الأحد 22 ديسمبر 2024
توقيت مصر 23:39 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

الشيخ محمد رفعت "أسلم على يديه طيار كندي".. ومحمد عبد الوهاب: كنت خادما له

الشيخ محمد رفعت "أسلم على يديه طيار كندي".. ومحمد عبد الوهاب: كنت خادما له

عندما يذكر شهر رمضان يذكر معه صوت الشيخ محمد رفعت، وقرآن المغرب، الذي صار من أهم موروثات رمضان في العصر الحديث بين المصريين.

بصوت ملائكي : "إنا فتحنا لك فتحا مبينًا * ليغفر لك الله ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر ويتمّ نعمته عليك ويهديك صراطًا مستقيمً" افتتح الشيخ محمد رفعت الإذاعة المصرية عام 1934م.

وقد تعاقدت الإذاعة مع الشيخ ليكون أول قرائها،والذي لم يقبل الأمر في البداية ، وفضّل البقاء في مسجد فاضل باشا، ظن أن هناك حرمانية في تلاوة القرآن عبر الأثير الصوتي.

وعقب رفض الشيخ محمد رفعت أفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظاهري، له بجواز تلاوة القرآن عبر الإذاعة، حيث وافق الشيخ بعد إجازة شيخ الأزهر ودار الإفتاء المصرية.

وبعد سنة واحدة من رحلته مع الإذاعة المصرية بدأت العروض تنهال عليه من كل مكان، فجاء إليه عرض كبير من مدينة حيدر أباد بالهند يعرض عليه تلاوة القرآن هناك مقابل 15 ألف جنيه مصريّ، وهو مبلغ كبير للغاية في ذلك الزمان لكن الشيخ رفضه، وفضّل البقاء في القاهرة.

كما عرضت عليه إذاعات لندن وباريس وبرلين أن تستهل برامجها الموجهة إلى المصريين بصوته فلم يعبأ بعروضهم ورفضها جميعًا، خشية أن يكون طمعًا في المال.

و لم يكتف الشيخ محمد رفعت بصوته المتفرد فقط، بل حرص على دراسة التفسير وعلوم القرآن، وحتى المقامات الموسيقية المختلفة، فكان يحتفظ بأسطوانات موسيقية لبيتهوفن وموتسارت، وفاجنر.

وكان منزله في درب الجماميز صالونا أدبيا كبيرا تهفو إليه الكثير من أفئدة المثقفين وكان من أبرزهم  الفنانة ليلى مراد قبل إسلامها برفقة والدها، وزكريا أحمد وكامل الشناوي وأحمد رامي والموسيقار محمد عبد الوهاب الذي سئل يوما إن كان يسمع القرآن فأجاب نعم، وحين سُأل عمن يحب أن يستمع إليه أجاب بأنه الشيخ محمد رفعت، قائلًا عنه: «أنا  كنت خادمه، كنت  تحت أقدامه، كان صديقي خارج القرآن، وحين كان يقرأ القرآن فأنا خادمه، كان يخاطب الله، حين يقرأ كنت أشعر أنه بين يدي الله».

كما وصف الشيخ أبو العينين شعيشع بالصوت الباكي، حيث كان يقرأ القرآن وهو يبكي، ودموعه على خديه، وحين سُئل الشيخ محمد متولي الشعراوي عن الشيخ محمد رفعت قال: «إن أردنا أحكام التلاوة فالحصرى، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد، وإن أردنا النفس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا هؤلاء جميعًا فهو محمد رفعت».

وقد ولد الشيخ محمد رفعت، في حي "المغربلين" بالدرب الأحمر بالقاهرة يوم الإثنين في شهر مايو 1882 وكان والده "محمود رفعت" ضابطًا في البوليس، وترقّى من درجة جندي - آنذاك - حتى وصل إلى رتبة ضابط، وكان مأمورا لسجن الخليفة ، حينها انتقل إلى السكن في منزل آخر في "درب الأغوات"، بشارع "محمد علي".

 وكان ابنه " محمد رفعت " مبصرًا حتى سن سنتين، إلا أنه أصيب بمرض كُفّ فيه بصره.

يذكر أنه لا توجد ختمة كاملة مسجلة بصوت الشيخ، ولولا زكريا مهران باشا عضو مجلس النواب الذي قام بتسجيل الكثير من تلاوات الشيخ لربما لم يكن هناك الآن الكثير من تلاواته.

وغادرت إحدى الإسطوانات المسجل عليها صوت الشيخ إلى كندا أثناء الحرب العالمية الثانية، هناك سمعها طيار في الجيش الكندي، لا يعرف العربية، أخذه الصوت من بعيد، بدا أن صوت الشيخ رفعت قد جاوز الزمان والمكان ليتمكن من قلبه، أصرّ الطيار على لقاء صاحب هذا الصوت الباكي، نزل إلى مصر، حيث التقى بالشيخ محمد رفعت، مشهرا إسلامه.