الخميس، 07-05-2020
09:17 م
د.أميمة السيد
سيدتى د.أميمة، أنا تزوجت منذ 18 عام من زوجة صالحة وبها مميزات كثيرة ، ورزقنى الله بأربعة بنات، ولكن للأسف كانت مشاكلنا كثيرة، وأنا عصبي جدا وغيور جدا، وهى تخالفنى الرأى في أشياء كثيرة أهمها تربية البنات منذ كانوا صغارا، و أنا اعتبر ذلك عناد ولا أرجعها عن تصميمها إلا بيمين الطلاق، فكنت دائما أقسم عليها بالطلاق حتى تخاف وترتدع، أحيانا تكون أمور تافهة وأخرى كبيرة ومصيرية، وفي أثناء انفعالاتنا للأسف وقع الطلاق مرتان على مدار عشرتنا، ولم يتبقي لنا غير طلقة واحدة، وعلى الرغم من علمها بذلك إلا أنها أصرت هذه المرة على العناد في موقف عادى ولم تبرنى وقت قسمى عليها وأوقعت يمين الطلاق بلا رجعة، مر عام على الطلاق، وتشتت البيت، وهى عند والدها والبنات هنا يحتاجون إلى وجودها كأم وخاصة الكبيرة بالثانوية العامة، ووصلنى أنها ستتزوج رغم يقينى بمدى حبها لى، أختنقت واسودت الدنيا بعينى وهمس لى الشيطان أكثر من مرة انى أقتلها لو تزوجت، رغم انى تحدثت معها ومع والدها كثيرا أنى أشك في وقوع الطلقة الثالثة..
ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف، أنا لا أتخيل أنها تتزوج غيرى ولا أنا أتزوج غيرها رغم أنى ماديا أستطيع، وما الحل في كل هذا العناد؟
(الرد)
حقيقةً أتعجب كثيرا من وصول شخصية بعض الرجال إلي هذا الضعف، حتى أنهم لا يجدون سبل لإقناع زوجاتهم أو التعامل معهن بغير استعمال وسيلة الحلف بالطلاق، مستغلين في ذلك حرص الزوجة على البقاء على العشرة بينهما والحفاظ على حياتهما الزوجية وما بينهما من أبناء..نعم هو بذلك ضعيف الشخصية ولا يدرك مقدار ومعنى قوامة الرجل في بيته، فكل زوجين من الطبيعي جدا أن يحدث بينهما اختلافات في وجهات النظر، ولكن من العقل أن يتناقشا ويطرح كل واحد منهما وجهة نظره، وعلى الطرفين ألا يكابرا ويحاول كل منهما مجرد فقط الانتصار لوجهة نظره، ثم فالرأى الأصح والأسلم والأخير لحياتهما هو الذي يطبقونه، فالحياة الزوجية ليست حلبة للصراع مابين طرفان، ولكنها العشرة بالمعروف والمودة والرحمة..
و لقد شرع الله الطلقة الثالثة لنهاية العلاقة الزوجية، فعلى كل مسلم ومسلمة أن يدرك أن الأمر ليس مزاحا ولا لعبا، فالله تعالى قد أعطى فرصتان قبل الانفصال النهائي والذى هو بمثابة عقاب شديد لكل زوج حلاف بالطلاق ويستهين بالميثاق الغليظ بين الزوجين..
وأنت هنا تستحق ذلك العقاب، لأنك تقر بأن طليقتك كانت زوجة صالحة، وأنك عصبي ولكنك للأسف لم تتدرب طيلة تلك السنوات أن تكظم غيظك حتى على الأقل مراعاة لبناتك وأنهن يوما ما سيتزوجن ويصبحن أمهات، وتقر أيضاً بأن ما يستدعيك أحيانا للحلف بالطلاق هى أمور تافهة، ثم تلقي بالمسؤولية واللوم على أم بناتك بأنها عاندتك وهى السبب في الطلاق، لأنها لم تبرك، تبرك؟!! أهناك بر فيما يغضب الله؟!
أليس كان من الأولى بك أن تبر نفسك أنت أولا ثم تبر أل بيتك؟!! في حين أنك لم تشعر بما وصلت هى إليه من الكبت النفسي، فكان رد فعلها بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير وهدمت عشكم المستقر، ولكنك أنت من تسببت في كل هذا بسرعة غضبك واعتيادك إلقاء يمين الطلاق عليها، وليتك تكون قد تعلمت ووعيت الدرس جيدا أنت وكل من يفعل مثلك..
و للأمانة، أنت لم توضح في رسالتك ماذا كانت نيتك أثناء يمين الطلاق الأخير، ولماذا تجزم بوقوعه من عدمه؟!! عموما أتمنى ألا يكون قد وقع، وهنا لن يحسم أمركما غير دار الإفتاء، فتوجها إليه ليفتيكما في هذا الأمر الهام والحساس..
أما إن أصرت هى على عدم الرجوع وقررت الزواج من غيرك، فهذا حقها، وليس من حقك أن تهددها أو حتى تمنعها بدون تراضٍ بينكما وحلا وتغييرا جذريا لمعاملتك معها، وإن قدر الله لها أن تتزوج غيرك فعليك أن تتقي الله فيها وفي بناتك ولا تفكر إطلاقا في الانتقام منها بأى وسيلة، فيكفيك أنها أما لبناتك، فلا تترك نفسك لشيطانك، واستعذ بالله منه دائما وابتعد تماما عن فكرة قتلها أو إيذائها حتى لا تُشرد بناتك أكثر بعد فقدان الأم والأب معا لا قدر الله..
أسأل الله تعالى لكم جميعا كل خير وهداية واستقرار بعد لم شملكم جميعا من جديد اللهم أمين.