السبت 27 أبريل 2024
توقيت مصر 19:48 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

في الصحافة والحياة..

اذكروا محاسن موتاكم

الموت مصيبة جليلة يجب التوقف أمامها بالخشوع والتدبر والتذكر. كلنا ميتون وكلنا لنا ذنوبنا في الحياة الدنيا التي تجعلنا نخاف الموت ونخشى يوم العرض الأكبر الذي لا يفصلنا عنه سوى القبر ، مستقرنا المؤقت الذي يستقبل أجسادنا بلا روح بعد أن ملأت الدنيا صخبا وربما خيرا كثيرا  وربما شرورا كثيرة، ولكنها لا تخلو من أي منها.
هنا لابد أن يتذكر كل منا، ونحن نترقب محطة المغادرة، أن الميت الذي نواريه الثرى في مستقره المؤقت، كان له أو فيه خير، وأتى من المحاسن ما يستوجب الوقوف أمامها إجلالا لمصيبة الموت التي ستدركنا حتما.
رحل رجل نظام مبارك القوي السيد صفوت الشريف، أقوى وأسيس وزراء إعلام مصر على مر تاريخها، ورئيس مجلس الشورى الأسبق، وله ما له وعليه ما عليه.
إنه الآن في رحاب ربه، هو أعلم به، أما تاريخه السياسي والعملي فهو في ذمة التاريخ والملفات وجادت وستجود به بطون الكتب والدراسات، ما كشف منه، وما سيأتي موعده مستقبلا، لكن يجب أن تكون محكمتنا البشرية لهذا التاريخ محكمة منصفة عادلة منزهة من روح الانتقام.
التقيت بالسيد صفوت الشريف أكثر من مرة في مكتبه بماسبيرو، ورأيته مستمعا هادئا وسياسيا حصيفا، ولم أخرج من كل جلسة معه إلا بإنطباع جيد.
وعندما تعرضت لمشكلة منع توزيع أحد أعداد مجلة المجلة في 12 مارس 2000 بسبب موضوع الغلاف الذي كنت صاحبه، لجأت إليه بأسلوبي الصعيدي المجازف، الذي يقلد في المواقف الصعبة أحيانا إسماعيل يس عندما اشترى العتبة بكل ما عليها من  البريد والمطافي وقسم الموسكي من أحمد مظهر!
كنت قد أجريت حوارا مع شخصية ممنوعة من الإعلام في ذلك الزمن وهو الشيخ عمر عبدالكافي، ووضعت عنوانه: الشيخ الممنوع: منعوني من الخطابة والحج والسفر لأنني اخترقت صفوتهم.
كان هذا هو عنوان الغلاف، وهو موح وخطير في زمن مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي. إضافة إلى اشتماله على كلمة "صفوتهم" وما قد يكون فيها من تفسيرات.
وقبل أن يوزع العدد في مصر تعرض الشيخ عبدالكافي لحملة إعلامية بسبب ما جاء في كلامه، منها ما كتبه الأستاذ كرم جبر في مجلة روز اليوسف.
منع العدد من التوزيع. ثلاثة أيام مضت ولم ينزل إلى السوق. لجأت إلى السيد صفوت الشريف. لم يكن قد أطلع على ما فيه. بعد أن قرأه أمر بتوزيعه فورا. اتصل بي السيد عبدالعزيز الخميس رئيس تحرير المجلة ليقول لي: عظيمة يا مصر وانت تتمتعين بهذه الثقة في نفسك. كان يقصد قرار وزير الإعلام صفوت الشريف بعدم حجب المجلة التي تهاجمه وتنتقد سياسة نظامه بخصوص شيخ لا يملك إلا لسانه ومنبره.

أخبار متعلقة