الجمعة، 25-09-2020
07:15 م
فتحي مجدي
لم يكن مجرد
فنان مهووسًا بالبحث عن الشهرة، على الرغم من ظهوره المتأخر، إلا أنه استطاع خلال سنوات قليلة أن يفرض اسمه كأحد أبرز ال
فنانين على الساحة، لكن إنسانيته لا تقل في الواقع عن موهبته، فقد كان ذا حس إنساني رفيع، لم يغتر بشهرته وهو يخالط البسطاء، ويمد يد المساعدة إليهم.
عندما توفي صالح في 25 سبتمبر 2014 بعد خضوعه لعملية جراحية في القلب بمستشفى مجدي يعقوب بأسوان، اكتشف المقربون منه كثيرًا من
أعمال الخير التي كان يقوم بها، بعد أن توافد العشرات على سرادق العزاء الخاص به، كاشفين عما كان يفعله معهم، مترحمين عليه.
يروي ابن شقيقته، ومدير أعماله ال
فنان أحمد فهيم، أنه ذات مرة، كان في طريقه للتصوير، فمر على مقهى بجوار أحد المقابر، ووجد العمال يتناولون إفطارهم، فنزل من سيارته وتناول معهم الفول والطعمية، على الرغم من أنه كان يعاني من متاعب صحية في القولون.
لم يكن يفعل ذلك بشكل استثنائي، بل كان هذا جزءًا من طبيعته وخيريته، يرى أن للفقراء حقًا فيما يتكسبه من مال، "إحنا بوسطجية، اللي إحنا فيه مش بتاعنا، ربنا باعته لينا علشان نوصله لأصحابه، وبناخد من عند ربنا، علشان ندي اللي حوالينا، الزعلان نبسطه والخايف نطمنه"، كما ينقل مدير أعمال ال
فنان الراحل عنه.
وعندما حصل في نزاع مع شركة دعاية وإعلان على مبلغ خمسة ملايين جنيه، المبلغ طلب من مدير أعماله يتبرع بكل المبلغ لأكثر من مستشفى.
وعندما تم تسريح عمال مطعم مملوك لأخيه، استنجدوا، وكان ذلك قبل أيام من حلول عيد الأضحى، فذهب إليهم جميعًا في بيوتهم، وأعطاهم راتبهم كاملاً، بل وأكثر من ذلك، وعندما عاد أخوه من الأراضي المقدسة بالسعودية حيث كان يؤدي الحج أعادهم إلى عملهم.
الأديب تامر عبدرب النبي يكشف عن تفاصيل موقف كان شاهدًا عليه بنفسه مع ال
فنان الراحل، حين فوجئ بمكالمة منه، يسأله عن أحد العمال الذي كان يعمل لدى شقيقه، وترك العمل، واتصل به ليشكو له ظروفه.
يقول تامر، إنه طلب منه أن يوصله لهذا العامل، والذي أخبره بدوره بأنه يعرف مكان سكنه في الجيزة، إلا أنه عندما ذهبا إلى المكان وجداه انتقل إلى سكن آخر، وكان في أحد الحواري بمنطقة عشوائية، ووصلا إليه بالفعل.
وتحدث الرجل إلى "صالح" عن أحواله، فعرض عليه أن يقوم بإيجار محل بالقرب من بيته، لكنه أخبره أن المحلات التزاماتها كثيرة، وإنه يريد أن يقف على "عربة فول" بسيطة.
يقول تامر: "أصر ال
فنان الراحل
خالد صالح اننا نجيب العربية يومها وانا أخبرته انه مش هينفع لان في العيد الناس أجازة، فاخبرني انه مش هيجيب له عربة خشب وأنه هيحضرله سيارة نقل سوزوكي مستعملة عشان ما تاخدهاش البلدية، وتنفع عياله لوحصل له حاجة، واصطحبني المرحوم خالد لمنطقة الفرنساوي بمصر القديمة ومنها اتصل بسمكري يدعى عاطف وقام معنا بالبحث عن عربة نقل صغيرة وعثرنا على احداها بمنطقة البلوك خلف مستشفى هرمل وكتبنا عقدها الابتدائي واحنا واقفين، ووصى عاطف انه يسجلها للراجل بعد العيد.. ورجعنا هو سايق عربيته وانا راكب السوزوكي لحد ما سلم للراجل العربية واعطاه اللي يجهز شغله بيه وفرح الناس.. والكلمة اللي ختم بيها كلامه معايا كانت إن مافييش حاجة تستحق السرعة والاستعجال في الدنيا دي إلا عمل الخير".
غير بعيد عن ذلك، يروي المؤلف والسيناريست محمد نبوي أن صالح توجه إلى البنك ليسحب منه 40 ألف جنيه، وعندما تأخر السائق عليه، استقل سيارة تاكسي، كان قائدها رجلاً مسنًا، لم يتعرف عليه، فأدار معه حوارًا، وأخذ الرجل يشكو له من أنه يقوم بإنفاق كل ما يتحصل عليه على علاج زوجته، وعمليات الغسيل الكلوي التي تجريها، فنزل من التاكسي وترك له جميع المبلغ الذي سحبه من البنك.