السبت، 09-05-2020
11:59 م
د. رضا محمد طه
في الوقت الذي تظهر فيها شخصية "الأستاذة عفاف" بالصرامة والجدية والمبالغ فيها مديرة مدارس فلانتينو إنترناشيونال والذي تقوم بدورها الفنانة القديرة دلال عبد العزيز، في المقابل صدر المسلسل شخصية "الدكتور عبد العزيز" والذي يقوم بها الفنان عادل أنور والتي أظهرت أستاذ الجامعة في صورة فجة ومقيتة حيث يتصرف مثل المراهقين اللزجين وهو يلاحق طالبة في عمر إبنته طمعاً في حبها وهي "نانا" إبنة فلانتينو والذي يقوم بدوره الفنان الكبير عادل إمام، حيث يتصرف الدكتور عبد العزيز بصورة طفولية فجة وتدعو للسخرية منه ومادة للتحفيل والتريقة عليه من قبل طلابه الشباب بالجامعة الخاصة التي يقوم بالتدريس فيها، وحتي لو أفترضنا أنه يعمل في جامعة خاصة يخضع بعضها للتخفيف من المعايير التربوية والأكاديمية إرضاءاً للطلاب مقابل ما يدفعونه، فإن شخصية الأستاذ الجامعي يجب أن تحتفظ بمكانتها المتعارف عليها كما يحدث في البلاد المتقدمة.
هل وصل الحال بأستاذ الجامعة لهذه الدرجة من الهوان والإستخفاف به والحط من كرامته بحيث أصبح "ملطشة" لبعض المنتجين ومخرجي الأعمال الفنية هؤلاء أكبر الظن لا يفهمون حقاً رسالة ودورالمعلم والأستاذ الجامعي في الإرتقاء والنهوض بالمجتمعات، تلك الرسالة التي كانت محل تقديروتبجيل في زمن العظماء حيث وصفه أمير الشعراء أحمد شوقي في أحد أبياته الخالدة " قـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا.....كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا"، أصبحنا في زمن المعلم فيه أوالأستاذ الجامعي مهضوم الحقوق، يناله الغبن والإجحاف من قبل الحكومة والمجتمع الكثير والكثير، رغم ما يقومون به من دور هام وأساسي في تعليم وتربية الأجيال الشابة وترقية أفكارهم وعقولهم كي يتخرجوا وينهضوا بالمجتمع بسواعدهم وعلمهم في شتي المجالات.
لا أدعي المثالية أو الإستقامة أوالنزاهة في كل معلم أو إستاذ جامعي، لكن لكل مهنة أو وظيفة فيها من الذين يخرجون عن مقتضي الدور المتفق عليه في إطاراللوائح والقوانين التي تنظمها المؤسسة التي يعملون بها، والمفروض يعتبر ويكون إستثناء عن القاعدة، لكن ولمصلحة الأجيال يجب علي من يتصدرون لإنتاج أو إعداد أعمال فنية أن يبرزوا دور الشخص القدوة والعالم المقنع بحيث يظهر فيها الأستاذ الجامعي علي درجة من الوقار والهيبة ومعها الصرامة والجدية الأكاديمية ، بعيداً عن الصورة المهينة في مسلسل فلانتينو أو حتي المتقعرة أوالمبتذلة كما تظهرها بعض الأعمال الفنية.
ولتثمين أدوار الوطنيين والمخلصين عموماً من أستاذة الجامعة، وحتي لا تضيع كذلك القيم والمباديء والمعاني السامية والتي تبدو في التضحيات العظيمة التي يقدمها البعض، والنموذج المحتذي هو ما يبرزه حالياً مسلسل "الإختيار" التضحيات والبطولات التي يقدمها رجال القوات المسلحة والمتمثلة في دور الشهيد البطل العقيد احمد المنسي، وكذلك تضحيات رجال الشرطة الكبيرة من أجل الحفاظ علي أمن البلد، وكذلك المهن العظيمة الأخري والتي تظهرها الكثير من الأعمال الفنية، تلك هي النماذج التي يجب أن نقدمها لأبنائنا، حتي لا تستشري ثقافة التفاهات والإسفاف والركاكة والسطحية التي مآلها ضحالة الفكر وتجريف وإفلاس العقول وإستمراء الرديء والتعود وإستسهال الهلس ومواضيع التسلية التي تصل وترسو بنا علي شاطيء الجهل والتخلف.
في سياق التمثيل والمسلسلات في شهر رمضان هذا العام تذكرت أبيات من قصيدة "الممثلون" للشاعر الكبيرنزار قباني يقول فيها" حين يصير الفكر في مدينة..مسطحاً كحدوة الحصان .. مدوراً كحدوة الحصان..... والدونكشوتيون ..ما زالوا يشخصون...والناس من صعوبة البكاء يضحكون...ونحن قانعون ..بالحرب قانعون .. والسلم قانعون...بالحر قانعون .. والبرد قانعون...بالعقم قانعون .. بالنسل قانعون.. وكل ما نملك أن نقوله :" إنا إلى الله لراجعون".