الإثنين 23 ديسمبر 2024
توقيت مصر 04:14 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا

عادل عامر 2
إن تأثير الفيروس على اقتصادات بعض البلدان في أوروبا وأميركا يكاد يكون معدوماً في ضوء "تواضع الروابط التجارية والسياحية مع الصين". إن الآثار الاقتصادية المباشرة لانتشار الوباء على اقتصادات أوروبا وأميركا سيكون أقل بدرجة كبيرة إذا ما قورن بالدول التي ترتبط بعلاقات أكبر مع الصين على غرار دول آسيا والمحيط الهادئ.
أن تؤدي تبعات كورونا إلى تآكل ما بين 0.05% و0.1% من الناتج المحلي الإجمالي لتلك البلدان لكل هبوط قدره نحو 1% من النتاج المحلي الإجمالي للصين وهي نسبة ضئيلة حين مقارنتها بالدول الأخرى التي ترتبط بعلاقات تجارية مع بكين.
 في الوقت الذي يكافح فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من أجل العودة إلى العمل بعد عطلة طويلة في السنة القمرية الجديدة، عكف المحللون والمصرفيون على إعادة النظر في تقديراتهم للأثر الاقتصادي للفيروس. 
أن الصين تواجه صدمة اقتصادية قصيرة ولكن أكثر حدة مما كان يعتقد في الأصل، وهي صدمة سيشعر بها جميع أنحاء العالم ومع ذلك،  فإن التوقعات بشأن مدى قسوة التأثير ستكون متباينة على نطاق واسع. إن البيانات الصينية غير الشفافة قد تعيق التقديرات بشكل واضح. “يقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الأول 4?” ويقارن ذلك بتقديرات الحكومة الصينية للنمو السنوي بنسبة 6 ? قبل ظهور الفيروس.
 ومع ذلك، إذا استمر عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا الجديدة المؤكدة في الانخفاض، فسيكون التأثير السلبي على النمو السنوي أقل بكثير. أن الفيروس يمكن أن يخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 5.0 ? هذا العام، مع تأثير الذروة في الربع الأول قبل أن يبدأ الانتعاش في الربع الثالث. ينظر العديد من الاقتصاديين والمحللين عن كثب إلى السابقة التاريخية لفيروس السارس في عام 2003.
 ولكن عندما ضرب السارس، كانت مساهمة الصين في الناتج المحلي الإجمالي العالمي 4 ? فقط ، مقارنة مع 15 ? في عام 2017 ، وكانت الشركات الصينية أقل اندماجاً في العالم، وكانت هناك شكوك بالفعل فيما إذا كان الاقتصاد الصيني قد يصل إلى معدل نمو 6? هذا العام. علاوة على ذلك ، “لا يزال هناك الكثير غير المعروف حول فيروس كورونا، بما في ذلك فترة حضانة الفيروس وفعالية تدابير الحجر الصحي في الصين
إن تباطؤ الاقتصاد الصيني جراء هذا الوباء ليس أمرا مفاجئا. يواجه قطاع الخدمات - الذي يشمل تجارة التجزئة والسياحة والفنادق والنقل، ويمثل أكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي للبلاد - تحديات هائلة. 
إن تعطيل هذا القطاع سيؤثر بدوره على قطاع التصنيع. وقد يؤدي القلق الدولي المتزايد بشأن استمرار انتشار الفيروس إلى تقييد التجارة والحد من تنقل الأشخاص. لكن السؤال الرئيسي هو ما إذا كنا نعتقد أن هذا الوباء سيستمر لفترة أطول؟
صحيح أن نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للصين الذي تجاوز 6 في المائة في الأعوام القليلة الماضية أبطأ بكثير مما كان عليه الحال في وقت اندلاع السارس. لكن لا يزال بإمكان السلطات الصينية أن تضمن انتعاشًا قويًا من خلال التعديلات المستهدفة للسياسة المالية والنقدية التي تدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم وشركات قطاع الخدمات المتضررة من وباء الفيروس التاجي.
يمكن تقدير الآثار الاقتصادية المترتبة على استمرار حالة الطوارئ بسبب تفشي هذا المرض، استناداً إلى خبرة سنوات الـ 17 الأخيرة. في ذلك الوقت، أزَّمة تفشي “سارس” الاقتصاد الصيني، وأثر على الاقتصاد العالمي بأسره.
التجارة الأقل، الانخفاض الحاد في عدد المسافرين إلى الصين ومن الصين إلى البلدان الأخرى، والانخفاض الحاد في أسعار الأسهم، کان من عواقب تفشي مرض “سارس” في هونغ كونغ في عامي 2002 و2003.
يمكن أن يكون التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا على الاقتصاد العالمي أشد بكثير مما تسبب به فيروس سارس. كانت حصة الصين من الاقتصاد العالمي حوالي 5? في فترة انتشار فيروس سارس في هونغ كونغ، بينما وصلت حصة الصين من الاقتصاد العالمي اليوم إلي أكثر من 16?. ووسط المخاوف المتزايدة من أن انتشار الفيروس المميت الجديد يمكن أن يشكل مخاطر سلبية على الاستهلاك المحلي
وعندما يتعلق الأمر بتقييم الصدمة المرتبطة بكورونا، يبدو أن ديناميات شكل حرف V أثرت بالفعل على كثير من الناس، حيث يرون أن معدل الإصابة في الصين بلغ ذروته، وأنه سينخفض بسرعة، ويرون أن الحالات خارج الصين محدودة، ويجرى تطوير اللقاحات بسرعة، وأن البنوك المركزية، بدءًا من بنك الشعب الصيني، قادرة ومستعدة لضخ سيولة هائلة لدعم الميزانيات وتسريع الانتعاش الاقتصادي.
 وبقدر ما آمل أن يحدث هذا بالفعل وبسرعة، فإنني أتذكر كيف يتم تعليم الاقتصاديين في وقت مبكر من حياتهم أن أسواق السلع تستجيب ببطء أكثر من الأسواق المالية، وهذا هو الحال مع فيروس كورونا، حيث بدأ التوقف الأولى المفاجئ بشكل أبطأ وتدريجي مقارنة بما شهده الاقتصاد العالمي خلال الأزمة المالية، وأخشى أن الأمر قد يستغرق وقتًا أطول لاستئناف النشاط الاقتصادي بمجرد تعطله بشدة.
نزراً لأن مصر من أكثر الدول تعداداً فى السكان بالشرق الأوسط، فهذا يجعلها من أكبر السواق الاستهلاكية في الشرق الأوسط لارتفاع حجم سكانها، كما تتمتع مصر بشبكة من الاتفاقيات التجارية الدولية التي تمكنها من أن تكون مركزاً للتجارة فى الشرق الأوسط إذا أُحسن استغلال هذه الاتفاقيات.
أن قطاع السياحة هو الضحية الأولى لهذه الأزمة الصحية العالمية، وبالنظر إلى أن الأزمة تتزامن مع رأس السنة الصينية، فإن الاضطراب وتكاليف الحد من السفر ستكون كبيرة للغاية. فهذا يؤثر على الآلاف من الشباب الصيني الذين يسافرون إلى الولايات المتحدة وأوروبا كل عام للحصول على التعليم العالي.
 والأخطر من ذلك هو تعطل سلسلة الإمداد بالتكنولوجيا المصنوعة في الصين والتي تعد ضرورية للغاية لصناعات السيارات، لاسيما في اليابان وكوريا الجنوبية، كما أنها ضرورية للمنتجات عالية التقنية التي تنتجها شركات مثل «آبل» التي تعتمد هواتفها الذكية على الأجزاء الصينية لتزويدها بمنتجات ذات جودة عالية بسعر منخفض. ومع تباطؤ الإنتاج الصناعي الصيني، كذلك سيقل الطلب على الوقود الأحفوري، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع أسعار النفط على الأقل في المدى القصير.
وستكون الأسواق العالمية قادرةً على التكيف مع هذه الاضطرابات، إذا ظل الفيروس موجوداً في المقام الأول في الصين دون غيرها من الدول الأخرى، وإذا احتشدت بقية بلدان العالم لمساعدة الصين على التصدي لأزمتها فائقة الحدة والخطورة.
 ويكمن الخطر في أن الاتهامات التي لا مفر منها بين الصينيين أنفسهم وبين الصين وشركائها التجاريين بشأن السلوك تجاه الفيروس، ستزيد من عدم الثقة وسترفع مستوى الخطر بين الصين وشركائها. وقد يكون لهذا كله تداعيات جيوسياسية خطيرة على العلاقات الدولية، لاسيما في مناطق الصراعات والنزاعات الحادة، بما في ذلك كل من بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي.
أن السوق المصرية متوافرة فيه جميع البضائع سواء المستوردة من الصين أو غيرها، وبالتالي لا داعي للقلق، ولن يكون هناك اي ارتفاعات للأسعار خلال الفترة المقبلة. أن الصين دولة كبرى وتعد ثاني أهم اقتصاد في العالم،
 وبالتالي لن تقف مكتوفة الايدي أمام فيروس كورونا، وبالتأكيد ستجد من الطرق والحلول للتغلب على هذا الفيروس كما حدث من قبل مع فيروس سارس. أنه بخلاف ذلك سيؤدي مزيد من انتشار المرض إلى ارتفاع في حالة عدم الأمان، وهو ما يجعل شركات الاستثمار أو البنوك تحجم عن منح القروض لتمويل العمل في مثل هذه الأماكن.