أصبحت الصين في الآونة الأخيرة مصدرًا للأوبئة التي تصدرها للعالم أجمع، ولأن العمالة الصينية والمنتجات الصينية منتشرة في العالم والسوق الصيني يجد طريقه بسهولة في الأسواق العالمية فمن الطبيعي أن تصدر أيضًا الأوبئة والأمراض.
ولكن لماذا الصين غالبًا هي المصدر الأساسي للفيروسات والأمراض القاتلة، أجاب عن هذا السؤال تقرير نشرته "سكاي نيوز عربية"، وأرجحت السبب إلى أن سكان الصين يتناولون كل ما يمشي على الأرض من الحيوانات ومنها علي سبيل المثال الكلاب والقوارض والثعابين والقطط، ناهيك عن تناولهم للحشرات والديدان وكذلك الخفافيش التي يعتبر حساؤها غذاء مستحبًا جدًا لهم، وذلك بحجة أنهم يوفرون الأعباء علي الدولة من زيادة عددهم التي جعلتهم أكثر البلاد شعوبا والتي وصل عددها حاليًا إلى 1.439.323.774 نسمة، حسبما أعلنت الحكومة الصينية.
وحاليًا تؤكد الشائعات أن عدوي فيروس "كورونا" كانت بسبب "الخفاش" أو "الثعبان" فكلاهما من الممكن أن يكون حاملاً للفيروس إلا أن "الخفاش" ترجح كفته أكثر بسبب أنه كان حاضن لفيروسات سابقة خطيرة مثل "كورونا" و"ساري"، وبالرغم من تطور الفيروس وتحوره فإن كل الإجراءات حاليًا خاصة بكيفية مكافحته والحد من انتشاره ربما لم يعلن قريبًا عن المسبب الحقيقي للمرض، إلا أن الوقائع تؤكد أن الفيروس انتقل من "الخفاش" إلي حيوان وسيط تمكن من نقله إلى الإنسان ببساطة.
ونشرت "CNN " تقرير عن سوابق "الخفاش" في نقل الفيروسات، ونقلت عن رئيس منظمة "EcoHealt Alliance " الصحية والبيئية بيتر داسزاك أن التسلسل الجيني للفيروس يتطابق مع فيروسات "كورونا" أخري معروفة.
وأشار البروفيسور جويزن وو من المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها في دراسة إلى أن البيانات التي لديهم حتى الآن تتفق مع نظرية أن الفيروس نشأ في الخفافيش منذ البداية.
ولا يعتبر "كورونا" هو بداية السمعة السيئة التي لحقت بالخفاش فكان هناك قبلها فيروس "ماربورج" و"نيباه" الفتاكين والذي تسبب الخفاش في نقلها في أوغندا وماليزيا وبنجلاديش وأستراليا، إلي جانب فيروس "إيبولا" وداء الكلب والمتلازمة التنفسية الحادة والوخيمة "سارس" وفيروس "كورونا" المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والذي ظهر لاحقًا في الإبل، كما انتقل الطاعون بسبب القوارض، وفيروس نقص المناعة بسبب الشمبانزي، ليثبت أنه دائمًا ما يكون هناك وسيط متورط في نقل الفيروسات من الحيوانات، لذلك يسمي العلماء هذه الفيروسات بـ" حيوانية المنشأ"، لأنها تنقل من الحيوانات إلي البشر.
وبالنسبة لفيروس "نيباه" والذي سبب مجموعة من الأعراض منها التهاب الدماغ القاتل، وبتتبع كيفية انتقاله اكتشفوا انه انتقل من العصير المصنوع من عصارة شجرة نخيل التمر التي كانت ملوثة ببول الخفافيش أو اللعاب، وكانت الخفافيش تتجول بين الأشجار حيث وضع السكان المحليين حنفيات لجمع العصير.
وعن ارتباط الفيروس الجديد بالخفاش، قال الدكتور ستاثيس جيوتيس عالم الفيروسات في قسم الأمراض المعدية في جامعة إمبريال كوليدج بلندن إن العلاقة بين الاثنين لا تشكل مفاجأة بالنسبة لعلماء الفيروسات لأنه يطلقون على الخفافيش "خزان الفيروسات" حيوانية المنشأ، مرجحين أن الخفاش حدوة الفرس الصيني وهو نوع من أنواع الخفافيش المنتشرة في الصين هو المسئول في انتشار فيروس" كورونا" الجديد.
وتعتبر الخفافيش التي تضم أكثر من ألف و300 نوع في المرتبة الثانية بعد القوارض في تنوع الثدييات وتعيش في جميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية، إلا جانب أن عمرها الافتراضي طويل، وتكتظ بالملايين في الكهوف أي أنها تلامس مزيد من الفيروسات وتنتقل بسهولة بينها، ولا تعاني من الفيروسات التي تحملها.
وأرجح العلماء عدم إصابة الخفافيش بالأمراض من الفيروسات التي تحملها إلى أن التحليق ساعد على تطوير آليات تحميهم من الفيروسات لأنه يرفع عملية التمثيل الغذائي لها وكذلك يرفع درجة حرارة الجسم، ما يحفز الجهاز المناعي لها ويجعلها أكثر تحملاً للفيروسات، إلى جانب أن النظام المناعي قد تكيف على مدي قرون من التطور بسبب قدرتها على التحليق.
ولم يكف العلماء في الصين عن دراسة الخفافيش لتوقعهم أن تكون السبب في نشر الوباء القادم، وعثر العلماء علي 50 نوع من فيروس كورونا مرتبط بـ"السارس" في الخفافيش في جميع أنحاء الصين، ولدي أشخاص يعيشون في مقاطعة" يونان" الغربية بالقرب من الكهوف، و عثر علي الفيروس في الخفافيش بالرغم من أنه لم تظهر أي أعراض أمراض للجهاز التنفسي أثناء أخذ العينات، وهذه الفيروسات تشكل خطر كبير فهي في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا ويتعرض لها الأشخاص بانتظام ويصابون بالفعل.
وأكدت الدراسات أن الفيروسات تنتقل من الخفافيش إلي حيوان بري آخر غير معروف حتى الآن ومن ثم ينتقل إلي البشر.
وأكد بول هانتر أستاذ الطب في جامعة إيست أنجليا لمركز العلوم الإعلامية في لندن، أن هناك تقارير أولية علي الرغم من الاختلاف عليها تفيد بأن الفيروس قد تم اكتشافه بالفعل في كل من الخفافيش والثعابين والسلالات الموجودة في كل من الخفافيش والثعابين تشبه بعضها البعض وسلالة الحالات البشرية.
وتم الإبلاغ عن ظهور المرض لأول مرة في أواخر ديسمبر الماضي أي خلال فترة سبات أنواع الخفافيش في "ووهان".