الأربعاء 25 ديسمبر 2024
توقيت مصر 09:59 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

أيام ترامب الباقية في البيت الأبيض

الدعوات المتزايدة لعزل ترامب فورا قبل حلول 20 يناير، موعد انتقال الرئاسة إلى المنتخب جو بايدن، تعكس حالة خوف من تفكير ومغامرات رئيس غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة.
إنه الخوف على ديمقراطية وصفها بايدن بالهشة، والقلق على مستقبل إمبراطورية عظمى، قد يفككها ترامب كما فعل جورباتشوف مع الاتحاد السوفييتي، مع الفارق أن الأخير حطم الستار الحديدي للاستبداد والكبت، بينما سيحطم ترامب كل أسقف الحريات والديمقراطية وسلطة الناخبين.
اعتمد ترامب على قاعدة انتخابية واسعة صوتت له في الانتخابات التي هزم فيها، نحو 74 مليون ناخب، ليتقمص شخصية أمير جماعة إرهابية في الشرق الأوسط، يأمر فينقاد أنصاره له سمعا وطاعة.
أمرهم بالاحتجاج أمام الكونجرس أثناء جلسة التصديق على أصوات المجمع الانتخابي التي منحت الفوز لبايدن، فتجمعوا وحاصروا مبنى الكابيتول، وهو الرمز المقدس للديمقراطية الأمريكية.
ثم أمرهم في كلمة متلفزة بعدم التراجع والتمسك بما  يعتبره حقا انتزع منه، فاقتحموا المبنى في سابقة مخجلة كما وصفها رئيس  الحكومة البريطانية، أو مزرية كما وصفها صديقه نتنياهو.
رموز الديمقراطية الأعظم في العالم، أعضاء الكونجرس بمجلسيه، اختبأوا تحت الكراسي والطاولات. مايك بنس نائب ترامب تم تهريبه. كاميلا هاريس نائبة الرئيس المنتخب تم تهريبها إلى ملجأ آمن. دوى الرصاص في المبنى. حطم الدواعش الجدد كل ما وصلت إليه أيديهم بما فيها نوافذ المبنى التاريخي. كانوا يريدون الوصول لأصوات المجمع الانتخابي لحرقها بما يعني حرق الديمقراطية واختيارات الناخب الحر، وهو سلوك يجري عادة في جمهورية موز على حد تعبير الرئيس الأسبق جورج بوش.
4 قتلى و14 إصابة بين رجال الشرطة حصيلة هجوم الدواعش الجدد، الذي قيل إنهم أعضاء جماعة براود بويز، أي الأولاد الفخورون، التي تأسست عام 2016، وهي جماعة ذكورية يمينية متطرفة ترفض عضوية النساء وتعارض الهجرة وتعادي أصحاب البشرة غير البيضاء. تلقى الدعم من ترامب وتلبي أوامره بالسمع والطاعة، وقد أفرج عن زعيمها منذ أيام قليلة.
تقول تحليلات الإعلام الأمريكي إنها رأس حربة الهجوم على الكونجرس. عندما سمعت كلمة "تقدموا" قادت هذه الجماعة أنصار ترامب نحو اقتحام الحواجز الأمنية ودخول المبنى. وعندما سمعت كلمته المتلفزة بالتراجع والانسحاب والعودة إلى منازلهم في حب وسلام، فعلت بمنتهى السمع والطاعة.
لذلك ناشده بايدن وكذلك مايك بنس وعمدة واشنطن بالخروج عبر قناة تليفزيونية ومناشدة أنصاره بالانسحاب.
 لولا الخبرة العميقة للديمقراطية في أمريكا وقدرة رموزها الممثلة في مجلسي الشيوخ والنواب على العودة فورا. الخروج من تحت الكراسي والطاولات، إلى الجلوس واستمرار عد الأصوات والتصديق عليها. لولا تلك الخبرة والشجاعة والشعور بالمسؤولية عن حماية دستورهم وتاريخهم الانتخابي، لنجح هذا التمرد غير المسبوق في تغيير مسار التاريخ الأمريكي.
لكل ذلك يخاف حتى الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب من الأيام الباقية له في البيت الأبيض، ويسعى بعضهم إلى تفعيل التعديل 25 من الدستور الذي يسمح بعزل الرئيس قبل حلول موعد الانتقال الدستوري للسلطة ويملك هذا الإجراء مايك بنس نائب الرئيس المنتهية ولايته بناء على قرار من مجلس الشيوخ.
ماذا يحدث خلال الأسبوعين المتبقيين له في البيت الأبيض؟.. أمريكا ستنام وتصحو على صفيح ساخن من الكوابيس خشية مغامرات ترامب غير المحسوبة.