طلاب: المدرسون يشرحون لنا بتوسع ويستمرون معنا لفترة أطول
تربويون: مخالفة للقانون لكنها باتت ضرورة.. والتعليم: القانون يجرمها
على غير الاعتقاد السائد حول المراكز التعليمية، المعروفة باسم "السناتر"، بأنها تقتصر على تقديم الدروس لطلاب الثانوية العامة في مختلف المواد الدراسية دون سواهم من طلاب المراحل التعليمية الأخرى، فقد انتشرت العديد من المراكز التي يقصدها طلاب في مختلف المراحل التعليمية، بما فيها طلاب الابتدائية، الذين كانوا يلجأون في السابق إلى الحصول على "مجموعات تقوية" في المدارس أو المساجد، وفي بعض الأحيان يلجأون إلى الدروس الخصوصية من خلال تنظيم مجموعات على نطاق محدود يقوم المدرس بإعطاء الدروس لها.
لكن الأمر اختلف الآن، حتى تطورت وتخصصت مراكز بعينها في تدريس مواد المرحلة الابتدائية بجميع صفوفها، وعلى الرغم من قلة عددها مقارنة بـ "سناتر" الثانوية العامة، إلا أنه لا يمكن إنكار أنها أضحت ظاهرة تطل برأسها.
وفى منطقة الدقى، يوجد مركز تعليمي ملتحق بأحد المساجد، وخصص لإعطاء المحاضرات للمرحلة الابتدائية فقط الآن بعدما كان مخصصًا للإعدادى والثانوى، لكن نظرا لحصول المعلمين على مبالغ كبيرة ألغى هذين القسمين واقتصر على المرحلة الابتدائية.
يقول أحد المعلمين بالمركز: "الدروس الخصوصية أصبحت إجبارية في ظل ما يعانيه المعلمون من تدني في الرواتب في ظل غلاء المعيشة، وهناك من يستطيعون أن يتوجهوا بأبنائهم إلى المراكز التعليمية، أما غير القادرين نتعامل معهم بالتراضي فيما بيننا، خاصة وأن المرحلة الابتدائية هي الأساس، عليها تتأسس جميع المراحل التالية، لذلك لا بد من الاهتمام بهم منذ الصغر ولا مانع من وجود مراكز مخصصة لهم".
وقال طالب بالصف الرابع الابتدائى: "أسكن بمنطقة بولاق الدكرور ووالدتى حجزت لى الدروس بالمركز مع بداية العام الدراسى، لأن المدرسين بمدرستى اكتمل العدد لديهم قبل بداية العام الدراسى، نظرًا لإقبال الطلبة الكبير عليهم، وهنا المدرسون مستواهم جيد فقد تحقق أبى من ذلك قبل أن أشترك وقمت بحجز مادتى الدراسات واللغة الإنجليزية، أدفع مبلغ مقدمًا 120 جنيهًا نظير تسجيلى لهذا العام".
وفي منطقة إمبابة، هناك مركزان؛ الأول حوّل نشاطه الآن إلى الدروس لطلاب المرحلة الأساسية فقط، بسبب عزوف المشتركين عنه بسبب كثرة الدروس الخصوصية.
وقال أحد العاملين بالمركز: "المركز له 10 سنوات بمنطقة مدينة العمال فى إمبابة وكنا متخصصين فى كل المراحل التعليمية بأسعار رمزية، نظرًا لأن أغلب المقبلين على الدروس من الطبقة المتوسطة، والمعلمون كانوا متفهمين ذلك، ولكن مع التطور التكنولوجي، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، عزف الطلاب عن المركز ولجأوا إلى الدروس عبر الإنترنت، وأغلبهم رأى أن الدروس الخصوصية خارج المركز أفضل، فوجدنا التخصص فى الابتدائى هو الحل، خاصة أن المركز له سنوات كثيرة فى هذا المجال وكان من الصعب أن يغلق أبوابه".
وقال "أحمد" طالب فى الصف الخامس الابتدائى: "عند الحضور إلى المدرسة دائمًا لا يقوم المدرس بالشرح إلا عند زيارة أحد الموجهين، وفى أحد الأيام المدرس وزع علينا ورق إعلانات هذا المركز للدروس الخصوصية، حتى نستمع أكثر لشرحه هناك وطالب مَن يريد أن يأخذ درسًا خاصًا يذهب إلى المركز ويسجل فى جميع المواد هناك".
وفى التاريخ فقط، هام مركز تخصص في تقديم الدروس لطلاب المرحلة الابتدائية، نظرًا لتميز أحد أعضائه من المعلمين فى هذه المادة لهؤلاء الطلاب.
وقال أحد المعلمين: "تخصص المركز للمرحلة الابتدائية فى مادة التاريخ فقط، وهذا كان بطلب من المعلم ذاته صاحب المادة، فهو يلقى دروسًا متنوعة للمراحل الأخرى فى مراكز أخرى كثيرة، ولكن خصص (برفكت) للمرحلة الابتدائية فقط، وأغلبهم من طلاب الصفين الرابع والخامس، وهنا الأسعار رمزية لكل المراحل التعليمية".
وقال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى، إن "السناتر التعليمية تحولت إلى ضرورة موضوعية، فعلى الرغم من أن الآباء يبذلون قصارى جهدهم لإدخال أبنائهم المدارس، ودفع المصروفات اللازمة لهم، لكن من المؤسف يلجأ ولى الأمر فى النهاية إلى مدرس خصوصى أو سنتر تعليمي، لأنه لا يجد تعليمًا جيدًا فى المدارس التى انشغل مدرسوها عن حصصهم بجمع الأموال من الدروس".
مع ذلك، أكد مغيث لـ"المصريون": "المدرسون ليس لهم ذنب، وحتى إذا كانوا مقصرين فى أعمالهم المدرسية، بسبب عدم حصولهم على مرتب كافٍ يحمل صعوبات معيشتهم المختلفة، فالمعلم مقيد من كل الاتجاهات ولا يجد سبيلاً لاكتفائه معيشيًا إلا بالدروس والسناتر".
وأكد الخبير التربوى، أن "مرتبات المعلمين الآن وصلت إلى 1500 جنيه، وهذه لا تكفى قضاء الحاجات الأسرية، فيما تضع وزارة التربية والتعليم عوائق أمام تعيين المعلمين وتثبيتهم، وتطرح بين وقت وآخر مسابقات عندما تواجه نقصًا فى المعلمين، من دون زيادة المرتبات".
ووجه مغيث رسالة إلى المسئولين إذا رغبوا فى إلغاء "السناتر" والدروس الخصوصية، قائلاً: "عليهم إعادة هيكلة المنظومة التعليمية من جديد، وإعادة هيبة المعلم مرة أخرى، وقيمة العلم الأهم هى تحقيق الهدف من التعليم وهو البناء والصعود التكنولوجى والعلمى، فلا بد من التفرغ الواسع للعملية التعليمة وإعطائها حقوقها كافة".
من جانبها، قالت ايمان عبداللاه، الخبيرة التربوية، إن "هناك العديد من السلبيات داخل المنظومة التعليمية، فمن غير المعقول أن يتدهور بنا الحال، ونعمل على تقنين إعلان حجز الدروس الخصوصية، فهذه جرائم واستغلال لحق الطالب، ونضع أولياء الأمور تحت رحمة الدروس الخصوصية بسبب فساد بعض من المدرسين".
وأضافت: "جميع مراكز التعليم التى أعلنت فتح باب الحجز للدروس الخصوصية غير قانونية، فالقانون لم يُفعّل ضد هؤلاء المدرسين الذين يرتكبون جريمة كبيرة فى حق المنظومة التعليمية".
وذكرت أن "هناك عيوبًا كثيرة فى التعليم الأساسى لا بد من معالجتها أولاً، ثم مواجهة الدروس الخصوصية وتجريمها، إذ لا تزال هناك مشكلة يجب التصدى لها، وهى كثرة عدد الطلاب فى الفصول المدرسية".
من جهته، قال خالد حجازى، وكيل وزارة التربية والتعليم بالجيزة، إن "القانون يلزم الأحياء بغلق تلك المراكز تحت بند تحويل النشاط السكنى إلى تجارى، لكن عند اتخاذ الإجراء القانونى يعيد مالك المركز فتحه ويتم اتخاذ إجراء آخر ضده وهو محضر إعادة فض الشمع وهذه قضية عقوبتها الحبس والغرامة، ولكن يتم دفع الغرامات بعد فترة كبيرة من عمل المحضر ويستمر النشاط ويستمر الحى فى الغلق وهكذا".
وأشار إلى أنه فوجئ بما شاهده فى أحد مراكز الدروس الخصوصية أثناء عمله رئيس حى، خلال إحدى الحملات لغلق المراكز، بوجود تجهيزات على أعلى مستوى وصالة ألعاب وفيديو جيم، وكافيه بالإضافة إلى قاعات الدروس، لزيادة الدخل والتربح".
وأشار إلى أنه "يمكن إبلاغ المحافظة عن مراكز الدروس الخصوصية لغلقها، خاصة وأن القانون جرم الدروس الخصوصية، لذلك من يتم ضبطه من المعلمين يعطى دروسًا خصوصية يتم تحويله للشئون القانونية بالمديرية وإبلاغ التهرب الضريبى، وهناك عقوبات بوقفه عن العمل".