نسمع الكثير عن كيد النساء وقوة حيلهن، لكن ما حدث ليس عاديا، حيث سجلته كتب التراث الإسلامي، وتحوّل إلى قصة تاريخية، دوّنها الحافظ ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية".
وتعود القصة إلى تغلب امرأة على عاطفتها، حيث طلقت من زوجها، وتزوجت من آخر كانت تدور الشبهة حوله بأنه قتل طفلها، حتى تيقنت من ذلك، وكانت نهايته مروعة على يديها.
العجيب أن الوالي عندما علم بأخذها لثأر طفلها، أطلق سراحها، بعد أن عرف قصتها.
وفي التفاصيل كان "المبارز إبراهيم" المعروف بـ"المعتمد" والى دمشق، من خيار الولاة وأعفهم وأحسنهم سيرة.
وكان أصله من الموصل، وقدم الشام فخدم بني أيوب في دمشق، فحمدت سيرته في ذلك، ثم صار هو المسئول عن دمشق لمدة أربعين سنة، فجرت في أيامه عجائب وغرائب، كانت منها هذه القصة.
كما كان الوالي كثير الستر على ذوى الهيئات، ولا سيما من كان من أبناء الناس وأهل البيوت الكريمة.
وتروي القصة أن خياطا كان له ولد صغير في آذانه حلق فقام عليه رجل من جيرانهم فقتله غيلة وأخذ ما عليه من الذهب ودفنه في بعض المقابر.
فبكت والدته من هول الفاجعة، وسألت زوجها أن يطلقها، فطلقها فذهبت إلى ذلك الرجل وسألته أن يتزوجها وأظهرت له أنها أحبته فتزوجها، ومكثت عنده حينا، ثم سألته في بعض الأوقات عن ولدها الذي اشتكوا عليه بسببه فقال: نعم أنا قتلته.
فقالت الأم المكلومة: أشتهي أن تريني قبره حتى أنظر إليه، فذهب بها إلى قبره ففتحه فنظرت إلى ولدها وبكت وقد أخذت معها سكينا أعدتها لهذا اليوم، فضربته حتى قتلته ودفنته مع ولدها في ذلك القبر.
وجاء أهل المقبرة فحملوها إلى الوالي المعتمد هذا فسألها فذكرت له خبرها، فاستحسن ذلك منها وأطلقها وأحسن إليها، وقد مكثت مع زوجها الثاني عشر سنوات، حتى أتمت مهمتها.