الأحد 22 ديسمبر 2024
توقيت مصر 15:47 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

رمضان في زمن الكورونا

أسامة شحادة
بعد إعلان الأردن استمرار إيقاف صلاة الجماعة والجمعة و التراويح في رمضان، وهو الأمر الذي ستفعله دول أخرى، وهو قرار له حظ من المشروعية الدينية والمعقولية، فالعدوى بالمرض في التجمعات حقيقة ثابتة، وحفظ النفس مقصد شرعي، وسلوك الناس لا يمكن التحكم به، والفوضى التي نراها في الأسواق سنشهد مثلها في المساجد، والمساجد في الجمعة ورمضان أصلا تضيق بأهلها فكيف سنقوم بالتباعد في الصلاة كما يقترح بعض الأفاضل؟ أو كيف سنختار من يسمح له بالصلاة دون غيره كما يطالب بعض الأخيار أن يخصص لكل مسجد عدد محدد!
وفضلا عن هذا كله فإن السماح بصلاة التراويح ستكسر حظر التجول المسائي، حيث سيخرج الجميع بحجة الصلاة ولكن الكثيرين سيكتفون بالتسكع في الشوارع.
إذا قرار استمرار غلق المساجد في الأماكن التي فيها احتمال للعدوى قرار له وجاهته، وعلينا التعامل معه ومع توابعه بواقعية بالصلاة في بيوتنا، فمن رحمة الإسلام وشموليته وصلاحيته لكل زمان ولكل الحالات أنه جعل الأرض كلها للمسلم مسجد، ولا يشترط لأداء الصلاة أماكن مخصوصة دون غيرها، وإعمار البيوت بالصلاة وقراءة القرآن فيها منافع عظيمة للناس.
فكم من الأطفال والشباب أصبحوا يواظبون على الصلاة ولم يعودوا يتهاونون بها بسبب صلاة الجماعة في البيت، وكم صحح الكثير منهم صلاتهم بسبب ذلك بعد تنبيه أحد الوالدين له، وكم أشرقت البيوت بذكر الله بعد أن كانت مظلمة بسبب مشاغل الحياة.
واليوم يقبل علينا رمضان، فلنعمل على استثماره بشكل متميز في ظل هذه الظروف الصعبة، وهاكم بعض الأفكار:
1-لا يشتكِ اليوم أحد من قلة الوقت لمراجعة أحكام الصيام الفقهية أو تهيئة قلبه لهذه العبادة العظيمة وهي أحد أركان الإسلام، ومما يساعد المسلم على ذلك إذا كان لا يمتلك كتبا في ذلك تصفح موقعي: صيد الفوائد وطريق الإسلام على شبكة الإنترنت، ففيهما عشرات المحاضرات والكتب والنشرات عن الصيام.
2- جهز من الآن مصلى يتسع للجميع لصلاة الجماعة الفرائض والتراويح إن لم تكن فعلت من قبل، ورتب طريقة لوضع المصحف للإمام لصلاة التراويح، وقد أجاز كثير من العلماء حمل المصحف في الصلاة أو القراءة منه.
3- الأصل في رمضان أنه شهر الصيام والصبر والطاعة والقرآن، ولذلك كان في تضييع كثير من المسلمين لبركته في الأسواق والمقاهي شؤم كبير، ومن نعمة الله اليوم الحظر الصحي! وبقي من هذه الشرور المسلسلات التلفزيونية ومسلسلات الفضائيات والإنترنت، فإياك أن تسرق هذه المسلسلاتُ بركة شهر رمضان أولا، وإياك أن تبارز الله عز وجل بالمعاصي ونحن في مرحلة ابتلاء لا يصلح فيها إلا التضرع والتوبة لله عز وجل ليرفع عنا الوباء.
4- شرع الله عز وجل رمضان للمؤمنين والمؤمنات ليكون فرصة لهم للتخفف من شهوات الطعام والشراب، فحوله أهل الفسق والعصيان بتحريض الشيطان ليصبح شهر تنافس في المطابخ والموائد وعروض البوفيهات في المطاعم والفنادق!
وأصبح شهر رمضان يحتاج إلى ميزانية أكثر لتلبية تصاعد شهوات البطن! وحفلات الولائم التي كثير منها يكون من نصيب قطط حاويات القمامة!
واليوم في ظل الحجر الصحي لنهجر قنوات الطبخ ونجعل منه فرصة أيضا ليكون رمضان شهرا للطاعة وشهرا لضبط شهوة البطن وترك نهج استهلاك العولمة المادي والذي راكم على كثير من الأسر ديونا ربوية وشحوما في بطونها! وهي فرصة لتقليل المصاريف مع انخفاض الرواتب وقلة المداخيل، وبذلك نحدث شيئا من التوازن المالي على صعيد الأسر المتوسطة الحال والضعيفة.
5- من مقاصد شهر رمضان الشعور بالفقراء وتفقدهم، فلنحرص على فقرائنا من حولنا ولنتقاسم معهم بعض ما لدينا وكما قيل: "الجود من الموجود".
لنجعل من وباء الكورونا فرصة لنرفض كثيرا من العادات والسلوكيات المنافية لمقاصد الصيام ولنحيي من جديد معاني رمضان شهر الصبر والقرآن لعلّ الله عز وجل يرضى عنا ويكشف البلوى.