الأحد 22 ديسمبر 2024
توقيت مصر 20:52 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

في الصحافة والحياة..

غضون... أم بعد؟!

أتصور أن بيانات مصر والسودان وإثيوبيا الجمعة والسبت تباعا، خطابات موجهة للداخل، انعكس ذلك في تعليقات إعلامية خرجت من أديس أبابا بأنها حققت نصرا دبلوماسيا بإستعادة القضية من مجلس الأمن إلى الاتحاد الأفريقي وسيتم إعلام المجلس بذلك في جلسته المقررة الاثنين.
بيان الحكومة الإثيوبية يؤكد أن الملء الأولي لبحيرة السد سيكون في غضون الأسبوعين القادمين Within  كما هو مجدول له، أي ليس هناك ثمة تراجع عن المعلن سابقا.
بيانا القاهرة والخرطوم اتفقا على أن الملء الأولي تم ارجاؤه لحين التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث بعد أسبوعين. بيان الاتحاد الأفريقي خلا من هذه التفصيلة مؤكدا أنه تم حل أكثر من 90 في المئة من القضايا وأن لجنة مؤلفة من ممثلين للدول الثلاث وجنوب أفريقيا وشخصيات فنية من الاتحاد الأفريقي ستعمل على حل القضايا القانونية والفنية المعلقة. وستصدر اللجنة تقريراً بشأن التقدم في المفاوضات خلال أسبوع. وأمام الاتحاد الأفريقي أسبوعين للمساعدة في التوصل لاتفاق لإنهاء خلاف مستمر منذ عشر سنوات بشأن موارد المياه. 
غضون أو بعد.. كلمتان بسيطتان، لكن كل منهما ذات معنى ومدلول مختلف يرتبط بما ترغب العواصم الثلاث في توصيله لشعوبها، خصوصا أن أديس شددت خلال الأسبوع الماضي على أنها ستبدأ الملء في يوليو دون اتفاق، بينما عارضت القاهرة والخرطوم ذلك.
في النهاية لا يظهر اختلاف جوهري مؤثر. الملء التجريبي أو الأولي بخمسة مليارات متر مكعب لم يحدد له الجدول الإثيوبي السابق يوما محددا في شهر يوليو، مجرد تدشين انتخابي للانتخابات التي كانت مقررة في أغسطس وتأجلت بسبب جائحة كورونا. وعليه فإنها تستطيع الملء خلال أي وقت في فترة الفيضان الممتدة إلى أكتوبر القادم دون أي ضرر بها.
القاهرة والخرطوم في اتفاق واشنطن الذي انسحبت أديس أبابا من توقيعه، وافقتا على 18 مليار متر مكعب ملء أولي، أي بأكثر من ثلاثة أضعاف الكمية التي قررت إثيوبيا البدء بتخزينها.
من مصلحة مصر أن تبدأ إثيوبيا التخزين خلال موسم فيضان هذا العام، لأنها عملت خلال السنوات الماضية على تخزين كميات من المياه خلف بحيرة السد العالي لمعالجة النقص الذي سينجم في فيضان 2020 نتيجة بدء ملء خزان سد النهضة، وبالتالي ستضطر إلى صرف الكمية التي خزنتها في البحر المتوسط لاستقبال الوارد الجديد من النهر إذا تأجلت عملية الملء للعام القادم. 
مشكلة مصر والسودان الحقيقية هي موافقة الجانب الإثيوبي على اتفاق قانوني ملزم محدد الألفاظ والعبارات لا يحمل تفسيرين للكلمة الواحدة، ويتعلق بكل سنوات الملء وعددها وكيفية التعامل معها خلال سنوات الجفاف والجفاف الممتد.
هل يتمكن الاتحاد الأفريقي من إنجاز ذلك، مع أنه لم يحقق نجاحات من قبل في ملفات أخرى تشفع للتفاؤل الذي أحيط به في لملمة هذه الأزمة المستعصية خلال أسبوعين فقط.
ما أخشاه أن تكون إثيوبيا قد ناورت لإبعاد القضية عن مجلس الأمن ومن ثم عن التدويل وهذا ما اعتبره إعلامها نصرا دبلوماسيا.
أتمنى أن يخيب ظني وأن تكون جادة هذه المرة، فما بين الدول الثلاث شريان حياة يجري من الجنوب إلى الشمال يجب أن يكون سببا للتعاون والتكامل والوحدة الاقتصادية.