الإثنين 25 نوفمبر 2024
توقيت مصر 06:01 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

الأرزاق على الله

من أين جاء هذا المثل "اجرِ يا ابن آدم جري الوحوش، غير رزقك لن تحوش!"
هل أنتشر بين الناس بحكم وجودهم في محاضن إسلامية "أشعرية"؟! .. لا أدري!
سؤال آخر، يتعلق برأي "المعتزلة" في ذات المسألة  (مسألة الرزق).. ولقد قرأت أنهم ـ أي المعتزلة ـ "ينكرون أن يكون الرزق مقدراً على الإنسان منذ ولادته، بمعنى أنه أي الإنسان لن يحوز أبداً مهما بذل من جهد وإعداد إلا على مقدار ما هو مقسوم ومحدد له قبل وجوده، لأن هذا عين الجبر، وإنما يعتبرون أن الإنسان يصنع فعله وما يتولد عن فعله من نتائج. وفي نفس الوقت لا ينكرون علم الله المسبق الذي هو علم سابق فقط وليس بسائق ولا مؤثر في الفعل"
من جهتي فإنني لا أميل إلى رأي "المعتزلة" : علم الله به "سابق" وليس "سائق"! أي مصادرة سلطان الله على مفاتيح الخير والرزق (الله لا يتدخل فيه ولكن علمه به سابق)!
لأن المشاهدات والتجارب في حياتنا، تقول عكس ما يدعيه المعتزلة، وأنا على المستوى الشخصي أصدق التجربة وليس حجج "علم الكلام".. وإلا من يفسر علاقة الاستغفار بالرزق؟.
ومن يفسر علاقة  الرزق والبركة في العمر وفي النسل بصلة الرحم ؟!
ومن يفسر علاقة الرزق بالنفقة على ذوي الحاجات (الفقراء واليتامى والمساكين وابن السبيل وفي الرقاب وفي كل ما ينفع الناس)؟!
الرزق ـ بالتجربة  ـ لا يخضع لأي حسابات عقلية إنه سر إلهي " مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ? وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ? وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" فاطر/ 2 
كما أن التفسير المعتزلي للرزق.. ينهي "المجتمع التراحمي" الذي أسس على الوقف ويلغي بالتبعية منظومة الإنفاق في الشريعة الإسلامية، لأنه سيجعل من الفقراء طبقة اجتماعية "كسولة" وبالتالي لا تستحق الإنفاق عليها .. فما معنى "ومما رزقناهم وينفقون"؟!.. وما قيمة الصدقة والزكاة إذن؟!
التصور المعتزلي لمسألة الرزق ينزع البركة من كل شيء.. ويورث القلوب القسوة والبلادة وسوء الخلق!
هذا هو رأيي والله تعالى أعلى وأعلم