ربما تكون امرأة
مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) منذ ما يقرب من 30 عامًا قد تعافيت من الفيروس، دون تناول الأدوية أو إجراء عملية زرع نخاع العظم.
وعلى مدار عقود من الزمن، درس العلماء، حالة لورين ويلنبرج (66 عامًا)، التي تقول إنها لم تتناول أبدًا أي دواء للعلاج من الفيروس.
بينما يقول الأطباء إن جسدها يحارب العدوى بشكل طبيعي. ويشيرون إلى أنه بالإمكان "إضافتها إلى قائمة" مرضى الإيدز الذين تم شفائهم، بجانب "مريضة برلين" تيموثي راي براون و"مريض لندن" آدم كاستيليجو.
وكان كل من براون (54 عامًا) وكاستيليجو (40 عامًا) المصابين بالسرطان خضعا لعملية زرع نخاع عظمي من متبرع لديه جينات مقاومة لفيروس نقص المناعة البشرية، للقضاء على المرض والفيروس المسبب لـ (الإيدز) في ضربة واحدة.
وتم تشخيص ويلنبرج من كاليفورنيا في عام 1992، لكنها تمتلك القدرة النادرة على قمع الفيروس بنفسها، ولم تحصل على العلاج المحفوف بالمخاطر.
ولم يجد الباحثون في معهد راجون وفي مستشفى ماساتشوستس العام و معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهارفارد، أي آثار لفيروس نقص المناعة البشرية لديها من خلال الاختبارات القياسية.
وجدت التكنولوجيا المتقدمة التي حللت 1.5 مليار من خلايا دم ويلنبرج، كميات ضئيلة من الفيروس، مما يعني أنها ليست خالية تمامًا من فيروس نقص المناعة البشرية، لكن الأطباء كشفوا أن جهاز المناعة لديها جعل آثار البقايا غير قادرة على التكاثر.
قالت الدكتورة شارون لوين، مديرة معهد بيتر دوهرتي للعدوى والمناعة في أستراليا، لصحيفة "نيويورك تايمز": "يمكن إضافتها إلى قائمة ما أعتقد أنه علاج، من خلال مسار مختلف تمامًا".
كما وجد أن 63 مريضًا آخرين لا يتناولون الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية لديهم آثار لفيروس نقص المناعة البشرية غير قادرة على التكاثر.
ويقول الفريق، الذي نشر الدراسة في مجلة "نيتشر"، إن النتائج تقدم دليلًا على أن هؤلاء الأشخاص قد حققوا "علاجًا وظيفيًا".
ويُعتقد أن الذين هم في حالة مشابهة
لويلنبرج يمثلون 0.5 في المائة فقط من 37 مليون شخص يعانون من فيروس نقص المناعة البشرية في جميع أنحاء العالم.
ووجد الباحثون أنه بسبب مكان وجود الفيروس لدى هؤلاء المرضى في الحمض النووي الخاص بهم، فإن العامل الممرض غير قادر على صنع نسخ من نفسه. هذا يبقي الفيروس دون مستويات يمكن اكتشافها ، مما يجعله غير قابل للانتقال.
وبمجرد إصابة الشخص بفيروس نقص المناعة البشرية، يبدأ الفيروس في مهاجمة وتدمير الخلايا المناعية التي تحمي الجسم عادة من العدوى.
في العقد الماضي، اكتسب الأطباء فهمًا أفضل بكثير لكيفية السيطرة على فيروس نقص المناعة البشرية.
وانخفض معدل الوفيات بسبب المرض منذ ذروة وباء الإيدز في أوائل الثمانينيات. ويوصي الأطباء بتناول مزيج أو "كوكتيل" من الأدوية المعروفة باسم العلاج المضاد للفيروسات القهقرية للتعافي منه.
في غضون ستة أشهر من تناول الدواء مرة واحدة يوميًا، سيكون الحمل الفيروسي للشخص غير قابل للكشف تقريبًا، لكن الجسم لن يتخلص منه تمامًا، لأن الفيروس يختبئ في الجسم من خلال دمج مادته الوراثية في الحمض النووي وتشكيل ما يعرف باسم المستودع الكامن.
لكن العلاج المضاد للفيروسات القهقرية - الذي يمكن أن يسبب الغثيان والإسهال والصداع والإرهاق - غير قادر على تدمير هذه الخزانات، ولكن إذا توقف مريض فيروس نقص المناعة البشرية عن تناول "الكوكتيل"، يمكن للفيروس أن يبدأ في نسخ نفسه مرة أخرى.
تمتلك أجهزة التحكم النخبة خزانات كامنة، لكنها لا تحتاج إلى تناول الأدوية لمنع انتشار الفيروس في جميع أنحاء الجسم.
قال المؤلف المشارك الدكتور ماتياس ليخترفيلد، طبيب الأمراض المعدية في راجون لموقع (HealthDay): "إنهم يحافظون بشكل طبيعي على ما يحتاج إليه الآخرون للقيام به".
ونظر الفريق في عينات دم من 64 مريضًا من النخبة و41 مريضًا بفيروس نقص المناعة البشرية يتناولون العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.
وأظهرت النتائج أنه بالنسبة للنخبة، تم العثور على المادة الوراثية لفيروس نقص المناعة البشرية في ما يسمى بـ "الصحارى الجينية" للحمض النووي، وهي الأماكن التي يوجد فيها نشاط جيني ضئيل، لذا فإن الفيروس غير قادر على عمل نسخ من نفسه ويبقى بدلاً من ذلك في حالة "حظر ومغلق".
قال المؤلف الرئيسي الدكتور شو يو، أستاذ الطب المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد: "إن وضع الجينومات الفيروسية في أجهزة تحكم النخبة أمر غير نمطي للغاية".
وأضاف: "في الغالبية العظمى من الأشخاص المتعايشين مع HIV-1 ، يقع فيروس نقص المناعة البشرية في الجينات البشرية النشطة حيث يمكن إنتاج الفيروسات بسهولة".
ويسمي الدكتور يو هذا بـ "العلاج الوظيفي" والذي يحدث عندما يكون الفيروس لا يزال في الجسم ولكن يمكن السيطرة عليه بدون دواء.
ويعتقد الباحثون أن السبب في ذلك هو أنه في الأيام الأولى للعدوى، قتلت أجهزة المناعة لدى النخبة المتحكمين في الفيروس بعد أن اندمج في مناطق الحمض النووي ذات النشاط الجيني الكبير.
ويقول الفريق إن النتائج يمكن أن تؤدي إلى علاج، إما عن طريق صنع أدوية تكرر ظاهرة النخبة المتحكمين أو تقضي على فيروس نقص المناعة البشرية المدمج في أجزاء من الحمض النووي التي لها نشاط جيني كبير.
وتأتي الدراسة بعد أن تعافى رجل برازيلي في منتصف الثلاثينيات من العمر مصابًا بفيروس نقص المناعة البشرية بعد العلاج بالعقاقير وفيتامين B3.
وكشف الأطباء الشهر الماضي عن حالة "مريض ساو باولو"، الذي يُفهم أنه أول مريض بفيروس نقص المناعة البشرية في العالم يتماثل للشفاء بعد العلاج الدوائي.
وكشف العلماء العام الماضي أن مريضًا ثالثًا مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية في ألمانيا قد يكون خاليًا من الفيروس بعد خضوعه لعملية زرع نخاع عظم محفوفة بالمخاطر.
لكن لم يكن "مريض ساو باولو" أو "مريض دوسلدورف" خاليين من الفيروس إذ يجب مرور فترة كافية على اعتبارهما شفيا. على سبيل المثال، يجب أن يكون في حالة تعاف لمدة خمس سنوات قبل أن يتم تصنيفهما على أنهم شُفيا.
تعتبر عمليات زرع الخلايا الجذعية ونخاع العظام من العمليات التي تهدد الحياة وتنطوي على مخاطر كبيرة. تكمن الأخطار في أن المريض يعاني من رد فعل قاتل إذا لم تأخذ الخلايا المناعية البديلة.