ولد الفنان والملحن العبقري محمد فوزي، في الخامس عشر من أغسطس لعام 1918، وهو الابن الحادي والعشرين من أصل خمسة وعشرين ولدًا وبنتا، منهم المطربتان هدى سلطان، وهند علام، ورغم رحيل "فوزي" عن عالمنا منذ سنوات إلا أن أغانيه وألحانه ما زالت باقية في وجداننا العربي .
بدايته الفنية.. رسب كـ مطرب ونجح كـ مغني
وولد محمد فوزي في محافظة الغربية، وعشق الغناء منذ صغره، لذا تقدم وهو في العشرين من عمره، إلى امتحان الإذاعة كمطرب وملحن أسوة بفريد الأطرش الذي سبقه إلى ذلك بعامين، فرسب مطرباً ونجح ملحناً مثل محمود الشريف الذي سبقه إلى النجاح ملحناً.
غنى فوزي العديد من الأغاني، فقد وصل رصيده إلى 400 أغنية منها حوالي 300 في الأفلام،وكانت كلها من ألحانه، كما لحن للعديد من مطربي عصره أمثال محمد عبد المطلب وليلى مراد ونازك وهدى سلطان أخته ونجاح سلام، وغيرهم الكثير
رحله علاجه ورسالته الأخيرة
وعقب تأميم شركة الأسطوانات الخاصة به، بدأت المتاعب الصحية تظهر عليه، لدرجة أن المستشفى في ألمانيا لم يتوصل إلى معرفة مرضه الحقيقي ولا كيفية علاجه وأنه خامس شخص على مستوى العالم يصيبه هذا المرض حيث وصل وزنة إلى 36 كيلو، لذا فيما بعد أطلق على هذا المرض وقتها "مرض فوزي"، وهكذا دخل محمد فوزي دوامة طويلة مع المرض الذي أودى بحياته إلى أن توفي في 20 أكتوبر عام 1966م.
وفي نفس يوم وفاته، كتب محمد فوزي رسالته الأخيرة، ليهون بها عن روحه، لكنه توفى في نفس اليوم، حيث قال:"منذ أكثر من سنة تقريبا وأنا أشكو من ألم حاد في جسمي لا أعرف سببه، بعض الأطباء يقولون إنه روماتيزم والبعض يقول إنه نتيجة عملية الحالب التي أجريت لي، كل هذا يحدث والألم يزداد شيئا فشيئا، وبدأ النوم يطير من عيني واحتار الأطباء في تشخيص هذا المرض".
وأضاف:" كل هذا وأنا أحاول إخفاء آلامي عن الأصدقاء إلى أن استبد بي المرض ولم أستطع القيام من الفراش وبدأ وزني ينقص، وفقدت فعلا حوالي 12 كيلو جرامًا، وانسدت نفسي عن الأكل حتى الحقن المسكنة التي كنت أُحْقَن بها لتخفيف الألم بدأ جسمى يأخذ عليها وأصبحت لا تؤثر فيّ، وبدأ الأهل والأصدقاء يشعروني بآلامي وضعفىي وأنا حاسس أني أذوب كالشمعة".
وتابع:"إن الموت علينا حق.. إذا لم نمت اليوم سنموت غدًا، وأحمد الله أنني مؤمن بربي، فلا أخاف الموت الذي قد يريحني من هذه الآلام التي أعانيها، فقد أديت واجبي نحو بلدي وكنت أتمنى أن أؤدي الكثير، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة والأعمار بيد الله، لن يطيبها الطب ولكني لجأت إلى العلاج حتى لا أكون مقصرا في حق نفسي وفي حق مستقبل أولادي الذين لا يزالون يطلبون العلم في القاهرة.. تحياتي إلى كل إنسان أحبني ورفع يده إلى السما من أجلي.. تحياتي لكل طفل أسعدته ألحاني.. تحياتي لبلدي.. أخيرا تحياتي لأولادي وأسرتي".
واختتم حديثه، رسالته،"لا أريد أن أُدفن اليوم، أريد أن تكون جنازتي غدًا الساعة 11 صباحًا من ميدان التحرير، فأنا أريد أن أُدفن يوم الجمعة".