الأربعاء 24 أبريل 2024
توقيت مصر 19:43 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

"إيفر جيفن" ليست الأولى..

قصة سفن حوصرت في قناة السويس لمدة 8سنوات

قناة السويس
قناة السويس
لمدة ستة أيام، أغلقت سفينة الحاويات العملاقة "إيفر جيفن"، المجرى الملاحي لقناة السويس، الأمر الذي كان له أثره على حركة التجارة حول العالم، حيث تعطل وصول العديد من الإمدادات التجاريية والسلع المهمة في الوصول إلى وجهاتها في الوقت المناس.

لكنها ليست المرة الأولى التي تعلق فيها سفينة خلال مرورها في قناة السويس، فقد سبق وأن علقت العديد من السفن لفترة امتدت حتى ثماني سنوات، وذلك ما بين عامي 1967 و1975، في أعقاب اندلاع حرب يونيو 67، وما ترتب عليها من إغلاق المجرى الملاحي.

فقد تقطعت السبل بـ 14 سفينة آنذاك في منطقة البحيرات المرة، وأصبحت غير قادر على المغادرة، وأطلق عليها اسم "الأسطول الأصفر" بسبب رمال الصحراء التي غطتها طيلة تلك السنوات، حتى إن الأفراد العاملين على تلك السفن طوروا مجتمعهم الخاص في البحر، وقاموا بعمل طوابع بريدية خاصة بهم، ونظموا نسخة مصغرة من دورة الألعاب الأولمبية في عام 1968، وفق موقع "فايس".

كانت البداية في يونيو 1967، عندما خاضت مصر وإسرائيل الحرب فيما عرفت باسم "حرب الأيام الستة"، وعلى الرغم من أنها استمرت لبضعة أيام فقط، إلا أن تداعياتها امتدت لعقود.

وقال بيتر فلاك بمثابة، أحد أفراد طاقم السفينة البريطانية "إم إس أجابينور" للكاتب كاث سينكر في كتابه "عالقون في حرب الأيام الستة ": "القبطان، اتصل بي ليخبرني أنه سمع للتو أن الحرب اندلعت بين إسرائيل والدول العربية. إذا رأيت أي شيء غير عادي، يرجى إعلامي ولكن لا تخبر الملاح المصري".

وكجزء من الصراع، حاصرت مصر قناة السويس، وأغلقت القناة بالسفن الغارقة والحطام والألغام البحرية لمنع استخدامها من قبل القوات الإسرائيلية.

ومع اندلاع الحرب، تقطعت السبل بالسفينة "إم إس أجابينور" وغيرها من السفن الأخرى من ألمانيا الغربية، السويد، فرنسا، بريطانيا، بولندا، بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا، والولايات المتحدة. طلبت السلطات المصرية من السفن التوقف.

مع استمرار الأزمة، تفاوضت الحكومة الكندية على تبادل أطقم السفن، وعاد بعض البحارة إلى ديارهم وبقي آخرون، لكن مصر لم تسمح للسفن بمغادرة القناة. وعلى مدى السنوات الثماني التالية، قامت الشركات المالكة للسفن بتدوير أطقم السفن، مع الحفاظ على أطقم هيكلية لإبقائها عائمة، لكن لم يُسمح لها بإبحار السفن خارج القناة. مع مرور الوقت، تواصل طواقم السفن مع بعضهم البعض ليشكلوا مجتمعًا خاصًا، وقاموا بتشكيل جمعية البحيرات المرة لتلبية احتياجاتهم.

وفقًا لما ذكرته صحيفة "تايم" في عام 1969، كانت المشكلة الأكبر للطاقم هي الملل.

لذا شاركوا في سباقات بقوارب النجاة ولعب كرة القدم على سطح سفينة الشحن الإنجليزية "بورت إنفركارجل". كما شاركوا في قداسات الكنيسة على متن السفينة الألمانية "نوردفيند"، ومشاهدة الأفلام على سفينة الشحن البلغارية "فاسيل لوفسكي"، بينما قامت سفينة الشحن البولندية "جاكارتا" بطبع الطوابع للسفن التي تقطعت بها السبل.

سمحت سلطات البريد باستخدام الطوابع كطابع بريد قانوني؛ وجمعت السفن الموارد اللازمة، بما في ذلك الطعام والبيرة، وطوّرت نظامًا لإطعام الجميع أثناء الأزمة. بالإضافة إلى الطوابع، نظم البحارة، دورة الألعاب الأولمبية الخاصة بها قبل 10 أيام من اللعبة الحقيقية. وتنافست فيها الأطقم في 14 منافسة مختلفة، من بينها الغوص والركض والقفز العالي والرماية وكرة الماء.

وقامت الأطقم البولندية بسك الميداليات لتوزيعها خلال حفل توزيع الجوائز، وشارك في دورة الألعاب المصغرة كلب يلعب كرة القدم يدعى بلبل وحصل على ميدالية. واستمرت الأمور على هذا النحو على متن السفن حتى عام 1975 عندما رفعت مصر الحصار في نهاية حرب أكتوبر، وتمكنت سفينتان فقط من المغادرة بقوتهما الخاصة.

بينما تسببت ظروف الطقس والإهمال وعمليات الإنقاذ المتكررة في تعطل السفن الـ12 الأخرى المتبقية.

وبعد مرور 50 عامًا، لايزال أطقم السفن الناجون يجتمعون بشكل غير منتظم، حيث يصف الكثير منهم الفترة بأنها من أسعد حياتهم. حتى حرب يونيو 1967، كان حجم الناقلات محدودًا حتى تتمكن من المرور عبر القناة.

وقال سنكر أحد الذين تقطعت بهم السبل في حرب الأيام الستة، إن أكبر ناقلة نرويجية تم تجاوزها كانت ناقلة نرويجية حمولة 150 ألف طن. وأضاف: "بعد إغلاق القناة، كان هناك" طلب بين عشية وضحاها تقريبًا لزيادة سعة ناقلات النفط بنسبة 25 بالمائة".

وبدأت شركات الشحن في بناء ناقلات عملاقة أكبر من أي وقت مضى، وكان هناك "نمو هائل في الأساطيل التجارية". يذكر أن "إيفر جيفن" هي سفينة شحن تزن 220 ألف طن، هي إحدى الناقلات العملاقة التي أنشأتها شركات الشحن في أعقاب حصار قناة السويس.