الأحد، 01-12-2019
01:37 م
د. رضا محمد طه
خمسة وستون جنيهاً هو السعر الجديد لتذكرة الدخول في حديقة الحيوان بالجيزة، والتي كانت-أي في الماضي-هي المتنفس الأرخص وفي متناول شرائح عديدة في المجتمع، ومنهم بالطبع فقراء الناس والغلابة الذين يأتون إليها من مختلف المحافظات في نهاية الأسبوع أو في أجازات المواسم والأعياد وغيرها كي يقضون وقتاً يخففون عن أنفسهم عبء وقسوة الحياة ويتمتع فيها أطفالهم ويمرحون في مساحاتها الواسعة، إضافة لمشاهدة الحيوانات وكذلك الأشجارالموجودة بها. لو أن أسرة مكونة من خمسة أفراد، عليهم إذن دفع مبلغ 325 جنيهاً ثمن تذاكر الدخول فقط، ناهيك عن النقود التي سوف يدفعونها للتنقل أو لمأكلهم ومشربهم، وبعض طلبات أطفالهم من لعب أو حلوي أو غيرها من أشياء يحبونها، إذن علي الأب أن يكون لديه أكثر من ألف جنيهاً عندما يفكر في زيارة لحديقة الحيوان، وكم ألفاً يتقاضاها هؤلاء الغلابة من محدودي الدخل أوحتي الطبقة المتوسطة لكي يخصصونها مصروفات للترفيه البسيط ناهيك عن الدروس وغيرها مما تتحملها صاغرة وصابرة أي أسرة بسيطة؟.
هل قُدِرعلي الطبقات الفقيرة والمتوسطة أن تتحمل التضييق عليها وكذلك ضربات وخبطات الحكومات المتوالية عليها والتي تثقل كاهلهم وتقتلهم بالبطيء، قرارات المسئولين تلك والتي تسير علي نهج ما يسمي النيوليبرالية والرأسمالية المتوحشة لا هم لها سوي الأرباح والمكاسب علي حساب الفقراء فتتسحقهم وتقضي علي طموحاتهم وآمالهم في حياة كريمة بأي مجتمع وذلك يصب لصالح الأغنياء الذين يزدادون غناً علي غنائهم والعجيب أنك تجد أغلب هؤلاء أصحاب قلوب مثل حجر الصوان ونفوسهم كذلك فقيرة، وفي المقابل يزداد الفقراء قهراً وفقرا علي فقرهم، للدرجة التي في بعض الأحيان تقتلهم معنوياً ونفسياً وجسمانياً.
الطبقات الغنية من الصفوة والنخبة ورجال الأعمال هؤلاء ومن علي شاكلتهم تعمل الحكومة علي تدليلهم وتكريس مقدرات البلد لبناء كمبوندات وملاهي ومطاعم وقري سياحية فيها جميع الخدمات والمرافق علي أعلي مستوي من الرفاهية، والتي لا يستطيع أي من الغلابة أو الطبقة المتوسطة مجرد الإقتراب منها، ناهيك عن دخولها، هي حصرياً علي المحظوظين، المفارقة أن أغلب هؤلاء الفقراء والطبقة المتوسطة التي منها معلمين وأكاديميين ضباط وجنود عسكريين وشرطيين وغيرهم من مواطنين يحبون بلدهم حقيقة وهم علي إستعداد للتضحية بكل ما يملكون في سبيل رفعة وحماية وأمن بلدهم، أولئك معظمهم دخولهم متواضعة بحيث لا تعمل الحكومة علي راحتهم وراحة أسرهم.