الرباع الأولمبى: قرار اعتزالى لا رجعة فيه.. والارتباط ونيل الدكتوراه هدفى القادم
رفضت «التجنيس» لأننى مثل الجندى على جبهة القتال.. وآمل أن أخوض تجربة التدريب بأوروبا
تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، ففي الوقت الذي كان يستعد فيه البطل الأولمبى محمد إيهاب للمشاركة فى دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقبلة فى طوكيو 2020، جاء قرار محكمة التحكيم الرياضى "كاس" بإيقاف الاتحاد المصرى لرفع الأثقال لمدة عامين بسبب قضايا منشطات، ما حرم أبطال مصر من المشاركة في الأولمبياد المقبل.
وجاء القرار بعد ثبوت سبع حالات إيجابية لرباعين ناشئين فى عام 2016، قبل أن تتفاقم الأمور بالكشف عن خمس حالات أخرى فى دورة الألعاب الإفريقية الأخيرة التى استضافها المغرب الصيف الماضي.
وإيهاب هو أول مصرى وإفريقى يقف على منصات التتويج ببطولة العالم 4 مرات، وصاحب الرقم القياسى العالمى فى مسابقات الخطف برفع ثقل 173 كجم ببطولة العالم فى تركمانستان 2018، ليكرر إنجاز الرباع المصرى خضر التونى بعد 83 عامًا، كما أنه صاحب برونزية أولمبياد ريو دى جانيرو 2016، حمل الفضة والبرونز فى بطولات العالم للناشئين فى 2008 و2009، ومع أول مشاركة ببطولة العالم للكبار فى كازاخستان 2014، توج بفضيتين وبرونزية، وفضية بطولة العالم 2015، وذهبيتها فى 2017 و2018.
وكان الرباع المصري يسعى لتكرار إنجازه في أولمبياد "ريو دي جانيرو" في أولمبياد طوكيو، إلا أن قرار الاتحاد الدولي لرفع الأثقال حرمه من ذلك.
وإلى نص الحوار:
فى البداية.. كيف استقبلت عدم مشاركتك فى أولمبياد طوكيو؟
- بالطبع حزين للغاية، لأن المشاركة فى أولمبياد طوكيو كانت الحلم الأخير بالنسبة لى فى مسيرتى الرياضية وبعدها كنت سأتجه لمجالات أخرى فى حياتى العملية والشخصية.
فى رأيك مَن المتسبب فى هذا الأمر؟
- جهل بعض اللاعبين وخاصة الناشئين، بالإضافة إلى عدم اتخاذ اتحاد اللعبة الإجراءات الكافية لتفادى ما وصلنا إليه، حيث بدأ الأمر بتوقيع غرامة، ثم تطور الأمر، من دون أن يحرك المسئولون ساكنًا تجاه التحقيقات التي كانت تجرى داخل أروقة الاتحاد الدولي للعبة، ما أدى إلى اتخاذ قرار بالإيقاف لمدة عامين وتوقيع غرامة مالية كبيرة عليه.
وما الذي كان يفترض عمله؟
- كان من المفترض أن يُسرع المسئولون فى مصر بالاتصال بالاتحاد الدولى لفتح تحقيق موسع، لتوقيع عقوبة على المدان فى الأزمة، حتى لو كان سيتم إيقافه لمدة سنة أو سنتين، وهو ما كان سيعطى الوقت أمامنا للمشاركة في دورات تأهيلية من أجل التأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية وإنقاذ الأمر، لكن الصمت لفترة طويلة من قبل مسئولي اتحاد رفع الأثقال أوصل رسالة سلبية إلى الاتحاد الدولي بأننا نرعى تعاطي اللاعبين للمنشطات، وهو ما أضعف موقفنا فيما بعد عند الاستئناف على العقوبة التى تم إقرارها، لأن الأمر جاء بعد فوات الأوان، وهو ما يشبه الورم الصغير الذى يصاب به الإنسان، ويتم إهماله ليصبح صعب التدخل لإزالته، بعدما يكون انتشر في الجسد بالكامل.
هل تُفكر في التراجع عن الاعتزال بعد انتهاء مدة العقوبة؟
- قراري نهائي، ولن أتراجع عنه، نجحت فى تحقيق العديد من البطولات الإفريقية والمحلية والدولية، بالإضافة إلى الميدالية البرونزية الأولمبية، وكنت أنتظر المشاركة فى طوكيو لتحطيم الرقم الأولمبى وتحقيق ميدالية ذهبية لإنهاء مسيرتي، كانت هذه أهم الطموحات التى خططت لإنهاء حياتى الرياضية بها، ولكن كان للقدر رأى آخر.
لماذا كل هذا التشدد في اتخاذ القرار؟
من رابع المستحيلات الانتظار للأولمبياد المقبلة فى 2024، لأن هناك أشياء مؤجلة حان وقت الاهتمام بها، وفي مقدمتها الارتباط وتكوين أسرة، بالإضافة إلى رسالة الماجستير والدكتوراه التى أنوى البدء فيها، وكل هذه الأشياء تستحق الاهتمام، ثم إننى أتقاضى 4آلاف جنيه راتبًا شهريًا عندما أكون فى المنتخب، بالإضافة إلى الإرهاق الناتج عن التدريبات، والجماهير والمسئولين لن يتقبلوا العودة من جديد حصولى على المراكز المتأخرة بعد تحقيق كل هذه الإنجازات، وربما تحدث أخطاء تؤدى إلى استبعادنا، لذلك حسمت قرارى بالاعتزال.
وأثق بالناشئين في استكمال الإنجازات التى حققتها طوال مسيرتى التى بدأت منذ سن الثامنة حتى الـ30 من عمرى فى مختلف البطولات، وخبرتى الآن كأحد أفراد الجهاز الفنى يحتاج إليها الجيل القادم وفقًا للأسس العلمية الصحيحة.
وقع العديد من اللاعبين فى فخ المنشطات بمختلف الألعاب مؤخرًا.. لماذا؟
- انعدام الرقابة يأتى فى المقام الأول، وهو أمر صعب السيطرة عليه بشكل كامل، لذا يجب التركيز فى المرحلة المقبلة على زيادة جرعة التوعية وإيجاد البديل، وتعريف اللاعب بالمواد المناسبة له، ومعرفة المكملات التى تؤدى إلى الوقوع فى فخ المنشطات، لاسيما أن العديد من المتاجر فى مصر "كل 100 سم" أصبحت تعتمد على بيع هذه العقاقير بمختلف أنواعها من هرمونات وفيتامينات ومنشطات، وهناك فيتامينات مخلوطة بالمنشطات.
والنادى المصرى يقوم بتحليل عينات للاعبين بـ40 ألف يورو فى العام حتى يؤمن وصولهم إلى البطولات الدولية بدون أى منشطات، ولو تم توفير نصف هذا المبلغ لإيجاد البديل لما وصلنا إلى هذا الأمر، ومن ثم يجب اعتماد منظومة متكاملة تقوم على التوعية وتوفير البديل والتحليل، وإقامة معسكرات مؤمنة تمامًا بجهاز فنى كفء وكاميرات، لتوفير الأجواء المناسبة.
بعد استبعاد رفع الأثقال.. كيف ترى موقف مصر فى الأولمبياد المقبلة؟
- بالتأكيد لعبة رفع الأثقال كانت ستحقق الكثير من الميداليات لمصر، لأنها اللعبة الرقمية الوحيدة التى تعتمد على حالة اللاعب وجاهزيته، دون الرجوع إلى مواجهة الخصم وفقًا لنتيجة القرعة التى يتم سحبها وهو ما يحدث فى ألعاب أخرى، ولكن هناك العديد من الأبطال فى مختلف الألعاب قادرون على تعويض هذا الأمر بأفضل طريقة ممكنة.
أسباب رفضك للتجنيس رغم العروض المغرية التى انهالت عليك؟
- رأيت نفسى مثل الجندى الذى يقف على الجبهة ويستشهد من أجل الدفاع عن الوطن، والذى كان أمامه خيار السفر إلى الخارج أو يرفض لأجل وطنه، ولو كنت قبلت عروض التجنيس لكان أحدث ذلك "فتنة"، ودفع غيري للقيام بذلك في المستقبل، بالإضافة إلى أنه بعد 12 سنة دولي، ونفقات تكبدتها الدولة، ومعسكرات داخلية وخارجية، وتوفير مدربين وخبراء، وتوفير جميع الأجواء المناسبة، وفقًا لقيمتك كبطل، ثم بعد كل ذلك تحصل على جنسية دولة أخرى، وهذه "قلة أصل".
لكن هناك من فعل ذلك؟
أرى أن تحقيق الميداليات تحت علم دولة أخرى ليس له أى طعم، الرسالة أكبر من تحقيق ميدالية، وهى النجاح فى بلدك وفقا للإمكانيات المتاحة والتى تم استكمالها على أكمل وجه "واللى عاوز ينجح هينجح"، لكن السقوط الأكبر هو اللعب باسم دولة أخرى. ثم إنه: هل شعر أحد بـ18 لاعبًا تم تجنيسهم؟، وهل علق أحد منهم فى أذهان الجماهير المصرية حتى لو حقق ميدالية لأنه فى هذه الحالة يكون هو والعدم سواء.
دار حوار بينك وبين وزير الرياضة عقب قرار الاعتزال؟
- تحدث معى بأن هناك مشروعًا قوميًا لاكتشاف المواهب لصناعة البطل الأولمبى ترعاه الوزارة منذ فترة، وتم وضعى فى اللجنة بناء على خبراتى وشهادتى الجامعية التى أساسها مجال التدريب فى رفع الأثقال، حيث إننى خريج كلية التربية الرياضية تخصص "رفع أثقال"، وحصلت على وعد فى أى تجمع للمنتخبات سأكون موجودًا ضمن الجهاز الفنى للمنتخب.
أما فى حالة استمرار الوضع على ما هو عليه، سأتجه للتدريب فى أوروبا، بالإضافة إلى المحاضرات التى أعطيها فى الخارج، وهدفى حاليًا هو إثبات الذات فى مجال التدريب، والتدريب لأحد الفرق أو المنتخبات الأوروبية يحدث فى جميع الألعاب وأبرزها فى كرة القدم، حيث إن ذلك الأمر لا يجب مقارنته مع المجنس الذى يرفع علم دولة غير دولته، وفى النهاية سيظل ولائى لبلدى مهما كانت الأمور.
هل كان غياب "الرعاة" أحد أسباب المعاناة التي واجهتموها؟
- بالطبع، لكن بالرغم من ذلك، حققت ميداليات وأرقامًا قياسية سواء فى بطولة العالم أو دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة بدون راعٍ "اللى عاوز ينجح هينجح"، ولكن وجود الرعاة يعد ركيزة أساسية للمساعدة فى تحقيق البطولات، وهو ما توفر لى من عدة جهات لرعايتى لولا الأزمة الأخيرة التى أعتبرها فريدة من نوعها، وأدت لنسف كل ذلك فى ثوانٍ معدودة. وما حدث بعد إيقاف اللعبة لمدة عامين سيؤدى إلى تراجع الرعاة خطوات كثيرة حتى يظهر بطل جديد يحقق الأرقام والبطولات من أجل رعايته والاهتمام به، حيث إنه من الطبيعى ألا يأتى أحد لرعاية لاعب مغمور لم يحقق أى إنجازات.
كيف ترى عدم الاهتمام من الأهلى والزمالك بهذه اللعبة؟
- أتمنى من مجلسى إدارة الناديين الاهتمام باللعبة فى المستقبل، وبحكم انتمائى للزمالك فى حال ما قام النادى الأبيض بفتح أكاديمية لرفع الأثقال سأكون أول المنضمين لها، وكان هناك مشروع ضخم بعد الدورة الأولمبية وتحدثت معى إدارة القلعة البيضاء، لكن الإجراءات وضيق الوقت بين البطولات لم يحققا هذا الأمر.