في ظل أزمة الغلاء التي طالت كل شيء، وتسببت في عزوف قطاع ليس بالقليل من الشباب عن الزواج، أعلن أحد النواب، تقدمه بمقترح لاستبدال «شبكة العروسة» بوديعة بنكية باسم الزوجة؛ تيسيرًا على الطرفين، ما اعتبره الشاب عمرو محمد خطوة «رائعة».
وتنتشر في مصر ظاهرة المغالاة في المهور والتباهي بجهاز العروسين، حيث تطلب بعض الأسر في مناطق ريفية فقيرة وغيرها من العريس شراء عدد غير معقول من جرامات الذهب وتجهيزات ذات قيمة مالية مرتفعه.
في مقابل ذلك يتم تجهيز العروس بأغلى الأجهزة الكهربائية والإلكترونية للتباهي بها في موكب يجول القرية، ما ينتج عنه في بعض الأحيان استدانة الطرفين لتحقيق ذلك.
في البداية يقول عمرو، إنه يبلغ من العمر 34 عامًا ولم يتمكن حتى الآن من الزواج، أو التقدم للخطوبة؛ بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها، والتي لا تصلح للزواج أو لطلب «يد واحد من بنات الناس».
ويضيف لـ«المصريون»، أنه بالرغم من عمله في وظيفتين إلا أنه لا يتمكن من إنهاء شقته التي يمتلكها في بيت والده؛ نظرًا للغلاء الذي ضرب كافة مواد البناء –على حد قوله-، متابعًا: «لا دري من يسعى للإيجار كيف تسير حياته على هذا النحو فأنا أمتلك شقة في بيت والدي ولا أستطيع أن أنهي التشطيبات».
ويكمل: «معظم الأسر تتمسك بأمور لا فائدة من ورائها، وذلك تقليدًا للآخرين وحتى لا تصير ابنته أقل من بنت الجيران أو العم أو العمة، فهم لا يدركون الكارثة التي يتسببون فيها سواء للشباب أو البنات».
«هذه مبادرة وخطوة أعتقد أنه ستخفف الضغوط نسبيًا»، هكذا علق عمر، على مقترح استبدال «شبكة العروسة» بوديعة بنكية باسم الزوجة، مشيرًا إلى أن أسعار الذهب أصبحت مرتفعه للغاية وغالبية الشباب لا يقدرون على تقديم «شبكة»، ومن ثم إلغائها أو استبدالها بوديعة أفضل.
غير أنه نوه بأن هناك مبادرات كثيرة تم إطلاقها لتيسير الزواج، غير أن الكثيرين لا يلتزمون بها أو يبدون حماسهم الشديد بها في حين أن العادات تستمر ولا يتم تغييرها، مطالبًا الحكومة والدولة والجهات المعنية بإلزام الأسر بأحد أقصى في تكاليف الزواج.
وأنهى كلامه: «أتمنى أن يتم ذلك وأرجو من الآباء والأمهات الاستجابة لهذه المبادرات، وبالنسبة لإلزام الحكومة للأسر لن ينفذ لكن ياريت يكون هناك ضوابط وتوعية لأهمية الزواج وذم المغالاة».
من جانبه، شرح الدكتور عمرو الجوهري، صاحب المقترح وعضو لجنة الشؤون الاقتصادية، تفاصيل مقترحه، قائلَا إن الفكرة راودته بعد إعلان البنك المركزي تثبيت سعر الفائدة، مشيرًا إلى أنه عبارة عن تخصيص وديعة، للشباب المقبل علي الزواج، تكون مخصصة للزواج وباسم الزوجة، وبديلًا لشراء الذهب، في ظل ارتفاع سعر الذهب يوميًا.
وأشار إلى أنه يشترط أن تكون الوديعة باسم الزوجة، كبديل عن «المَهْر»، أو «الذهب»، ولا يتم تصفيتها (فكَّها) إلا بعد 5 سنوات من تاريخه.
عضو اللجنة الاقتصادية، أضاف أنه لابد أن يكون عائد تلك الوديعة مرتفع وتصل مدتها لـ5 سنوات أو أكثر؛ حتى يستطيع المقبلين على الزواج الاستفادة من الفائدة البنكية في مواجهة الظروف الاقتصادية وأعباء الحياة، وذلك مع وجود بعض الضوابط والشروط التي تمنع أي شخص لا تنطبق عليه شروط الزواج الحديث الاستفادة منها.
وأوضح في تصريحات، أن تلك الوديعة، لها مميزات عدة، منها الاستثمار المتواصل في قيمة «شبكة العروسة» لتدر عائد شهري أو سنوي للأسرة، كما أنها ستكون ضامنة لحق الزوجة القانوني في «الشبكة»، بالإضافة إلى مواجهة العادات الخاطئة التي يقوم بها البعض في المزايدة والتنافس في شراء كميات ذهب كبيرة دون داع أو مبرر لذلك.
وأشار إلى أن الاقتراح لن يكلف الدولة كثيرًا ويمكن اعتباره مبادرة لدعم المقبلين على الزواج، مثلما تدعم الدولة أصحاب المصانع المتعثرة والمستثمرين وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وبرأي «الجوهري»، فإن الاقتراح يحقق مصلحة مشتركة للدولة والمواطنين، حيث سيشجع المواطنين على ضخ قيمة «شبكة العروسة» في البنك، وكذلك يستفيد المواطنين من العائد المرتفع ليواجهوا به الظروف الاقتصادية.
فيما، قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، إن هناك عادات وتقاليد كثيرة تحكم عملية الزواج، ومن ثم ليس من السهل تغييرها لا سيما في الصعيد والقرى.
وبينما أكد أن مسألة التغيير تحتاج وقت، أشار إلى أن ذلك سيسهل كثيرًا على الشباب الذي يعاني معظمه من الأوضاع الحالية، معتبرًا تلك الخطوة في مصلحة الزوجة حال إتمامها، خاصة أنها ستحافظ على حقوقها إذا ما وقع طلاق أو مشكلة مع الزوج.
وخلال حديثه لـ«المصريون»، أوضح «صادق»، أن قيمة الوديعة متروك لكل عائلة أو منطقة، حيث يحكمها عوامل ومسائل كثيرة، داعيًا أولياء الأمور الاستجابة لهذا المقترح، الذي لا يعد تنازلًا عن حق من حقوق وإنما حفاظ على حقوق النساء.
أستاذ علم الاجتماع، نوه بأن الزواج صار صعبًا على أهل العروسين، متسائلًا: «لماذا يتمسك كل طرف بأمور لا فائدة ولا جدوى من ورائها؟، ولماذا لا يبدأ أحد الطرفين بهذا الأمر؟».
وقبل أيام، وجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بإطلاق حملة توعوية لمواجهة غلاء المهور وتكاليف الزواج.
وأعرب شيخ الأزهر، عن استيائه من المغالاة في تكاليف الزواج، لا سيما أنها تدمر الأسرة قبل بنائها، وتتسبب في عدم قدرة بعض الشباب والأسر على هذه التكاليف ما يؤدي لتأخر الزواج، فضلًا عن كونها من العادات الغربية التي تسببت في زيادة معدلات العنوسة.
وأوضح أن «الأسرة المصرية بحاجة إلى مزيد من الترابط والعودة إلى العادات والسلوكيات السليمة التي تربينا عليها في مجتمعاتنا الشرقية العريقة، والقضاء على السلوكيات الخاطئة التي أخذت في الانتشار خلال الآونة الأخيرة من محاولات لتقليد كثير من العادات الغربية السلبية التي لا تتناسب مع قيمنا وتقاليدنا».