شهد مساء يوم 17 سبتمبر عام 1971 حدثا بارزا في
التاريخ العسكري بإسقاط قوات الدفاع الجوي المصرية فوق سيناء طائرة استطلاع
إسرائيلية متطورة في ذلك الحين كانت تسمى بالعبرية "العملاق".
الطائرة الإسرائيلية التي أسقطتها الصواريخ
المصرية كانت من طراز بوينغ 377 ستراتوكروزر، وهي طائرة نقل أمريكية أدخل عليها
الإسرائيليون تعديلات وجرى تحويل بعضها إلى خزانات طائرة للتزود بالوقود وعدد آخر
زود بمعدات للحرب الإلكترونية، علاوة على استخدام عدد آخر في عمليات نقل الأسلحة
والمعدات والأفراد، وكان يطلق عليها بالعربية اسم "أناك" وتعني العملاق، وفق روسيا اليوم.
القيادة العسكرية الإسرائيلية أعلنت في ذلك
اليوم أن صواريخ أرض جو مصرية أسقطت مساء ذلك اليوم، "طائرة شحن"، تابعة
للقوات الجوية، كانت تحلق على بعد 22 كيلو مترا خلف مواقع الخطوط الأمامية
الإسرائيلية على قناة السويس.
متحدث عسكري إسرائيلي ذكر أن أحد الطيارين
الإسرائيليين هبط بالمظلة بسلام في صحراء سيناء "التي كانت محتلة في ذلك
الوقت"، فيما لا يعرف مصير سبعة آخرين من أفراد الطاقم، وافترض أن المصريين
أسقطوا الطائرة بصواريخ من طراز "سام – 2".
وسائل الإعلام الدولية نقلت حينها عن المتحدث
العسكري الإسرائيلي قوله: "ليس لدينا شك في أن الهجوم كان مدبرا بشكل مسبق،
كان تقريبا مثل كمين".
هذا الأمر أكده فيما بعد المشير محمد علي فهمي
الذي يكان قائد قوات الدفاع الجوي المصرية خلال حربي الاستنزاف وأكتوبر، بقوله إن
"الكتيبة 438 والكتيبة 416 شاركتا بعمل الكمين لتلك الطائرة حتى نجحت الكتيبة
416 بقيادة الرائد أحمد أبو نعمة في تدمير تلك الطائرة".
المشير فهمي أكد أن العملية "كانت مثالا
رائعا لأحكام التخطيط ودقة التنفيذ.. لقد كان هدفنا أن نوقع بالعدو خسارة فادحة
بأن نتخير لعمليتنا هدفا دسما يوجع إسرائيل.. فاستقر رأينا على اصطياد طائرة
الاستطلاع الإلكتروني باعتبارها أغلى ما تملك إسرائيل من طائرات، وكان لابد من
الخداع لاستدراج الفريسة".
الرواية المصرية ذكرت أن تلك العملية المصرية
لاصطياد " ستراتوكروزر" الإسرائيلية أطلق عليها اسما يحمل تاريخ ذلك
اليوم "27 رجب".
المشير علي فهمي روى أنهم كانوا يتوقعون رد فعل
ثأريا قاسيا من القوات الإسرائيلية بمحاولة إخماد محطات الرادار المصرية على جبهة
القناة، وهذا ما حدث بالفعل حيث قامت إسرائيل في اليوم التالي بالهجوم بـ 10
صواريخ من طراز "شرايك" مضادة
للرادارات.
المشير المصري روى بقية الحدث بقوله: "كنا
مستعدين للهجوم وجميع الصورايخ تبعثرت في الهواء وفشلت في إصابة أهدافها بفضل
الأسلوب الذي اتبعه الدفاع الجوي للتصدي لهذه الصواريخ".
بالنسبة لهذا النوع من الطائرات، تقول المصادر
الإسرائيلية إن الاعداد الأولى من " العملاق" انضمت إلى صفوف سلاح الجو
الإسرائيلي في 1 يوليو عام 1964، وأن عدة طائرات من هذا النوع أدخلت عليها تعديلات
وزودت بأجهزة للحرب الإلكترونية، وكانت تستخدم أيضا في مهمات الاستطلاع والمراقبة
والقيادة والسيطرة.
المصادر العبرية تروي أن إحدى طائرات "
ستراتوكروزر"، أسقطت بصاروخ مصري في 17 سبتمبر 1971 أثناء قيامها بمهمة
مراقبة إلكترونية على طول قناة السويس، مشيرة إلى أن سبعة من أفراد الطاقم لقوا
حتفهم، فيما كان الثامن، الناجي الوحيد وهو الرائد غازيت.
تمت الإشارة أيضا من نفس المصادر إلى أن سلاح
الجو الإسرائيلي مع اندلاع حرب 1973 كانت لديه 10 طائرات صالحة للخدمة من هذا
النوع المخصص للحرب الإلكترونية والتزود بالوقود والنقل، فيما تم سحب آخر طائرة من
الخدمة في سلاح الجو الإسرائيلي في عام 1978.