«التنمية المحلية»: اتفقنا على ضوابط ملزمة للأحياء لمواجهة زهق أرواح المواطنين
نائبة: إهدار للمال العام.. وتطالب بتطبيق الأنظمة التكنولوجية لوقف السرقات
أصبحت البالوعات في شوارع مصر المختلفة، مصيدة للموت، حتى إن مثل هذه الأخبار باتت شبه مكررة، فلا يكاد يمر أسبوع دون أن يقع شخص أو أكثر في بالوعة مفتوحة، بعد سرقتها من قبل لصوص دون توفير الأغطية البديلة لحماية أرواح المواطنين، لكن هذا يبدو حلمًا بعيد المنال، مع تكرار العديد من الوقائع دون أن يبرز أي تغيير في اتخاذ إجراءات وقائية، أو التحرك على نحو جاد لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
ومن وقت لآخر، تقع حوادث مأساوية، كان آخرها الحادث الذي شهده مركز تلا بالمنوفية حيث لقي 5 أشخاص مصرعهم، وأصيب آخر أثناء تسليك بالوعة صرف صحي بأحد شوارع قرية "زاوية بمم".
وفي تفاصيل الحادث، فقد تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن المنوفية، بلاغًا يفيد بسقوط عدد من الأشخاص داخل بلاغة فى مدينة تلا، وتبين أن 4 أشخاص توفوا لمحاولة 3 منهم إنقاذ شخص، وأصيب اثنان توفى أحدهما لاحقًا.
والضحايا هم: محمود عبدالفتاح خفاجة 45 عامًا، رضا كرم عمار 30 عامًا، محمد عيد بيومى، 38 عاما، هانى الجمل فتحى، 32 عاما، وفتحى المرسى الأقرع، 40 عامًا، بينما أصيب محمد معوض العبد، 40 عامًا، وجميعهم من "زاوية بمم"، التابعة لمركز "تلا".
وقالت محافظة المنوفية في بيان حول الواقعة، إنه "تم تسليم محطة رفع قرية بمم إلى الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى بالمنوفية في نوفمبر 2018 للتشغيل، حيث تم تطهير وتسليم 10 كيلومترات، وتوصيلهم وتشغيلهم للصرف الرئيسى، بدءًا من منتصف أكتوبر 2019، في حين تبقت 3 كيلومترات قام المقاول بتجهيزها قبل أسبوع من الحادث، وفى انتظار تسليمه، خلال الفترة المقبلة.
ذكر البيان، أن عددًا من المواطنين وصلوا منازلهم بشبكة الصرف بالمخالفة على خط الانحدار الفرعي، الذى لم يتم تسليكه أو تسليمه، وقام عدد منهم المنطقة برفع غطاء المطبق الرئيسى بتكسير الطبقة الموجودة على الخط الفرعى دون وجود أى مندوب من طرف المقاول أو الشركة المنفذة أو الشركة القابضة.
وأوضحت المحافظة في بيانها، أن الغرض من تسليك البالوعات هو توصيل الصرف الصحى الخاص بمنازل المواطنين على الخطوط الرئيسية، وسبب الوفاة هو استنشاق المواطنين غاز الميثان الموجود بكثافة داخل غرف الصرف الصحى الرئيسية، ما أدى إلى اختناق بعض الأشخاص، لعدم معرفتهم بالطرق الصحيحة للتعامل فى هذه المواقف.
بولاق الدكرور
فى منطقة بولاق الدكرور، توفى رجل وابنه قبل 5 أشهر على إثر سقوطهما فى بالوعة صرف صحى كانت بدون غطاء، بعد سرقته بحسب الأهالى.
وسقطا الضحيتان داخل البالوعة أثناء شراء بعض متعلقات الدراسة الخاصة بالطفل، نتيجة عدم وجود أعمدة إنارة في الشارع. وأغلقت القضية على أن ما حصل هو نوع من الإهمال من جانب شركة الصرف الصحي بالجيزة وحي بولاق الدكرور.
وأفاد بعض الأهالي بأنه منذ الحادث تم إغلاق البالوعات بالجنازير الحديدية، نظرًا لتكرار عمليات السرقة بالمنطقة.
الكيت كات
وفى منطقة "الكيت كات" بإمبابة كان الأمر أقل حدة وأكثر رحمة، ففى موقف أرعب الجميع سقطت طفلة فى بالوعة صرف صحى بشارع مراد، تبلغ من العمر 10 سنوات أثناء سيرها بجوار أمها.
وحسب رواية الأهالى، فإنه عقب سقوط الطفلة بفتحة البالوعة، ألقت الأم بنفسها على الأرض، وأسرعت لإنقاذ ابنتها، وأدخلت رأسها داخل غطاء البالوعة لإنقاذ ابنتها العالقة داخل بالوعة الصرف.
وتجمع أهالى المنطقة لمساعدتها وإنقاذ الطفلة، لتكتب لها الحياة من جديد، بعد أن نجحوا في سحبها من داخل البالوعة. وعلى إثر ذلك، تحرك الأهالى لإصلاح أغطية البالوعات غير السليمة، إلى جانب تغيير الأغطية التالفة،
إمبابة
قبل عام، شهدت منطقة إمبابة، سقوط طالب في الصف الأول الإعدادي، يدعى أحمد فتحي، ويقطن بشارع الجامع في إحدى البالوعات، عندما كان ذاهبًا إلى المدرسة مع زملائه، وعندما تأخر عن موعد عودته من المدرسة، نزلت والدته تبحث عنه.
لكن كانت المفاجأة حين أبلغها المارة في الشارع بأن هناك طفلاً سقط فى بالوعة صرف صحى بالقرب من المنطقة، التى تسكن فيها أثناء عودته من المدرسة، فذهبت مسرعة إلى المكان الذى سقط فيه، لتصدم بخبر سقوط ابنها في بالوعة مفتوحة، ووفاته نتيجة ذلك.
فيصل
وفى منطقة الطالبية بفيصل بالجيزة، سقط طفل يدعى ياسين عماد، يبلغ من العمر 4 سنوات في بالوعة الصرف الصحى، عندما توجه بصحبة والدته لحضور مباراة كرة قدم، يشارك بها شقيقه الأكبر بنادى الطالبية، وعقب خروجهما انزلقت قدمه إلى بالوعة مفتوحة ليلقى مصرعه على الفور.
واستمعت جهات التحقيق لأقوال عدد من المسؤولين بمرفق الصرف الصحى، وشبكات الصرف بنطاق محافظة الجيزة، فى إطار التحقيقات التى باشرتها، وصدر قرار بحبس أحد مسؤولى شبكات الصرف الصحى فى الجيزة، وضبط وإحضار شخصين هربا من المساءلة.
إجراءات رادعة
من جانبه، قال الدكتور خالد قاسم، المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية لـ"المصريون"، إن "الوزارة تولي اهتمامًا بملف سرقة أغطية بالوعات الصرف الصحي في اعتبارها بكل جدية، وتسعى لتطبيق وصايا مجلس النواب لمواجهة الظاهرة".
وأشار إلى أن "الوزارة لديها رؤية لمواجهة الأزمة وفق برنامج تم وضعه، لفرض ضوابط حاسمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث التي يروح الأطفال على وجه الخصوص ضحية لها، وأغلبها يقع بفعل سرقة أغطية البالوعات".
وأضاف المتحدث، أن "الوزارة اجتمعت منذ شهر برؤساء الأحياء، واتفقت على ضوابط محددة متعلقة بتفعيل وتجديد القوانين، لزيادة العقوبات لردع العصابات التي لها علاقة بعمليات سرقة أغطية البالوعات، وتم التواصل مع جميع المحافظات لتفعيل التشريعات في مواجهة هذه السرقات، وسط توافق على أنها لظاهرة سيئة تضر الجمهور بشكل عام".
واعتبر أن "الهروب من المسؤولية فى مواجهة المشكلات والأزمات أمر غير حقيقى كما يردد البعض، لكن لابد من وجود تفاهم بين المسؤولين التنفيذيين فى المحليات والجهات الأخرى المعنية، لمواجهة مشكلة سرقة أغطية بالوعات الصرف الصحى، وتسببها فى وفاة العديد من المواطنين".
وتعهد المتحدث بأن "الانتهاء من هذه المشكلة سيكون قريبًا، والآن وضعت الوزارة مع المعنيين ضوابط ومخارج لمشكلة البالوعات غير المغطاة، التى تتسبب فى سقوط حالات وفاة بين المواطنين، وجارٍ تنفيذها فى كل الأحياء بشكل رسمى وقانونى".
حوادث مكررة
وقالت النائبة منى جاب الله، أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لـ"المصريون" إن "حوادث السقوط في بالوعات الصرف الصحي مكررة بالمحافظات، وتتسبب في خسائر ضخمة، حسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، تم سرقة حوالي 15 ألف غطاء بالوعات في العام الماضي".
وأضافت: "ناقشنا قبل ذلك داخل اللجنة بالاتفاق مع الأحياء وشركات الصرف، وضع خطة لتركيب أغطية صرف إلكترونية، وتواصلنا مع المسؤولين بهذا الخصوص، وعلى مدار عام مضى أعددنا طلبات وخطابات لوزارة التنمية المحلية، ومجلس الوزراء، وطلبنا تغيير كود البالوعة ليتم تركيبها بشكل يمنع أو يحد من سرقتها، وأن يتم عمل إحلال وتجديد".
وأشارت النائبة إلى أن "هناك كثيرًا من الناس يفقد حياته بسبب البالوعات، والمسؤولين عن هذه المنظومة بحاجة إلى إعادة تأهيل وتدريب، فلابد من وضع حلول لكل أنواع البالوعات يمنع سرقتها وحتى نستفيد من تجارب الدول الأوروبية في هذا الإطار، فالجميع اتجه إلى الوسائل الذكية الإلكترونية، لأنها الحل الأمثل لهذه الإشكالية المؤرقة والمستنفذة للمال العام".