الأحد، 14-02-2021
12:11 ص
قد يوحي تقرير نشرته صحيفة "فورين بوليسي" في 27 يناير الماضي بأن تأثير شركات الضغط الأمريكية على صناعة القرار في واشنطن، قد يبقيه على حاله في عهد إدارة ترامب، وهو إيحاء مضلل إلى حد كبير.
صحيح أن بعض من يعملون في إدارة
بايدن كانوا أعضاء جماعات ضغط سابقا، لكن هذا لا يعني أنهم سيكونون لقمة سهلة الهضم لجماعات الضغط لصالح زبائنها من بعض الحكومات.
شركات الضغط Lobbying firms منصوص عليها في الدستور الأمريكي، وهي لا تعمل في إتجاه واحد فقط، أي تنفيذ مطالب الجهات التي تتعاقد معها بإستخدام نفوذها لدى مؤسسات صناعة القرار، وإنما أيضا تقدم المعلومات والبيانات عن سياسة الإدارة الجديدة ومعها النصيحة التي تجعل الحكومات المتعاقدة معها تراجع سياساتها وقراراتها.
ليست كل شركات الضغط مؤثرة، فمن 1300 شركة مسجلة في الربع الثالث من عام 2015 لا تلبي سوى 22 شركة فقط المعايير التي اتفقت عليها مؤسسة بلومبيرج، وهذه الشركات المحدودة تحرص على سمعتها في مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان ولو خسرت في سبيل ذلك بعض الزبائن الذين يدفعون أكثر.
في العقد السابق كانت شركات الضغط تعتمد في تأثيرها على العلاقات الشخصية، جلسات غداء مثلا مع أعضاء مؤثرين في الكونجرس، أو رجال إعلام وصحفيين ودبلوماسيين في وزارة الخارجية.
تلك الأيام قد ولت.. حتى مساهمة بعض الحكومات بشكل غير مباشر بواسطة جماعات ضغط في تمويل حملتي ترامب و
بايدن، ستكون غير ذات تأثير في تغيير سياسة البيت الأبيض. ترامب في حملته الأولى التي أوصلته للرئاسة قال إنه ليس مدينا لأحد، أي أنه أنفق من ماله الشخصي على حملته، وفي فترة رئاسته لم تكن علاقته جيدة مع الكونجرس، جمهوريون وديمقراطيون، ومن هنا لم يكن عمل جماعات الضغط بينهم مؤثرا، لكن يبدو أن ترامب استفاد منها في الحصول على أموال ضخمة للولايات المتحدة من بعض دول الخليج .
نلاحظ أن تقرير فورين بوليسي المشار إليه في أول هذا المقال ذكر أن السعودية استأجرت في تلك الفترة 16 شركة ضغط لتحسين السمعة في مواجهة الحملات التي تعرضت لها في الإعلام الأمريكي عقب اغتيال جمال خاشقجي في مقر قنصليتها في اسطنبول.
"لن أكون مدينا لأحد" هذا ما قاله الملياردير بلومبيرج عندما أراد الترشح لانتخابات الرئاسة عن الحزب الديمقراطي، وكان يقصد أنه سيمول حملته من ماله الخاص حتى يكون بعيدا عن تأثير شركات الضغط.
الحقيقة أن واشنطن تغيرت الآن. نفوذ شركات الضغط لن يكون مؤثرا لصالح بعض الحكومات ومنها الخليجية والشرق أوسطية، إلا بالتأثير العكسي، أي تقديم النصيحة المخلصة لتلبي سياساتها معايير البيت الأبيض خلال إدارة
بايدن.