الأربعاء، 30-12-2020
06:51 م
من
الذكريات التي أستعيدها في كراستي وأضع تحتها خطوطا حمراء، هؤلاء البشر الذين مررت عليهم وصاحبتهم بعض الوقت، ثم كنت "وش السعد" عليهم فأصبحوا حكاما لدولهم.
ثلاثة أصبحت مفاتيح القرار وزوايا التأثير الإقليمي في أيديهم، أحدهم هو الديبلوماسي والأديب الحاصل على جائزة
الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام 2011 الدكتور عبدالله أحمد بدوي خليفة مؤسس
ماليزيا الحديثة
مهاتير محمد ورئيس وزراءها في الفترة من 2003 حتى 2009.
كان وزيرا للخارجية قبل عام 1998 عندما اقترح علي
مهاتير محمد عقب انتهاء حواري معه في مكتبه في كوالا لمبور، أن التقيه أيضا، فلديه الكثير مما يمكن أن يحكيه عن أزمة
أنور إبراهيم الذي أقاله إبراهيم من منصبه كنائب له إثر اتهامات اللواط مع سائقه أو سكرتيره.
رغم كل ما شرحه
مهاتير عن الأدلة التي استند إليها بخصوص تلميذه المقرب جدا
أنور إبراهيم الذي أعده لخلافته، شعر بأنني لا أصدق دليلا واحدا وغير مقتنع إلا بكونها تهما سياسية على عادة العالم الثالث في تشويه المعارضين أو المختلف معهم.
قال لي
مهاتير إن عبدالله بدوي سيريح بالي وسيكون أقرب إلى تفكيري كعربي يستهويه تفسير كل حدث بنظرية المؤامرة.
والحقيقة لم يكن
مهاتير محمد أو محاضر محمد كما كان يكتبه أستاذنا الكبير فهمي هويدي، حادا معي في مناقشة هذه القضية التي كانت وقتها حديث العالم كله وليس
ماليزيا وشرق آسيا فقط.
كانوا قد حذروني من هذه الحدة، وأن علي ألا أبدو كأني استجوبه في مسألة يؤمن شخصيا بصحتها.
عبدالله بدوي من أصول عربية وهذا هو السبب في أنه سيفهم تفكيري جيدا وفق كلام
مهاتير، فجده لأبيه الشيخ عبدالله بدوي فهيم من أصل حضرمي يمني، وقد كان مفتيا لمنطقته في
ماليزيا واسمها بينانق، وأسس الحزب الإسلامي الماليزي.
عبدالله أحمد بدوي الحفيد تخصص في العلوم الدينية التي اشتهرت بها أسرته، كان والده أيضا شخصية إسلامية بارزة. حصل الحفيد على بكالوريوس الأداب في الدراسات الإسلامية من جامعة مالايا عام 1964.
عل عكس
أنور إبراهيم الذي كان تلميذا معجبا بمعلمه
مهاتير ويطمع في أن يكمل مسيرته، استهوى عبدالله بدوي معلمه السياسي نائب رئيس الوزراء موسى حيتام المعارض ل
مهاتير في أول توليه حكم
ماليزيا ، وذلك عندما حدث انقسام في الجبهة الوطنية المتحدة الحاكمة.
كان عبدالله بدوي حينها وزيرا للدفاع فأقاله
مهاتير مع موسى حيتام، وعندما تأسست الجبهة الوطنية المتحدة الجديدة عام 1988 أعاده وأسند إليه وزارة التربية والتعليم، ثم لاحقا وزارة الخارجية.
في ردهة الفندق همس لي المرافق المعين لي من الحكومة ويجيد العربية بأن عبدالله بدوي منافس ل
أنور إبراهيم ولا يحبه ويجب ألا يكون كلامه سببا في تغيير وجهة نظري.
كان الناس هناك ومنهم مرافقي لا يريدون تصديق تهم اللواط الموجهة لزعيم المستقبل الإسلامي النزعة
أنور إبراهيم.
وعلى غير المتوقع وجدته رافضا تماما للحديث في تلك المسألة. كان ينظر إلى السقف كثيرا كأنه يتفادى أجهزة تنصت، واكتفى بالقول بأن الأمر برمته في يد القضاء.
طوال الجلسة شعرت بأني أناقش رجلا ورعا هادئا يحفظ على يبدو الكثير من الآيات القرآنية التي يستدل بها على كل إجابة.
وللحق لم يكن كلامه دبلوماسيا، بل هاديا دون تصريح لما يمكن أن أمشي عليه في تحقيقي الاستقصائي، هل أنور مذنب أم غير مذنب؟!
لم يمض وقت طويل حتى عينه
مهاتير نائبا له بدلا من
أنور إبراهيم ووزيرا للداخلية، وفي عام 2003 جلس على كرسي
مهاتير رئيسا للوزراء، وحكم
ماليزيا بحكمة وعدالة وإنسانية حتى 2009 ، وعندما فقدت الجبهة الوطنية الحاكمة الأغلبية في انتخابات نيابية عامة قدم استقالته.
الآن يتولى رئاسة جامعة تكنولوجية وقد تجاوز التسعين من عمره.