الأحد 22 ديسمبر 2024
توقيت مصر 18:52 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

أرض الكوم !

لا أدري سببا لذهاب النوم من عيني هذه الليلة ، أتيت بكل أيات الاستعاذة ، توضأت ، صليت ، ما أراني إلا مقبلا على حالة مرض أعرفها ، تعاودني كلما جاء ذكره ، أ بي مس من جنون ؟
نفس قلقلة وحالة من الوسواس القهري ، هو يتمثل لي في خيالي كأنما يمسك بكتاب " أصفر " إشارات ما أعرف كيف أفك طلاسمها ، القلق يستبد بي ، لا لن أصمت بعد اليوم !
مالذي يجعلني أخفي كل هذا عنه ، هو صاحبي ، لعبنا سويا ، الطفولة بمرحها ولهوها ،براءة اللعب ، يا لعذوبة الركض بين الأشجار ، والاختباء خلف جذوع أشجار الكافور ، يأتي إلي ذلك الهاجس كلما مررت بتلك التلة التي ما يزيدها الزمن إلا خفاء ، يتهيب الجميع من المرور بجوارها ، الديك يؤذن ساعة صلاة الجمعة ، هكذا قال لي جدي !
إنه من ذهب !
سمعته يقول في همس : " حارس الكنز "
لم أع ما قاله جيدا ، أخذته معي ، كنت صغيرا ، ربما في الخامسة عشرة من عمري ، نعم هكذا تماما ، انتهيت يومها من امتحان الشهادة الإعدادية ، وكان يوما !
أحسسنا براحة ، أردنا اللهو كيفما اتفق !
كنت ماكرا ، قلت له تعال نشاهد شجرة الجميز العملاقة ، نكتب بمسمار الساقية المخلوع ، بع الذكريات ونسجل اسمينا ، تبعني ، كان طيب القلب ، يعلم أنني أحبه وأنا كذلك ، أخبرته أنني سأرسم صورة ديك وله عرف طويل ، طلبت منه أن يلون الديك !
اختبأت خلف شجرة الكافور أرقب " الكوم " حين انتهى من التلوين ؛ سمعت صياحا عجيبا ، رأيت دجاحة أقبلت مسرعة ونقرته في يده !
وقع المسمار ، توقفت أصابعه عن الحركة ، ذهلت لم أكن أظن أن هذا سيحدث !
ما وجدته في تلك الصفحة الصفراء لم يكن غير صورة على شجرة لديك جميل !
لا أدري ماسبب تلك الهواجس في تلك الليلة ، يا للهول نعم رأيته ؛ صاحبي الذي كان !
صرت اليوم " أثري" أستاذ آثار بالجامعة ، أردت أن أفك تلك الطلاسم ، يا للهول صار عاجزا ، يعمل " فراشا " بالمدرسة الإبندائية !
سأجهد أن أداويه !
في الصباح سآخذه إلى هناك ، البعثة العلمية ، بها خبير لفك أسرار الكتابة التي على الحجرة الكبيرة المستقرة جوار شجرة الجميز ، النساء لن يذهبن إلى هناك ؛ يقفزن فوقها سبع مرات بعد صلاة الجمعة ، لن يأتي الفلاحون بأبقارهم لتخطو فوقها ؛ ليكثر اللبن في ضروعهن !
حين نستخرج الكنز سنبني مدرسة " ثانوية " جوار المسجد القبلي ، بالتأكيد سنقضي على البركة التى تمتليء بالأفاعي ، نعم يسكن بلدتنا البعوض ، والثعبان الكبير !
صيحة وجلبة خارج البيت ، إنه عم " أبوطيفة " ينادي سرق اللوح المبروك ، تهشمت الحجرة ، يا أهل البلد !
الخواجة أخذ اللوح وهرب !
تملكني الغضب ؛ أنا السبب !
كان ذلك الحدث منذ عشر سنوات ، مرت وهي لا تفارفني ، تأتي إلي كلما أتيت من طريق الزراعية ، أنا لا أمر من طريق " النجارة " فقط أكون موازيا له حين أسير ذهابا وإيابا من كوبري " الترعة الكبيرة " ليتني ما أحضرته ، لكنه كان يعرف كل شيء ، نعم كان يأتي إلى الثعبان الذى بالبركة ، يحضر له البيض ، ويرمي إليه " الكنتاكي " حتى سمنت رقبته !