تداول رواد تويتر قصة واقعية من حياة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي المليئة بالأسرار وكنوز معرفة الحياة، والقرب إلى الآخرة.
حساب فاطمة مشالي مدير عام بالطيران سرد تفاصيل القصة على حسابه قائلة: قصة حقيقية يرويها فضيلة الشيخ متولي الشعراوي رحمه الله: كنت عائدا إلى بيتي قبل المغرب بساعة في يوم من أيام رمضان، فاستوقفني رجل فقير من الذين يترددون على درسي في المسجد تردد الزائر فسلم علي بلهفة أدمعت عيني.
وأضاف الشيخ الشعراوي أن هذا الرجل الفقير قال لي: أستحلفك بوجه الله أن تفطر عندي اليوم؟
وتابع قائلا: عقدت لساني لهفته وطوقت عنقي رغبته وأشرق في قلبي وجه استحلفني به فقلت له :يا أخي، الأهل بانتظاري وظروفي لا تسمح، ولكن يقول الشيخ: وجدت نفسي أتبعه إلى بيته الذي لا أعرف مكانه، ولا أعرف ظرفه في هذا الوقت الحرج من موعد الإفطار.
وفي تفاصيل القصة يقول الشيخ الشعراوي: وصلنا إلى بيته، فإذا هو غرفة ومطبخ وفناء صغير مكشوف على سطحٍ اشتراه من أصحابه، وله مدخل ودرج خاص من الخشب لا يحتمل صعود شخصين، فخشباته تستغيث من وهَن خلفه بها الفقر وطول السنين.
وكانت السعادة تملأ قلب هذا الرجل، وعبارات الشكر والامتنان تتدفق من شفتيه وهو يقول لي: انظر يا سيدي، هذا البيت ملكي - والملك لله- لا أحد في الدنيا له عندي قرش.. انظر يا سيدي، الشمس تشرق على غرفتي الصبح، وتغر ب من الجهة الثانية وهنا أقرأ القرآن عند الفجر وقبل المغيب.. وزوجتي الله يرضى عليها تجلس على ذلك الشبّاك وتدعو الله لي والله يا سيدي كأني أسكن في الجنّة .
وأشار الشيخ الشعراوي إلى أن كل هذا يجري على مسامعي وأنا أصعد على الدرج بحذر خشية السقوط
لحظات ووصلنا إلى الغرفة فجلست، وذهب الرجل إلى زوجته، وسمعت صوتا خافتا من صاحب الدار يقول لزوجته:جهزي الفطور الشيخ سيفطر عندي اليوم.
وأضاف أنني سمعت صوت زوجته تقول له :والله، ما عندنا أكل غير فول، ولم يبق على أذان المغرب إلا نصف ساعة، ولا شيء عندنا نطبخه، ولو كان عندنا، فالوقت لا يكفي.
يقول الشيخ: سمعت هذا الحوار كله، فلما جاء صاحب الدار قلت له :يا أخي، لي عندك شرط؟أنا أفطر مع أذان المغرب على ماء ومعي التمر، ولا آكل إلا بعد نصف ساعة من الأذان، بعد ما أهضم التمر والماء، وأصلّي وأُنهي وِرْدي اليومي، ولا آكل إلا فول مدمس وبطاطس.
فقال الرجل: أمرك سيدي فقال الشيخ : إذاً دعني الآن لأختلي مع ربّي وتمّ ما أراده الشيخ، وأفطر عنده ثم غادر.
يقول الشيخ: لقد اخترت البطاطس لأنها زادُ الفقراء، وأحسبها عندهم وقد خرجتُ وكلّي سعادةٌ وبهجة، وقد أحببتُ الدنيا من لسان هذا الرجل الذي ما نزلت من فمه عباراتُ الثناء والحمد على نِعم الله وعليه بهذا البيت الذي ملّكَهُ الله إيّاه.
واختتم الشيخ الشعراوي حديثه قائلا : بعد أيام دعيت مع مجموعة من الوجهاء على الإفطار عند أحد التجّار الأثرياء، وكان من الذين أنعم الله عليهم بالمال والجاه والأولاد والحسب والنسب.
وكانت الدعوة في مزرعة فخمة فيها مما لذّ وطاب، يتوسّطها منزل أقرب ما يكون للقصر، يطلُ على مسبحٍ ومرْبَط خيل فيه نوادر الخيل الأصيلة.
وأضاف أننا أفطرنا عند الرجل وأثناء المغادرة، انفرد صاحب الدعوةِ بي، وشكى لي من ضيق الحياة وهموم التجارة، ومتاعب الأولاد وسوء طباع زوجته، وطمع من حوله به، وكثرة المصاريف لإرضاء الجميع، وكرهه للحياة، ورغبته بالموت ليتخلّص من هذه الهموم.
يقول الشيخ : والله، من باب منزل صاحب الدعوة، إلى باب سيارتي،سوّد هذا الرجل الدنيا في عيوني،وأطبق علي صدري وأنفاسي، وعلمت حينها نعمة الرضا.