بحقيبة يد مثيرة للريبة، وصل "محاسب" إلى منزل حماته طالبا رؤية طليقته. طرق الباب لتفتح ابنته وشقيقها الأصغر فقابلهما بابتسامة مصطنعة تخفي مخططًا دمويًا سيحدث لاحقًا فماذا حدث في شقة مدينة الأوقاف؟.
قبل 18 سنة، تعاهد محاسب وزوجته على السير معًا مهما كانت الصعاب. الزوجان استقر بهما الحال في شقة بسيطة بحي إمبابة المكتظ بتعداده السكاني.
حياة هادئة حظي بها الزوجان أثمرت عن إنجاب بنت وولد فكانا بمثابة حبات الكريز لظروف اجتماعية تزداد صعوبة يومًا تلو آخر. لأكثر من عقد ونصف تشبث رب الأسرة وأم العيال بعهد قديم قطعاه على نفسهم "هنكمل المشوار سوا" لكن نار الشك التهمت الأخضر واليابس.
بينما يودع العالم عامًا ويستقبل جديدًا، كانت علاقة المحاسب وزوجته تلفظ أنفاسها الأخيرة، وساوس الشيطان وصلت إلى مرحلة تقض مضاجع الرجل الآمن لتنذر بانفجار قريب.
مواجهة حاسمة ألقت بكلمة الفصل، وصل قطار الزوجين إلى محطته الأخيرة "انت طالق". غادرت السيدة عش الزوجية إلى منزل أسرتها بحي العجوزة رفقة ابنتها 17 سنة وأخيها 10 سنوات لتكون على موعد مع المشهد الأيخر في حياتها تحت أنظار فلذتي كبدها ووالدتها.
مساء أمس الثلاثاء، هدوء أطبق على القسم العتيق القريب من كورنيش النيل، عاد للتو المقدم حسام العباسي رئيس مباحث العجوزة من جولة مكوكية تفقد خلالها الارتكازات جنبًا إلى ترأسه الحملات اليومية بمطاردة عناصر الشر من مروجي المخدرات وحائزي السلاح والهاربين من الأحكام.
كان يُمني النفس بدقائق يلتقط معها أنفاسه لكن رفيق يومه الأوحد "جهاز اللاسلكي" كان له رأي آخر.
على بعد أمتار من مستشفى إمبابة العام، وقعت جريمة احتضنها العقار رقم 13 شارع الغوث بمدينة الأوقاف لينتقل سريعًا بتوجيهات من العميد عمرو حجازي رئيس مباحث قطاع الشمال.
بعيدًا عن الحي الراقي بديوان عام المديرية، يتابع اللواء محمد الشرقاوي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة البلاغ لحظة بلحظة. توجيه سريع من اللواء هاني شعراوي مدير المباحث الجنائية بفحص مسرح الجريمة بالتنسيق مع الأدلة الجنائية وقطاع الأمن العام.
تناغم حركي سريع لأداء أمني سلس تكشفت معه الحقيقة الكاملة لما احتضنته جدران ملطخة بالدم. معاينة العقيد مصطفى خليل مفتش الفرقة بينت مقتل "إيمان.ع." 46 سنة، بـ 20 طعنة نافذة بالجسم، لكن المفاجأة تعلقت بهوية الجاني.
"الراجل دا اللي قتلها يا باشا" تحفظ الجيران على القاتل بعد سماع صرخات استغاثة أطلقتها المجني عليها. تبين أنه طليقها محاسب بإحدى الوزارات، لتتحفظ عليه الشرطة.
قبل التحقيق مع المتهم، لفتة إنسانية قدمها رئيس المباحث ومعاونه النقيب محمود أبو العز. حرص الضابطان على احتواء طفلي القتيلة وتهدئة روعهما من هول ما شاهدا للتو "بابا فضل يضرب ماما بالسكينة".
بهدوء وسكينة يحسد عليها، قص المتهم الفصل الأخير في حياة من وهبته كل شئ فكافأها بالقتل. الزوج شك في سلوكها -دون دليل قاطع- وأنها تتواصل مع رجال عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي.
شك كان كفيل بتطليقها "حلف عليها اليمين" وطردها لتعود إلى بيت أسرتها. أبناء إبليس لم يتركوه، أوقعوه ضحية وساوسهم -بشكه في نسب طفليه- فقرر الانتقام منها.
أحضر سكينًا أخفاها داخل حقيبة وتوجه إلى بيت والدتها، طلب من ابنيه "عايز أمكم" فعاجلها بالطعنات بوتيرة أسرع من إحراء عملية حسابية معقدة فسقطت غارقة في دمائها.
حاول المتهم الفرار لكن الأهالي حالوا دون هروبه وأغلقوا باب الشقة من الخارج واتصلوا بشرطة النجدة. اصطحب رجال المباحث المتهم إلى ديوان القسم لبدء جلسة التحقيق ومنها إلى سرايا النيابة العامة بينما نقلت الجثة إلى ثلاجة المستشفى القريب من مسرح جريمة هزت حي الأثرياء.