الأحد 22 ديسمبر 2024
توقيت مصر 22:57 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

عنصرية من نوع جديد

رضا محمد طه

عام 1893 وهو في طريقه للدفاع عن موكله إستقل غاندي قطار من مدينة دوبان إلي بريتوريا في جنوب إفريقيا والتي كانت فيها أنذاك التفرقة العنصرية متفشية بصورة كبيرة، وبسبب لون بشرته أمره المحصل بالإنتقال من عربة الدرجة الأولي حيث أنها مخصصة لذوي البشرة البيضاء إلي عربة الرعاع أو الأدني درجة من البشر، وعندما رفض غاندي طلبه لأنه يحمل يحمل تذكرة الدرجة الأولي، الأمر الذي ترتب عليه أن دفع المحصل عنوة غاندي من القطار في أقرب محطة، وأمضي غاندي ليلة شتاء عصيبة عاني فيها من البرد الشديد، وخوفاً من أن يتعرض لإهانة أخري، رفض غاندي أن يطلب من مسئولي المحطة أن يعطوه معطفه من الحقيبة، تلك الواقعة كما قال غاندي قد غيرت مجري حياته، حتي أن لافتة كتبت في هذا المكان تشير إلي ما لاقاه غاندي من إهانة.

كن غفيراً، كمساري، أو مديراً لكن لا تنسي أن تكون إنسان قبل أي شيء، حيث كشفت واقعة إلقاء كمساري لشابين من القطارأو إجبارهم علي القفز من القطار أثناء سيره بسرعته الكبيرة لعدم قدرتهما علي سداد قيمة تذكرة الركوب، مما ترتب علي ذلك مصرع أحدهما تحت عجلات القطار وفصل رأسه عن جسده، وإصابة الثاني بإصابات خطيرة، يا ليت كمساري قطار الأسكندرية أسوان تصرف مثل محصل قطار جنوب أفريقيا وأنزل الشابين في أقرب محطة وسلمهما للشرطة، لكنه ألقي بهم بلا أدني إنسانية أو تأنيب ضمير.

كشفت حادثة رمي الشابين الفظيعة تلك عن تدني منسوب الإنسانية عندنا وأن الأمر جد خطير ويجب مراجعة أنفسنا حتي لا ينتهي بنا الأمر للعيش في غابة يأكل فيها القوي ويسحق فيها الضعيف ونخسر البشر والوطن، العجيب وما يستلفت النظر حقاً هو إدعاءنا الحرص علي بعضنا البعض، لكن الحقيقة هو أن الأعلام منذ سنوات وهو يصب الزيت علي النار ويحرض علي القتل ويشعل الفتن ويصدر منه أفعال وأقوال ضد الإنسانية وصلت لحد الشماتة في الموت بحجة الخوف علي البلد، هذا بالإضافة إلي الأعمال الفنية من أفلام ومسلسلات تعلم الشباب والناس منها الأنانية والتمركز حول الذات وإستسهال القتل علي أتفه الأسباب، وإسترخاص المعاني الإنسانية العظيمة ووضعها في المتاحف وإستبدالها بالهبش والبلطجة وسوء الخلق.