الخميس، 02-07-2020
05:58 م
محمد الخضيري
قبل أن يوقع اللاعب المصري العالمي (محمد صلاح) لنادي ليفربول الإنجليزي، كان الشاب (جراهام) الحاصل على دكتوراة في الفيزياء النظرية يعد نظام مبتكر في "قسم الأبحاث" بالنادي، حيث تعاقد مع (تيم واسكت) عالم في الفيزياء الفلكية، وتعاقد مع عالم الفلسفة (ويل سبيرمان)، وعالم رياضيات وبطل شطرنج.
واعتمد النادي في خطته على فلسفة جديدة بالتعاون مع"قسم التعاقدات"، بغرض ترتيب احتياجات الفريق والتي تتناسب مع معطيات يتم إقحامها في "علم البيانات" ونقلها إلى أرض الملعب، ومن بين تلك المعطيات:_
1- اختيار لاعبين بسمات شخصية محددة.
2- تسجيل إمكانيات ومهارات اللاعبين بشكل علمي ودقيق.
3- تحليل السلوكيات الفردية أثناء التدريبات وداخل الملعب.
4- تفاصيل ما قبل المباريات (الوضع النفسي، المحاضرات التحفيزية، الجاهزية البدنية).
فيما يخص "سمات اللاعبين"، فإن الأرقام كانت تقول بأن "محمد صلاح" لا يصلح لطريقة لعب الفريق، بينما أرتأى الفريق التحليلي وأساتذة الفلسفة الجدد بأن "صلاح" لا خلاف على جودته وفاعليته ووجوده ضروري بجانب البرازيلي فيرمينو والسنغالي "ماني"، وأن تلك التوليفة لن تحتاج إلى تعديلات جذرية في المستقبل، وبأنه طبقاً للتحليلات السلوكية فإن هؤلاء اللاعبين سيندمجون ويحفزون بعضهم بعضاً، وقد كان ما خطط له "قسم الأبحاث".
فقد تم استغلال إمكانات ومهارات اللاعبين بشكل مثالي، واستطاع كل لاعب أن يظهر كل ما لديه، وأصبح "صلاح" صاحب الــ 43 مليون يورو والقادم من نادي "روما الإيطالي"، يساوي ثلاثة أضعاف هذا المبلغ طبقاً لإحصائيات يناير هذا العام 2020 .
ونجح فريق (التحليل) في استخراج أفضل البيانات المتاحة وتوظيفها بشكل دقيق على أرض الملعب حسب ظروف كل مباراة وتوقيتها، والسبب في ذلك هو الإهتمام بالتفاصيل الدقيقة مثل "اختيار نوعية الطعام طبقاً لدرجات حرارة الجو والرطوبة، معالجة المشكلات العابرة التي يمر بها الفريق، متابعة مستوى شعبية كل لاعب عبر مواقع التواصل الإجتماعي والإنتقادات الموجهة له، ومتابعة الصحف التي تقوم بحملات مضادة للتأثير على الروح المعنوية للاعبين، والرد على تصريحات المدربين المنافسين عبر تحفيز اللاعبين في كل مباراة بشكل منفصل ومناسب، وهو ما كان يحدث بالفعل على أرض الملعب بشكل دراماتيكي وفي المباريات الكبرى، وكأنها قصة إبداعية تم إعدادها مسبقاً باتفاق الجميع، ولكنها في الحقيقة روح المنافسة والعمل الجماعي المثمر.
فالإهتمام بالتفاصيل أصبح أولوية في عالم يعتمد الآن على العلوم التحليلية لتحقيق النجاح المستحق وفرض السيطرة بعيداً عن (الفهلوة)، وهي رسالة للمؤسسات التي ترغب في النجاح وضرورة الاهتمام بالجوانب النفسية والحالة المزاجية لموظفيها، وكذلك الدول التي تسعى للصعود دون اهتمام بالروح المعنوية للناس وترتيب الوضع الداخلي بشكل لا يمنح أحد حق الوصول إلا بالعلم والمعرفة، فالتحليل الآن أساس كل شىء ناجح، فمن يهتم ويقرأ ويدمج مدخلاته وإمكاناته في عالم البيانات والمعايير الرقمية، ستكون مخرجاته منظمة وموضوعية ومفيدة للجميع.
إن ما حققه "نادي ليفربول" هو نتاج دمج العلوم النفسية وتقنيات التحليل النظري والكمي بكرة القدم، واستغلال مهارات اللاعبين وحنكة "قسم البيانات التحليلية" بشكل مثالي، فضلاً عن الإقتناع بقدرات المدرب المخضرم – المتواضع "يورجن كلوب" فالثقة في القائد تبث روح الحماسة في النفوس، حتى أصبح "ليفربول" فريقاً لا يقهر.
والسؤال الذي يطرح نفسه.. اذا كان هناك ثلاثة أفراد صنعوا برمجة نفسية وإدارية غيرت تاريخ كرة القدم، فماذا يحدث إذن اقتصاديا سياسيا؟!
المصادر
* تقرير وكالة الأنباء الألمانية.
*موقع جماهير ليفربول.
*موقع ليفربول الرسمي