تحل اليوم الأحد، الموافق 16 فبراير، ذكرى رحيل الفنان القدير حسين صدقي، حيث رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم، من عام 1976، بعد أن قدم أعمالاً رائعة في السينما المصرية، لكنه طالب قبل وفاةه بدقائق بحرق حميع أعماله.
تربى بين والد متدين وأم تركية
ولد حسين صدقي يوم 9 يوليو عام 1917 بحي الحلمية الجديدة لأسرة متدينة، توفي والده وكان صدقي لم يتجاوز الخامسة، فكانت والدته التركية لها الدور الأول والأهم في تنشئته ملتزمًا ومتدينًا فكانت حريصة على أن يذهب ابنها للمساجد والمواظبة على الصلاة وحضور حلقات الذكر والاستماع إلى قصص الأنبياء ما أنتج عنه شخصًا ملتزمًا وخلوقًا رحمه الله.
كان معروف عن صدقي الخجل ولقبه كل من حوله بالشخص الخجول، وكان تربطه صداقة قوية بالشيخ محمود شلتوت الذي وصف صدقي "بأنه رجل يجسد معاني الفضيلة ويوجه الناس عن طريق السينما إلى الحياة الفاضلة التي تتفق مع الدين"، وارتبط أيضًا بصداقة قوية مع الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وقتئذ، وكان صدقي يستشيره في كل أمور حياته .
بدايته الفنية ومحاربته للغزو الأجنبي
درس حسين صدقي التمثيل في الفترة المسائية بقاعة المحاضرات بمدرسة الإبراهيمية وكان زملاؤه جورج أبيض وعزيز عيد وزكي طليمات، ثم حصل على دبلوم التمثيل بعد عامين من الدراسة.
بدأ حياته الفنية في فيلم "تيتاوونج" عام 1937 وهو من إخراج أمينة محمد، ثم أسس شركته السينمائية "أفلام مصر الحديثة"، ومنذ دخوله عالم الفن في أواخر الثلاثينيات عمل على إيجاد سينما هادفة بعيدة عن التجارة الرخيصة.
وعالجت أفلامه بعض المشكلات، مثل: مشكلة العمال التي تناولها في فيلمه "العامل" عام 1942، ومشكلة تشرد الأطفال في فيلمه "الأبرياء" عام 1944 م، وغيرها من الأفلام الهادفة، فقد أسس عام 1942 شركته الخاصة للانتاج لتخدم الأهداف التي كان يسعى لترسيخها في المجتمع، وكان يرى أن هناك علاقة قوية بين السينما والدين؛ لأن السينما كما يقول من دون الدين لا تؤتي ثمارها المطلوبة في خدمة الشعب.
وقد اشتهر حسين صدقي بتقديم الأفلام ذات الطابع الاجتماعي والذي يبث قيمًا ومبادئ عليا ولعل صداقته بعدد من رجال الأزهر الشريف هو ما دفعه لاستلهام تلك القصص السينمائية، وبلغ رصيده الفني حوالي 32 فيلمًا سينمائيًا، كما أنه اقتحم العمل المسرحي من خلال عمله بفرقة "جورج أبيض" و"مسرح رمسيس" .
وفي بداية عام 1956 دعا صدقى إلى انقلاب فني، مطالبًا الكيانات الفنية بأن يهجروا الآفاق الضيقة التي يعملون بها ويواجهوا الغزو الأجنبي بغزو مصري وعربي آخر، فكان يدعو لاستخدام أحدث تقنية في ذلك الوقت الألوان والسكوب في إنتاج الأفلام المصرية وانطاقها بشتى اللغات لتقديمها لشتى شعوب العالم والحرص على إنتاج سينما نظيفة.
وبشأن الغزو الأجنبي للسينما المصرية، كان يقول: "كما يصدرون هم أفلامهم التي يعتزون بها، علينا أن تكون لنا أفلام نعتز بها ونصدرها إليهم" ويضيف: "أكيد سنصل وسنقيم في بلادنا صناعة سينمائية نظيفة".
اعتزل الفن وترشح للبرلمان
اعتزل حسين صدقي السينما في الستينيات، حيث وافق بعد ذلك على الترشح في البرلمان، وذلك بعد أن طالبه أهل حيه وجيرانه بذلك فكان حريصًا على حل مشاكلهم وعرض مطالبهم ولكنه لم يكرر التجربة، لأنه لاحظ تجاهل المسئولين للمشروعات التي يطالب بتنفيذها والتي كان من بينها منع الخمور في مصر.
طالب بحرق أفلامه قبل وفاةه بدقائق
وتوفى حسين صدقي في 16 فبراير عام 1976، وقد أوصى أولاده بحرق ما تصل إليه أيديهم من أفلامه بعد رحيله لأنه يرى أن السينما من دون الدين لا تؤتي ثمارها المطلوبة.
وقبل وفاةه بدقائق قال لأولاده: "أوصيكم بتقوى الله وأحرقوا كل أفلامي عدا سيف الله خالد بن الوليد" ثم فارق بعد أن لقنه الشيخ عبد الحليم محمود الشهادة وقت وفاةه وصلى الشيخ الجليل عليه، حسبما ذكرت زوجته السيدة "فاطمة المغربي" في تصريحات صحفية.