كشف الفنان التشكيلي الجزائري شمس الدين بالعربي، "فنان العرب"، عن دور "ملصقات الأفلام" في الترويج للأعمال الفنية، الذي يعرفه بأنه "مساحة من الورق مطبوعة تعلن عن فيلم".
واشتهر"بالعربي" كرسام لـ "أفيشات" الأفلام لأشهر نجوم السينما العالمية.
واعتبر الفنان الجزائري الملصقات من الفنون المرئية، حيث يطلق عليها في عالمنا العربي اسم الفنون التشكيلية، أي تلك الفنون التي يتم تلقيها عن طريق حاسة البصر.
وأوضح أنه من الممكن تعريف ملصق الفيلم بأنه مساحة من الورق مطبوعة تعلن عن فيلم.
يقول "شمس الدين" إنه رغم تعدد أنماط الفيلم إلى ثلاثة أنماط أساسية، هي: الروائي، والتسجيلي، والتحريكي؛ إلا أنها تحتاج جميعاً إلى التعريف بها والترويج لها من أجل أن يسترد المنتجون، على الأقل، أموالهم التي صرفوها لإتمام جميع خطوات تنفيذ الأفلام، بل من المفروض أن يحققوا أرباحاً تشجعهم على خوض تجربة إنتاج أفلام جديدة، حتى تستمر صناعة عمل الأفلام، لذا فإن ملصقات الأفلام تعتبر هي أهم وسائل الدعاية للأفلام.
ويوضح بداية هذا الفن، حيث يذكر "أنها كانت بدايته في الغرب، وأصبح تصميم الملصقات شائعا عند الفنانين الأوروبيين في القرن التاسع عشر، ففي حوالي عام 1866، بدأ الفنان الفرنسي جول شيريه بإنتاج أكثر من ألف ملصق ملون كبير الحجم، باستخدام الطباعة الحجرية الملونة التي كانت حديثة الاختراع. وفي التسعينات من القرن التاسع عشر، اكتسب الفنان الفرنسي هنري دو ـ تولوز لوتريك شهرة بسبب تصميماته الجميلة الواضحة للملصقات التي صممها للمسارح وقاعات الرقص. وصمم عدد من الفنانين في القرن العشرين ملصقات تم جمعها على أنها أعمال فنية".
ويقول إن "أحد المختصين العرب في هذا الفن أن الفضل في صناعة الأفيش في الدول العربية و مصر بالتحديد بحيث أن المصريين اعطو الكثير لهذا الفن و بالنسبة لهذا الفن في الغرب يعد اليونانيين هم قامو بتطوير فن الأفيش إلى مستويات عالية، إضافة الى أن هؤلاء حملوا تلك الصناعة من بلادهم، وكانت لهم علاقة قوية بفني التصوير الفوتوغرافي والرسم. ومن هذا المنطلق بدأ هؤلاء الذين كانوا في البداية يتمركزون في الإسكندرية بمواكبة ذلك الفن الجديد ومع مرور الزمن طغت التكنولوجيا الرقمية علي السينما في ايامنا بقي المتحف هو مكان الافيش المرسوم بالطريقة التقليدية".
ويكمل: "فكرت في تطوير هذا الفن وأضفت عليه لمسات عصرية و عرضته علي المخرجين و المنتجين، رسم ملصقات الأفلام الذي يعتبر المصريون رواد هذا الفن التقليدي كلاسيكي قديم حيث بقي المتحف هو المكان الوحيد لرؤية هذا النوع من الفن و سبب اندثاره هو التكنولوجيا الحديثة الرقمية التي أصبحت في مكان الفنان التشكيلي، وفكرت في إعادة هذا الفن إلى مكانته بطريقة عصرية لمواكبة الموجة الرقمية و واجهت مصاعب كبيرة جدة أولها كيف أتمكن من عرض الفكرة علي المنتجين و إقناعهم أن هذا الفن يمكن أن يكون فن معاصر".
ويضيف" ويمكن أن يكون مميز فكانت بدايتي في مرحلة الطفولة كان مهتم بالرسم و تدفعني موهوبتي الي الرسم في كل وقت خاصتا في المدرسة عندما كانت اعود من المدرسة في الطريق اجد الجرائد مرمية علي جانب الطريق كانت تجذبني الصور البراقة لنجوم السينما فالتقط هذه الجرائد من علي الارض و اخذها معي الي البيت و أعيد رسمها".
ويقول "بدأ المعلمون يكتشفون موهبتي و بدات اعطي الأهمية لمادة الرسم اكثر من باقي المواد مثل الرياضيات والفيزياء، كنت من عائلة جد فقيرة واضطريت الي التوقف عن الدراسة و الخروج الي الشارع لامتهان الرسم كحرفة مثل تزيين المحلات التجارية و الديكور لكن الشارع كان قاسي جدًا، تعرضت للاستغلال من قبل عديمي الضمير الذين امتصوا طاقتي الفنية و في بعض الأحيان كانت اعمل عند أشخاص لا يعطوني اجر مقابل عملي و يتهربون و بالعكس التقت باشخاص ساعدوني و شجعوني وواصلت العمل لمدة طويلة لكن الضغوط الاجتماعية و الضروف اثرت كثيرا علي مساري الفني بحيث كنا عائلة مكون من ستة أفراد كانت اكبر ابن سنا في العائلة و ثلاثة اخواتي نعيش في منزل واحد و كان سقف المنزل مكسور و كنا نعاني كثيرا في فصل الشتاء بحيث ان الكثير من رسوماتي اتلفت بسبب الامطار التي تسيل من السقف".
ويكمل "كانت دائما في فترة المساء اذهب الي قاعات السينما كانت معجبا بالافيشات وصور الضخمة لنجوم السينما عند ابواب القاعة، وكانت السينما بالنسبة لي حافز كبير لكي يرسم ملصقات و لقطات الأفلام و قررت بنا ورشة صغيرة في احد الغابات المجاورة لمنزلنا.. كانت عندي بعض المجلات التي كانت تحتوي علي عناوين فنانين مصريين مختصين في مجال تصميم ملصقات الأفلام . ارسلت لهم طلبات لكي ينصحوني و يوجهوني و يعطوني بعض تقنيات رسم الملصقات ، و ردوا علي رسائلي و لم يبخلوني و ساندوني و اعطوني التوجيهات و بعض العناوين و هم مشكورين".
ويذكر "فكنت أمضي وقتي في ورشتي المظلمة ارسم كل ما شاهدته في قاعة السينما، وبعد مدة ارسلت رسوماتي الي شركات الانتاج السينمائية الامريكية لكن تلك الرسومات كانت مرسومة بادوات شبه بدائية ( الطباشير و الالوان المائية المخصصة للاطفال ) لانه كانت من عائلة فقيرة و لم استطع شراء ادوات الرسم الخاصة بالمحترفين.. وبدأ بعض الناس ينعتوني بالمجنون و لكنت اقول في نفسي " توكلت علي الله لانه هو من اعطاني هذه الموهبة"، واصلت العمل لسنين طويلة ولكن مرت السنوات و لم يتلقي أي رد، واصلت العمل في الشوارع لمدة طويلة لكن بدأت ضروفي المعيشية الصعبة اثر علي مساري الفني بشكل كبير و تأثرت صحتي كثيراً و دخلت الي المستشفي لمدة شهر بسبب مرض في المعدة و بعدها غادرت المستشفي و بدأت حالتي الصحية تستقر تدريجياً".
ويكمل "عدت إلى ورشتي و بدأت في ممارسة فني، وفي إحدى المرات وصلتني رسالة من المنتج أرجنتيني اسمه خوان مانويل أولميدو رئيس شركة الانتاج يعمل بالشراكة مع استوديوهات هوليود بحيث اعجب باعمالي و قدمها الي المنتج و الممثل السينمائي المغربي الكبير محمد قيسي الذي يعتبر من عمالقة السينما الهوليودية في سنوات الثمانينات بحيث اشتهر بشخصية TONG POO في فيلم KICKBOXER و عرف باعمالي في اوروبا و أمريكا".
ويقول: "بدأت الطلبات تصلني من المخرجين والمنتجين من كل أنحاء العالم بحيث صممت 14 ملصق فيلم عالمي، وبدأت المجلات و الصحف العالمية تسلط الضوء على مسيرتي و تجربتي الفنية و كانت وسائل الإعلام المصرية هي اول من كتبت عن مسيرتي في العالم العربي و الأشقاء المصريين دائما سباقون في احتضان الابداع العربي، وتم تسجيل اسمي في قاموس العالمي للسينما imdb و بهذا تم دمج فن الرسم التقليدي مع التكنولوجيا الحديثة و بهذا أصبحت اخر عربي و افريقي مازال يصمم ملصقات الأفلام العالمية بالطريقة التقليدية ( عن طريق الرسم)".
وختم قائلًا: "من هنا نقول إن الفن التقليدي الكلاسيكي لا يمكن الاستغناء عنه مهما تطورت التكنولوجيا الحديثة ومن جهة أخرى نرى أهمية الاتحاد بين الفنانين العرب و يمكن من خلال هذه التجربة أن نبني اتحادًا فنيًا عربيًا الذي سيشكل قوة كبيرة تساهم في تطوير الكثير و الكثير في المجال العلمي و التربوي و التشييد والبناء و نشر رسالة السلام و المحبة".