خطة الأمس واليوم (خلق تهديد مرعب وغير مفهوم بشكل كبير) خطر
الإرهاب ..
المؤامرات الخارجية.. الخ.. تشن
الحكومة الفرنسية هذه الأيام حملة اعتقالات واسعة بين
المسلمين فى
فرنسا وإغلاق ل
جمعيات إسلامية وقامت للمرة الاولى بإغلاق مسجدا بباريس وتستعد لطرد 231 مسلم ..كل ذلك تم ويتم على خلفية مقتل معلم تاريخ قام بنشر رسوما
كاريكاتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم يوم الاربعاء 7/10 في حصة التربية الأخلاقية والمدنية كانت قد أعادت نشرها مجلة شارلي إيبدو فى سبتمبر الماضى واعتبرها
ماكرون فى تصريح له مؤخرا أنها ضمن حرية التعبير ورفض التدخل لمنع إعادة نشرها..
كان
المدرس قد طلب من التلاميذ
المسلمين مغادرة الفصل قبل بدأ حصته لمعرفته بأنها تسىء إليهم وتهينهم وبعدها بعشرة أيام قطع شاب اسمه عبدالله أنزوروف (18 عاما )رأس
المدرس.. وتقول الاخبار أنه عثر في هاتف أنزوروف على صور للمدرس ورسالة يعترف فيها بالجريمة وصورا لجثة
المدرس مقطوعة الرأس.. كانت الشرطة الفرنسيةكانت قريبة من موقع الحادث فاطلقت 9 رصاصات على القاتل فأردته قتيلا .الأمر الذى أثار دهشة الدنيا كلها فهو يعتبر كنز معلومات وتحليلات ودراسات لهذا الموضوع الخطير الذى تستيقظ وتنام عليه
الحكومة الفرنسية(
الإرهاب الإسلامى) كما كان قد قال قبلها_ للمصادفه الصديفه _
ماكرون :أن
الاسلام يعيش ازمة فى كل مكان فى العالم ..
كان بإمكان شرطة مدربة على تعقب الجناة أن تقوم بشل حركة الجانى بأى شكل لا قتله والتخلص منه فى الحال ..!! وعلى الفور اتهم وزير الداخلية دارمانين(الارهاب
الاسلامى) بقتل(معلم حرية التعبير) وقال إن الحكومة ستحقق في وضع 51 جمعية إسلامية فرنسية و إذا تبين أن أيا منها تروج للكراهية فسوف تغلقها.. ووصف دارمانين إحدى تلك المنظمات ( مناهضة لإسلاموفوبيا في
فرنسا) بأنها عدو للدولة.. المنظمة التي تراقب جرائم الكراهية ضد
المسلمين في
فرنسا اتهمت الوزير بالتشهير بها بعد أن ادعى أنها ضالعة في الجريمة..لم يصدق
ماكرون خبر .. ودعا على الفور الوزراء المعنيين بشؤون الأمن في البلاد باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة (
الإرهاب الاسلاموى) ليس هذا فقط بل وترأس الأحد 18/10جلسة استثنائية لـ(مجلس الدفاع الفرنسي) لبحث قضايا التصدي للإرهاب
الاسلاموى في
فرنسا حيث طالب باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة هذا التهديد.. ستذكرنا هذه الأحداث بتفجير برجى التجارة العالمى بنيويورك 11/9/2001..والتى على أساسها صنعت أمريكا عدوها الجديد(الإسلام) وقامت بغزو افغانستان والعراق ..
من منتصف السبعينيات وتعانى الحركة الاصلاحية_للأسف الشديد_ فى بلاد العرب و
الاسلام من خطرين بالغين :(الاختراق) و(التطرف)..والخطر الثانى هو الابن الشرعى والطبيعى للخطر الاول ..لأنه طوال تاريخ الحركة الاصلاحية من القرن الـ18 ولم تعان من هذا الداء العياء الذى تم تصنيعه تصنيعا معمليا دقيقا فى معامل المخابرات الغربية كما أشار إلى ذلك العلامة ا.د /حامد ربيع(1924 -1989) والذى مات مقتولا فى ظروف غامضه.. اشار الى ذلك فى كثير من دراساته وقال أن ما نراه الأن يهدف لتحقيق غرضين ..الأول فصل المجتمع و حرمانه من أهم مصادر قوته الحضارية(
الاسلام) بعد أن خطفه المتطرفون وتنظيماتهم العنيفة.. والثانى التدمير الهيكلى للحركة الاصلاحية ذاتها فتعجز عن قيامها بدورها كقاطرة قوية لنهضة شعوب وبلدان الشرق العربى و
الاسلامى .
ولكن ما علاقة كل ذلك بما تغلى به
فرنسا بل وأوروبا كلها وتفور وتمور به خلال السنوات القليلة الماضية ؟؟ العلاقة وثيقة للغاية وتاريخية للغاية وأيضا وبسيطة للغاية .. وكيف يكون ذلك ؟.
تقول الدراسات أنه كى تقوم أي حضارة بالحفاظ على وجودها يجب أن يكون نسبة المواليد بين سكانها تمثل (2,1) مولود لكل أسرة ..كما و أنه لا يمكن لثقافة أو حضارة أن تحافظ على وجودها إذا ما وصلت نسبة المواليد فيها إلى( 1,9)مولود لكل أسرة ..أما إذا بلغت نسبة المواليد( 1,3)لكل أسرة هنا قد يصبح من المستحيل لهذه الحضارة أن تتواجد مرة أخرى .. لأن ذلك يتطلب ما بين 80 إلى 100 عام لتصحيح وضعها .. دول الاتحاد الأوروبي الـ 31 وصل معدل المواليد إلى( 1,3)مولود لكل أسرة وهي النسبة التي يرى الخبراء أنه من الصعب جدا أن تبقى معها أوروبا الحالية موجودة فى المستقبل القريب..على الجانب الأخر تشكل الأسر الأوروبية المسلمة خروجا على هذه المعادلات لحرص
المسلمين على الحياة الإجتماعية فى نطاق مفاهيم الأسرة والعائلة بكل ما يعنيه هذا المفهوم من شروحات وتفسيرات طبيعية ودينية ليس هنا مجال تفصيلها ..
الحاصل أن هناك قلقا عميقا داخل المجتمعات الغربية من إمكانية التلاشى والفناء وهو ماعبر عنه (باتريك بوكانان /82 عاما) السياسى والمفكر الامريكى اليمينى فى كتابه الشهير(موت الغرب) الذى ترجمه الاستاذ محمود التوبة سنة 2002م يشير فيه إلى أن الغرب الأن مستغرق فى الرفاهية المنذرة بالموت ..(موت أخلاقي)بسبب السقوط الأخلاقي الذي ألغى كل القيم التربوية الأسرية والأخلاقية التقليدية و(موت بيولوجي ) بالموت الطبيعي الذى لا يتم تعويضه بالأسرة والأبناء كما ذكرت الاحصائيات السابقة ..وقال: العالم الغربي بما فيه أمريكا وأوروبا يواجه غزواً إسلاميا وإفريقيا .. وبحلول عام 2050 ستصبح نسبة الأوروبيين المنحدرين من أصل عرقي أوروبي فقط ..عُشر سكان العالم.. وأن هذا العُشر ستخيم عليه فئة الكبار سنا مما يعني أن النسبة سوف تتقلص بعد ذلك التاريخ ثم يقول :هذه هي إحصائيات مجتمع منحط وحضارة تحتضر وتموت .
تقول الحكاية أن الغرب لديه مشكلة عميقة وتاريخية مع
الاسلام..وهى وإن كانت فى الماضى تمثل شىء فهى الأن تمثل شىء وأشياء.. فأوروبا لديها مشكلة حقيقية حول سؤال الوجود والمصير .. لديها أيضا مشكلة فكريتعلق بالاجتماع الانسانى كله.. وقد فشلت الكاثوليكية والبروتستانتية فى تقديم أى إجابات مقنعة تتعلق بسؤال العقل.. وأيضا سؤال القلب والضمير فى هذين المجالين.. ومن قرأ كتاب العلامة/على عزت بيجوفيتش(1925 -2003م ) الكتاب العمدة فى علوم الحضارة والفلسفة والانسانيات (
الاسلام بين الشرق والغرب )سيدرك أن العقل الأوروبى ذاهب لا محالة الى الإسلام.. غير أن مشكلة الأسرة والمجتمع هى أم المشاكل فى أوروبا ذلك أن الدافع للزواج وتكوين أسرة ضعيف للغاية بل يكاد يكون منعدم..وهو ما سيؤدى بطبيعة الحال إلى الفناء..
الثقافة
الاسلامية تمتلك (مكتبة صلبة) فى الجانب الاجتماعى وسواء كان الإقبال عليها ذاتيا بدوافع البحث عن الأفضل من العقل الأوروبى .. أو أن الـ 56 مليون مسلم أوروبى سيقومون بعملية إحلال وتجديد بالحرص المعروف عن المسلم فى مفاهيمة الاجتماعية والأخلاقية ..سنجد أنفسنا فى الحالتين أمام مشكلة تواجه القابضين على السياسة والفكر والهيمنة فى المجتمع الأوروبى ..وأنا _بصراحة_لا أستطيع أن أقرأ ما يحدث الأن فى أوروبا عامة وفى
فرنسا خارج هذا السياق وبعيدا عن هذا الفهم ..أما كيف يحدث كل ذلك ؟ فتلك تفاصيل باتت تتقنها كل الأجهزة المخابراتية والبحثية ؟
سنتذكر أنه عندما سُئل (هاينريش هيملر/1900 -1945م) قائد الحرس الأسود فى النظام النازى والمساعد السابق لجوزيف جوبلز وزير إعلام هتلرعن العصابات المسلحة التى تسرح وتمرح فى بافاريا والتى تقتل وتخرب قال (نعم ولكن ليس هناك منها عدد كاف ) فى إشارة إلى أنه يرعاها وينظمها..!! مدرسة هيملر مدرسة عتيقة لـ(صناعة
الإرهاب) تتلمذ فيها ولازال يتتلمذ الكثير من رواد ذلك الفن الأسود المريب الذى أصبح علما له أساليبه وفنونه الخاصة .
يقولون أن الخوف كامن فى عمق الإنسان سواء كان فردا..أو جماعة.. (ميشيل فوكو/1926-1984) المفكر الفرنسى الشهير يقول (أن كل نظام سياسى يمتلك مكونات تصنيع ورعاية الخوف والرعب وهى مكونات مهمة لتأكيد سلطته.. و الخوف يكون حيث تكون هناك إرادة سيطرة واستحواذ وهو بذلك يتصل بعلاقات القوة ...) وضع تحت علاقات القوة هذه الف خط وخط وأذهب بخيالك الى أبعد الافاق وتخيل الحكومات الخفية التى أشار اليها الفيلسوف الفرنسى(ميشيل اونفراى /60 عاما) وما تمتلكه من مكونات السيطرة والهيمنة من إعلام واموال وشركات وهيئات ونفوذ لا حد له فى كوكب الارض..
وهذا ما يحدث فى
فرنسا الأن ..عملية تصنيع للخوف وتجسيده فى(
الاسلام) تتم على قدم وستمائة ساق .. وعودك على بدئك بنفس الطريقة القديمة السخيمة (الاختراق) و(التطرف) .. وعليكم أن تتخيلوا مشهد(ذبح المعلم) وكم البشاعة والرعب الذى ينبعث منه ويتم تصدير كل ذلك فورا للمجتمع والعالم ..هذه عملية اختراقية متطرفة من الطراز المخابراتى العتيق ..والأحزان تُذكِر بالأحزان .. هل تتذكرون مذبحة اسيوط فى 9/10/1981والتى قتل فيها 118 من رجال الأمن المصريين الأبرياء فى مبنى المديرية والمبانى المجاورة .. ألايذكركم هنا بهناك وهناك بهنا .. من المستفيد ؟ السؤال الأبيض البديهى التاريخى الذى يفضح الفضيحة نفسها ..دعوا الخط يمتد على إستقامته كما يقول المثل المثيل ..وستجدون (الشيطان) نفسه .
الكاتب والإعلامي الفرنسي الشهير(إدوي بلينيل/68 عاما) أصدر عام 2015 م كتاب بعنوان( من أجل
المسلمين).. سيأتى
ماكرون بعد عامين ويردد _ دون أن يدرى_ ما فضحه الرجل فى الكتاب وكأنه ينفذ سيناريو قديما مكتوبا له.. يقول بلينيل : هذا الكتاب ردا على أولئك الذين يرون بأن هناك مشكلة مع الإسلام في
فرنسا مهددين الوحدة الوطنية الفرنسية التي يشكل المسلمون ركنا أساسيا فيها .. وقال فى حوار له مع إحدى المجلات العربية: ان ما دفعه لكتابة هذا الكتاب هو تكرار تعابير مثل (هناك مشكلة مع الإسلام في
فرنسا) مما يجعل من
فرنسا وكأنها في حرب ضد دين .. فيصبح هذا الدين متهما بشكل دائم .. وبدون سبب مباشر يتم تجاهل المؤمنين به واستبعادهم من المجتمع وهو ما يدفع بعضهم كنتيجة مباشرة لتهميشهم إلى أن يسلكوا الطريق الأسوأ(ما هو هذا هو عين الطلب يا عم بلينيل !) .. ويضيف : لذا قررت أن أتحدث باسم هذا الدين وباسم الفرنسيين الذين يعتنقونه.. ضد هؤلاء الذين يحاولون جعلهم كبش فداء لما نعانى منه من قلق و حيرة وتردد.