بينما هاجم برلمانيون وقانونيون، مشروع قانون الأحوال الشخصية المقدم من الأزهر؛ لعدم تعرضه للمواد الخلافية ولكونه غير مختص - من وجهة نظرهم - بإعداده، شدد علماء أزهريون على أحقيته في طرحه، مشيرين إلى أنه لم ينحاز لطرف على حساب الآخر.
وقبل أيام، قال الأزهر في بيان، إنه استقبل مجموعة من مشروعات قوانين للأحوال الشخصية من بعض أعضاء مجلس النواب والمجلس القومي للمرأة وجهات أخرى، وقد راجعها جميعها ونظر إليها بعين الاعتبار والتقدير وبناء عليه، عمل الأزهر على صياغة مشروع متكامل لقانون الأحوال الشخصية، عكفت هيئة كبار العلماء على إعداده ومراجعته مراجعة دقيقة لأكثر من عام.
وتابع: «كما استفاد من مشاريع القوانين والمقترحات المرسلة إلى الأزهر، وبذلك فإن مشروع قانون الأحوال الشخصية المقدم من الأزهر هو الرد الفعلي على كل المقترحات التي وصلت إليه، حيث استفاد منها ومن غيرها من الآراء والأصوات التي حرص الأزهر على الاستماع إليها، وقد أرسل الأزهر مشروع القانون إلى الجهات المعنية بهذا الشأن».
وأشار البيان إلى أن شيخ الأزهر، شدد على ضرورة أن «يعالج القانون مشكلات الأسرة، وأن يراعي حصول المرأة على حقوقها كافة، وأن يضمن رعاية جيدة للأطفال، وتحديد الحقوق والواجبات المترتبة على الطلاق بما لا يظلم الطرفين».
الدكتور أبو المعاطي مصطفى، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، قال إن «قانون الأحوال الشخصية من القوانين المثيرة للجدل؛ لأنه يتعرض لنقاط مهمة تمس الأسرة، وهناك نقاط الجوهرية لابد من الالتفات إليها والعمل على خروجها بشكل سليم ومتوازن».
وفي تصريحات إلى «المصريون»، أضاف «مصطفى»، أن «قانون الأزهر للأحوال الشخصية لم يصل بعد للجنة الشؤون الدستورية، وإذا تعرض فيه لمسألة حق الاستضافة بدلًا من الرؤية فإنه سيكون جيدًا».
وأوضح أنه «وفقًا للقانون الحالي يحق للآباء الرؤية فقط وليس الاستضافة وهذا لا يجوز، بل ظلم لهم»، متابعًا: «الآباء يطالبون بحق الاستضافة؛ أي أن يجلس الابن أو الابنة يومًا أو أكثر مع الأب، إذا إنه ليس من المعقول أن يقابله في نادِ أو بضعة ساعات فقط، فيما ستسمح الاستضافة بالتعرف على أهله كما أنه ستعود بالإيجاب على الأطفال».
وأشار إلى «ضرورة أن يتطرق القانون للنفقة ويضع لها ضوابط وأحكام محددة؛ حتى يحصل الطفل على النفقات الضرورية»، لافتًا إلى أن «بعض الأحكام تكون مغالى فيها في حين أنه بعضها يبخس الطفل حقه، وهذا لا يصح ولا يجوز».
عضو لجنة الشؤون التشريعية، أكد أنه إذا «تناول قانون الأزهر للأحوال الشخصية تلك النقاط الجوهرية فإنه سيكون مناسبًا جدًا».
من جهته، قال الدكتور محمود مزروعة، العميد الأسبق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر، إن «الأزهر الشريف ليس مختصًا بإصدار قانون للأحوال الشخصية كما أنه ليس ملزمًا بإصدار لتطبيق شرع الله؛ لا سيما أن من يطالب بذلك رئيس الدولة، الذي لديه مساعدون ومستشارون كثر».
وأضاف لـ«المصريون»، أنه «ليس عيبًا أن يُهاجم شيخ الأزهر أو هيئة كبار العلماء، خاصة أنهم ليسوا رسول الله ولا معبرين عنه، ولكن هذه الأمور اجتهاد منهم».
العميد الأسبق لكلية أصول الدين أشار إلى أن «المسألة من اختصاص لجنة الفتوى بالأزهر، كما أن هناك مفتي للدولة يمكن الرجوع إليه».
بينما، قال الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن «الأزهر مؤسسة وطنية عملية ومتخصصة، والدستور أعطاها حق مطلق في إبداء الرأي القديم وقانون الأحوال الشخصية ذات طابع ديني في كافة الأديان السماوية».
وأضاف في مقابلة تليفزيونية: «أليس من حق الأزهر كمؤسسة علمية أن تتقدم بمشروع قانون للأحوال الشخصية من واجبهم الديني قبل الوطني، والأزهر لم يصدر القانون ويصدق عليه للعمل به ولكن تم تقديمه لمجلس النواب لمناقشته والتصديق عليه».
وتابع: «الرؤى في هذا القانون متباينة والوصول إلى رأي مشترك يرضي كافة الأطراف أمر في غاية الصعوبة».
عضو مجمع البحوث الإسلامية، أكمل: «فكرة القانون وجدت وضع حرج وتحاول أن تصل للمصلحة الفضلى للأطفال في جو متعثر بين الأب والأم، ونحاول أن نجمع وجهة نظر الطرفين المتناقضين».
فيما، قالت النائبة داليا يوسف، إن قانون الأحوال الشخصية من القوانين التي تحتاج إلي مواد متوازنة تساوي في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء وتعلي من مصلحة الأطفال، خاصة أن الانحياز لطرف علي حساب الآخر يساعد في زيادة الكراهية بين أفراد الأسرة ويؤثر بالسلب علي حياه الأطفال.
وأشارت إلى أن مقترح الأزهر حول الأحوال الشخصية أثار جدلًا كبيرًا بعد الإعلان عنه ولاقى كثير من الاعتراضات من الأفراد ومنظمات المجتمع المدني، سواء الرجال والنساء، لعدم تلبيته لمطالبات المواطنين، وانحيازه لطرف في بعض المواد والتنكيل بنفس الطرف في مواد أخرى.
وأكدت أنه «ما كان ينبغي علي المؤسسة الدينية العمل علي مقترح قانون خاص بها، خاصة أنه جهة إبداء رأي وليست جهة تشريعية، بل كان الأحرى أن ترسل تعليقاتها علي مشروعات القوانين المرسلة |إلي البرلمان؛ كي يتسنى للسلطة التشريعية القيام بدورها لخدمة المجتمع».
واستنكرت في بيان، تجاهل الأزهر لمطالبات المتضررين من قانون الأحوال التي تنادي بالاستضافة وإعادة ترتيب الحاضنين وكذلك سن الحضانة وخاصة وأنها من الأمور الرئيسية التي تشعل الصراع بين أفراد الأسرة وتؤثر علي الطفل بشكل كبير، وتدفع البعض للتخاذل عن دفع النفقات خاصة وأنه محروم من رعاية أبنائه.
وأضافت يوسف، أن البرلمان في انتظار مشروع قانون الحكومة ليتم مناقشته جنبًا إلي جنب مع مشروعات قوانين النواب للخروج بقانون يعلى مصلحة الأطفال ويحق العدل والمساواة بين جميع الأطراف دون انحيازات أو مكتسبات.
من جانبه، قال المستشار عبد الله الباجا، رئيس محكمة استئناف القاهرة لشئون الأسرة الأسبق، إن قانون الأحوال الشخصية لا يعطي مكتسبات بل يمنح حقوقًا وواجبات للزوج والزوجة عليهما الالتزام بها سواء من ناحية النفقة والمعاملة الطيبة والحسنة أو الطاعة.
وأضاف الباجا خلال حوار تليفزيوني، أن القانون ظلم المرأة، موضحًا أنه أثناء الخلع تخسر كل حقوقها ولكن تدفع مهرا وأيضًا يعطيها حق الحضانة 15 سنة ولكنها تحرم نفسها من الزواج.
وأشار إلى أن عام 1929 كانت الحضانة بسن 7 سنين للولد و9 للبنت، وفي عام 1984 كانت 10 للولد و 12 للبنت، وفي عام 2015 جعل القانون الحضانة 15 سنة، مؤكدًا إلى أن التغيير مدروس وليس عشوائيًا لأن تركيبة المجتمع تغيرت والطفل أصبح يحتاج لرعاية أمه ولو نظرنا للحضانة من الناحية اللغوية والشرعية فإن القاعدة تقول «إنه يكون وقت حاجة الطفل لرعاية النساء».
وكان شيخ الأزهر قد أصدر قرارًا في 2017 بتشكيل «لجنة لإعداد مقترح مشروع قانون لتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية» تهدف لضمان توسيع نطاق الحفاظ على حقوق الأسرة المصرية.
وبعد أن عقدت أكثر من 30 اجتماعًا، انتهت اللجنة إلى صياغة مشروع القانون وأحالته إلى هيئة كبار العلماء -أعلى مرجعية شرعية بالأزهر-.
ويتكون مشروع القانون من 192 مادة تتعلق بموضوعات الخطبة والزواج والنفقة والطلاق والحضانة وغيرها من الأحوال الشخصية.