفض قيادات الجماعة دعمهم ماديًا.
وقال صاحب التدوينة ويدعى عمر مجدي: "أنا بس بفكر الناس إنه خلال الصيف الماضى انتحر 3 شباب خارجين من مصر لأسباب سياسية عمرهم دون 25 عامًا، فى ظل غياب كامل لأى مؤسسة دعم وعلاج نفسى فى إسطنبول".
وأضاف: "السبب هو عدم وجود دعم مادي، لكن فيه فلوس لعمل مخيم 3 أيام بميزانية تفوق 50 ألف دولار"، متابعًا: "رحم الله العقاد صاحب المقولة الشهيرة.. أتقطير هنا وتبذير هناك؟!".
وخلال الأشهر القليلة الماضية، فر العشرات من شباب الإخوان المقيمين بالخارج إلى بعض البلدان التىي مكن أن تمثل ملجأ أمانًا لهم، لا سيما بعد تخلى الجماعة وقياداتها عنهم وعدم دعمهم ماليًا.
وتعد كوريا الجنوبية من أبرز الدول التى لجأ إليها شباب الجماعة، حيث وصل إليها العشرات من أعضاء الجماعة، لكونها من الدولة التي تمنح حق اللجوء السياسي بشهولة.
وقالت دار الإفتاء إنّ تجاهل قيادات جماعة الإخوان وممارساتهم فىتركيا دفعت بعض شباب التنظيم للانتحار.
وأضافت، أن وحدة الرصد والمتابعة بالدار كشفت إقدام عدد كبير من شباب الإخوان الهاربين فى تركيا على الانتحار بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشونها نتيجة عدم وجود موارد مالية وعدت قيادات الإخوان بتوفيرها لهم من خلال صناديق الدعم التىتقوم قيادات الجماعة بتوفيرها من التبرعات، مشيرة إلى أن هذه التبرعات تجمعها من المراكز والجمعيات الخيرية التابعة لها فىدول مختلفة تحت أسماء وهمية.
الدار أوضحت أن ارتفاع معدل الانتحار بين شباب الجماعة الإرهابية لا يرجع إلى أسباب اقتصادية فى المقام الأول، بل هناك أسباب نفسية نتيجة حالة اليأس التى وصل إليها الشباب جراء الصدمة التى اكتشفوها فى قيادات الجماعة الإرهابية التى استخدمتهم كدروع بشرية يحتمون بها لتحصيل مكاسب سياسية، وعندما فشلوا فى ذلك تاجروا بالشباب لتحصيل منافع مالية قام قادة الجماعة الإرهابية بوضعها فى حسابات بنكية خاصة بهم.
وذكرت أن قادة الجماعة لم ينفقوا من هذه الأموال على رعاية الشباب الذين خدعوهم بمعاداة وطنهم والإقامة فى تركيا، حيث تأكد الشباب من ممارسة قياداتهم الكذب عليهم بأنهم سيجدون مناخًا جيدًا فى تركيا يمكنهم فيه بدء حياة جيدة، ولكن الشباب اصطدموا بعنصرية تركية من القيادة والشعب تمارس منهج قادة الجماعة فى المتاجرة بقضيتهم لتحقيق مكاسب سياسية على المستوى القارى أو الشرق أوسطي.
وبحسب التقرير، فإن تلك الأسباب مجتمعة أسهمت فى دخول شباب الجماعة حالة يأس متأزم أسهمت فى فقدانهم الرغبة فى الحياة بعدما تبينوا ضياع زهرة شبابهم وراء سراب وخداع تسبب فى معاداتهم لوطنهم.
وأشارت "الإفتاء" إلى أن هناك حالة من الشعور بالاغتراب للشباب المنضم إلى جماعة الإخوان بتركيا بعد انكشاف الحقائق عن زيف ادعاءات الجماعة، الأمر الذىيدفعهم نحو الانتحار عندما لا يجدون قوت يومهم، بينما تنفق قيادات الجماعة عشرات الآلاف من الدولارات لإحياء ذكرى تأسيس الجماعة وغيرها من المناسبات التاريخية فى أذهان تلك القيادات، متجاهلين العناية بشأن الشباب الذين أقدموا على التضحية بأنفسهم ومستقبلهم إيمانًا بذلك الوهم الذى خدعهم به قيادات "الجماعة الإرهابية".
ووفقًا للتقرير، فإن تكرار وقائع الانتحار بين شباب الإخوان تؤكد التصريحات التى أدلى بها "الإخواني" الهارب "أمير بسام" فى يوليو الماضى بأن قيادات من جماعة "الإخوان" أنفقت أموالًا باهظة على عائلاتهم من بينها ما كشف عنه بأن نجل القيادى الإخوانى محمود حسين قام بشراء سيارة فارهة بمبلغ 100 ألف دولار فى الوقت الذى يعانى فيه شباب الجماعة من الشح المالي.
وأوضحت أن هذا الأمر نتج عنه الدخول فى صدامات بين قيادات الجماعة وعدد من الشباب بتركيا فى الوقت الذى تخصص فيه الجماعة عناصرها فى الخارج لجمع تبرعات مالية تحت شعارات دعم الشباب، إلا أن هذه التسريبات تؤكد تخلى القيادات عن الشباب وبأن المصلحة الشخصية هي الغالبة عليهم.
سامح عيد، القيادي السابق بالجماعة، والباحث في شؤون الحركات الإسلامية، قال إن "هناك حالة إحباط عام لدى الشباب، غير أنها تزداد لدى شباب الإخوان خاصة الهاربين والمقيمين بالخارج"
وعزا إقدام بعضهم على الانتحار والإلحاد إلى أسباب كثيرة، منها أن ما تشهده الجماعة خلال هذه الفترة لم تمر به على مدار تاريخها، إذ إنها "بعدما وصلت للحكم اعتقدت أنها سيطرت على كل شيء وملكت الدنيا، لكن بعد فترة وجيزة تمت الإطاحة بها ووجدت نفسها مطاردة ولا تملك شيئًا، ما أصاب البعض منهم بالإحباط واليأس".
وأشار إلى أن "هذا اليأس زاد بشكل ملحوظ بمرور الوقت، فبعد الإطاحة بها كانت تقول للشباب إنهم سيعودون إلى السلطة، وإن الأمر قد بات وشيكًا، غير أنه بعد مرور السنوات اكتشف الشباب أن كل هذا زيف وغير صحيح، وأن الأمور تتعقد أكثر وبالتالى يأس البعض وأقدم على الانتحار للخلاص مما هم فيه".
الباحث في الحركات الإسلامية، أكد أن "الأزمات الاقتصادية والضغط النفسي، وامتناع قيادات بالجماعة عن دعم بعض الشباب، وحرمانهم من الوظائف لعدم الموالاة لهم أصابهم بحالة من الصدمة، حيث اكتشفوا زيف هؤلاء القيادات وأن تصريحاتهم ما هي إلا شو، ما دفع بعضهم إلى الانتحار، يأسًا من تلك الأوضاع التي يعيشونها".
ولفت إلى أن "التسريبات التى ظهرت خلال الفترة الماضية، وكشفت عن مظاهر البذخ والترف الذى يرفل فيه قيادات الجماعة هو أحد العوامل الدافعة لإلحاد وانتحار بعضهم، فبينما تطالبهم القيادات بالصبر والتحمل ينفقون هم الملايين ليحيوا هم وأسرهم".
وتحدث عيد عن أسباب أخرى كانت سببًا فى إقدام عدد من الشباب على الانتحار والإلحاد، منها "فقدان الثقة بحسن البنا، مؤسس الجماعة، إذ أن الكثير من هؤلاء الشباب يثقون به، وقيادات الجماعة، لكن تبين أن كل هذا غير صحيح فقد بعضهم الثقة بالإيمان، ومن ثم أقدموا على الإلحاد".
ومضى قائلًا: "حالات الانتحار والإلحاد في صفوف شباب "الإخوان" ولا يستطيع أحد إنكارها وهناك منها ما هو موثق، وليقولوا ما يشاؤون، فهى موجودة وإن أنكروها".
بدوره، قال خالد الزعفراني، القيادى السابق بالجماعة، والباحث فى الحركات الإسلامية، إن "شباب الإخوان، في ظل التغيرات التي مرت بها الجماعة خلال السنوات الأخيرة مروا بحالة من التشتت الفكرى، انعكس على أحوالهم على المستويات كافة".
وأضاف لـ"المصريون": "الاضطرابات النفسية التي يمر بها شباب الإخوان جاءت نتيجة للانشقاقات التي واجهتها الجماعة، وانهيار الثقة بها، وفى ظل أحوالهم المتدنية، يرون القيادات يعيشون فى رغد من العيش، ولديهم أموال طائلة، فى الداخل والخارج، بينما شبابها يعيشون فى أحوال سيئة".
وأشار إلى أن "هذا تسبب فى معاناتهم من أمراض نفسية، بسبب الصراع مع أنفسهم الذى خاضوه لوقت طويل، ما أدى إلى تدهور أحوالهم الصحية والذهنية، فهم يومًا ما وثقوا بالجماعة، وعاشوا فى خيالها، ولكن انقلبت الموازين، فأصبحوا خارج البلاد خاصة فى تركيا، وعليهم قضايا ومحاكمات ولا يستطيعون العودة إلى البلاد".
وقال إن من "أهم أسباب انتشار حالات الانتحار بين شباب الجماعة، الضائقة المالية التي يعانون منها، خاصة أنهم يقيمون في خارج البلاد مع ذويهم، ولا يستطيعون الإنفاق عليهم، بالإضافة إلى صعوبة تعليم أطفالهم لاختلاف اللغة، ما يتطلب نفقات مالية كبيرة".
وقال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسي، إن "هؤلاء الشباب ليسوا إخوانًا من الأصل، ولكنهم انضموا إلى الجماعة لاحقًا، فهناك فروق بين الإخوانى الذى نشأ فى مدارسهم وبين شاب آخر انضم لهم".
وأضاف لـ"المصريون"، أن "شباب الإخوان هم المولودين لأب وأم من نفس الجماعة، لا يمكن لهم أن يتخلوا عنها أو يتنازلوا عن انتمائهم لها أو يشككوا فيها، أما هؤلاء الذين أقدموا على الانتحار من انضموا لهم بعد ثورة 30 يونيو، وغادروا مصر عقب ذلك".
وأشار إلى أن "هؤلاء فُوجئوا بأن قادة الجماعة يعيشون عيشة هنية كريمة بينما هم لا يحصلون إلا على الفتات إن وجدوه"، لافتًا إلى أن "معظمهم كان ف ىسن المراهقة، ما أحدث بداخلهم اضطرابًا نفسيًا، وهو مصطلح معروف يسمى "تدهور سن المراهقة"، وهو ما أحدث حالة من الاكتئاب فى أنفسهم ودفعهم للانتحار".