مشروع قانون لحظر استخدامها بجميع المحافظات بسبب آثارها الخطيرة على البيئة
فرج عامر: تالف البلاستيك فى البحار يعرض الكائنات البحرية للنفوق
أبوالمكارم: إنتاج أكياس قابلة للتحلل تكلفتها أعلى بنحو 15 إلى 20% عن العادية
وزارة البيئة: مشروع ممتاز.. لكن يجب تحديد البديل ومراعاة ظروف العاملين بصناعة البلاستيك فى مصر
قبل أسابيع، أثار مقترح بسن قانون يحظر استخدام الأكياس البلاستيكية في مصر، جدلًا واسعًا، خاصة وأن البلاستيك يتداخل مع صناعات أخرى عديدة على هيئة مواد خام، وهو ما دفع معنيين إلى التساؤل حول كيفية تطبيق الحظر وأثر ذلك على هذه الصناعة والعاملين فيها في مصر، في الوقت الذي يرون فيه أنه لا توجد بدائل أخرى عملية، فضلاً عن كون أسعارها ملائمة لجميع المصريين.
تفاصيل المقترح
ويتبنى المقترح المهندس محمد فرج عامر، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، الذي يقول إن مشروع القانون يهدف في المقام الأول إلى وقف الأضرار الناتجة عن استخدام الأكياس البلاستيكية سواء للإنسان أو للبيئة.
وأوضح أنه انتهى من وضع غالبية مواد مشروع القانون، مشيرًا إلى أنه استلهم فكرته من الدانمارك التي كانت أول الدول الأوروبية التي وضعت قانونًا بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية واستخدام البدائل الصحية في 1993، من خلال دفع بدل نقدي للحصول على كيس بلاستيك، ما أسهم في تراجع استهلاك الأكياس البلاستيكية بنسبة 60%.
وأضاف عامر لـ"المصريون"، أن "أيرلندا فرصت ضريبة باهظة على مستخدمي الأكياس، ما أدى إلى انخفاض تداولها واستخدامها إلى 90%".
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي أعلن تراجع استخدام البلاستيك في 2019 إلى 80%، إلى جانب أكثر من 150 دولة متقدمة حظرت استخدامه، ووفرت بدائل آمنة للبيئة والمواطنين، ومن بينها أستراليا وفرنسا استخدام الأكياس، وآخرها تشيلي التي تعد أول دولة في أمريكا اللاتينية تحظر استخدام الأكياس البلاستيكية تمامًا داخل محلات السوبر ماركت، والمتاجر الكبيرة بعد انتهاء الفترة التجريبية في أغسطس 2018.
وذكر أن عدد مصانع البلاستيك المسجلة رسميًا داخل القطاع تصل إلى 3 آلاف مصنع، بحجم استثمارات يصل إلى 25 مليار جنيه، وحجم المبيعات بهذه الصناعة بلغ حوالي 20 مليار جنيه في العام الواحد، منها 5 مليارات جنيه قيمة منتجات تم تصديرها للخارج، ويصل حجم العمالة فيها 600 ألف عامل، ويبلغ عدد المصانع العاملة 3 آلاف مصنع، منها 2000 مصنع إضافة إلى عدد من المصانع غير المسجلة بالجمعية.
كما وصل حجم المخلفات الناتجة عن صناعة البلاستيك وصل إلى مليون و200 ألف طن سنويًا؛ ما يزيد من مشكلة كيفية التخلص منها، لكونها مخلفات معمرة تستمر لأكثر من 50 سنة دون التأثر بعوامل البيئة بل تؤثر عليها بصورة خطيرة.
وتابع عامر: "أكدت على المصريين المسافرين إلى دولة تنزانيا ضرورة مراعاة ما أعلنته الحكومة هناك، في ضوء حرصها على نظافة البيئة من أنه اعتبارًا من الأول من يونيو الماضي ستقوم بحظر استخدام كل أنواع الأكياس البلاستيكية سواء المصدرة أو المستوردة أو المصنعة أو المخزنة، وحظرت كذلك منذ عدة أيام استخدام الأكياس البلاستيكية لتأثيرها الضار على صحة المواطنين".
واستكمل: "التوقف عن استخدام الأكياس البلاستيكية في مصر يحتاج إلى جهد كبير؛ لأن مصر تستهلك 12 مليار كيس بلاستيك سنويًا، بتكلفة نحو 12 مليار جنيه، خاصةً أن أغلب الخامات يتم استيرادها من الخارج، والأكياس غير قابلة للتدوير، وتستغرق مئات الأعوام لكي تتحلل، وتنتهي كميات منها إلى البحار والأنهار، ما يعرض الكائنات المائية للنفوق".
وزاد: "التخلص منها بحرقها يؤدي إلى انبعاث جسيمات وغازات سامة تؤثر سلبًا على الغلاف الجوي، وتدمر صحة الإنسان، وتدخل في تصنيعها مشتقات شديدة الخطورة، تتفاعل مع المواد الغذائية، وتؤثر بالسلب على صحة المواطنين، لذلك لابد من إيجاد بدائل للشنط البلاستيكية، كالورق والأكياس الصديقة للبيئة".
وأشاد بتجربة محافظة البحر الأحمر، بحظر الأكياس البلاستيك، قائلًا: "تجربة جديرة بالتكرار، إذ استخدمت المحافظة الأكياس البديلة التي من شأنها حماية الحياة البرية والبحرية، والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض التي تأثرت بشدة من البلاستيك سواء عن طريق الابتلاع أو الاختناق أو الغرق أو التسمم من البقايا البلاستيكية، مما يؤثر بالتبعية على صحة الإنسان".
في المقابل، قال خالد أبو المكارم، رئيس شعبة البلاستيك بغرفة الصناعات الكيماوية التابعة لاتحاد الصناعات، إن "هناك أكياسًا قابلة للتحلل تكلفتها أعلى بنحو 15 إلى 20% عن العادية، والشعبة تدرس حاليًا كيفية توفير مواد جيدة للصناعة وبتكلفة أقل حتى لا يتحمل المستهلك الزيادة؛ لأنه تاجر الجملة في حال ارتفاع التكلفة سيحملها على المستهلك".
وأضاف لـ"المصريون": "القانون الجديد يسعى لوقف الأضرار الناتجة عن استخدام الأكياس البلاستيكية سواء للإنسان أو للبيئة، وتوفير بدائل آمنة للبيئة والمواطنين، كما أن المصانع العاملة في تصنيع الأكياس البلاستيكية ستتجه خلال الفترة المقبلة من التحول التدريجي إلى تصنيع أكياس بلاستيك جديدة قابلة للتحلل كبديل للأكياس العادية، لذلك نطالب بسرعة الانتهاء من إعداد القانون".
وأشار إلى أن "هناك مصانع بدأت بالفعل في التحول إلى هذه الصناعة قبل عامين، لكن بسبب ارتفاع التكلفة لم تتحول باقي المصانع بعد، وذلك على الرغم من كون ذلك ضروريًا، بعد أن تحولت غالبية دول العالم إلي صناعة الأكياس الورقية، وبدأت السعودية في وضع شروط تطبق على الوافدين إليها، بعدم الدخول بأكياس عادية ضمن الصادرات إليها".
إلى ذلك، رحبت وزارة البيئة بمشروع القانون بحظر استخدام الأكياس البلاستيكية.
ملاحظات على مشروع القانون
وقال مصدر بإدارة المخلفات بوزارة البيئة، إن الوزارة كانت تفكر في إعداد مشروع قانون قبل عام كامل، إلا أنها علمت أن مجلس النواب لديه مشروع قانون ينتظر المناقشة، ولكن قد لا يتم طرحه خلال هذا الدور من الانعقاد.
وأشاد المصدر بمشروع القانون الذي وصفه بأنه "ممتاز؛ لأنه يحافظ على صحة الإنسان أولًا، وهذا المطلب السامي الذي تسعى له كل الشعوب، فالأكياس البلاستيكية لها تأثيرات صحية غير حميدة في تداولها أو حرقها؛ بسبب الغازات السامة التي تنبعث من هذه العمليات الكيميائية".
وأكد، أن "الجزء الطبيعي في القانون، هو البحث عن البديل الاقتصادي الصحي لهذه الأكياس، وهذا يتوفر فقط في المواد الورقية أو الأقمشة؛ لأنها طبيعية وسريعة التحلل والعودة إلى الطبيعة مرة أخرى في التربة".
وأبدى المصدر، بعض الملاحظات التي يجب أن يتضمنها القانون، وهي "إيجاد البديل للصناعة البلاستيكية في الصناعة الورقية، وتوفير بدائل له في الصناعات التي يدخل فيها كمادة خام، إلى جانب مراعاة قطاع العمالة في المصانع التي ستتوقف وتوفير فرص أخرى لهم، وتغطية مالية جديدة".
ووافقه الرأي الدكتور أحمد عبد الوهاب، أستاذ علوم البيئة بجامعة بنها، قائلاً: "هذا المقترح هام وسيحمي البيئة البحرية والبرية من الكثير من الأضرار والمخاطر التي تهدد الكائنات البحرية، وبشكل خاص في المدن الساحلية، إلى جانب حماية البيئة عامة من أضرار البلاستيك خلال تحلله".
وأضاف: "حملات النظافة المتكررة التي تنظمها الأجهزة البيئية مع المجتمع المدني لجمع البلاستيك فقط من الفنادق والمدارس لا تقوم سوى بجمع 1% منه، ما يتسبب في عدة مخاطر للكائنات الحية والمائية".
وأشار إلى أنه "على الحكومة توفير البدائل الاقتصادية أولًا للبلاستيك قبل حظره، على أن يبدأ التطبيق تدريجيًا حتى يتمكن أصحاب المصانع والعاملون فيها من تسوية أوضاعهم".
آراء المواطنين
وأبدى العديد من التجار العاملين في بيع الأكياس البلاستيكية ومواطنون استطلعت "المصريون" آراءهم حول المقترح، ترحيبهم بمشروع القانون.
وتساءل "الحاج أبو أشرف"، مالك متجر لبيع الأكياس البلاستيكية في منطقة بولاق أبو العلا: "لماذا انتظرت الحكومة كل هذا الوقت حتى تقوم بتنفيذ مقترح حظر الأكياس البلاستيكية؟! فالقانون تأخر كثيرًا، ولكن نحتاج قبل تفعيله تسوية الأوضاع من الناحية الاقتصادية، وإيجاد البديل المناسب ليحل محل الأكياس البلاستيكية، فضلًا عن مساندة الحكومة لنا، وإتاحة الوقت الكافي لإعادة تنظيم أوضاعنا، وكيفية التخلص من البضاعة الحالية، وتحديد الكميات المطلوبة من المواد الخام الجديدة التي لن تخرج عن الورق".
وقال نعمان السيد، تاجر دواجن حية بمنطقة إمبابة: "المقترح تأخر كثيرًا، والكثير من العلماء والأطباء حذروا من استخدام المواد البلاستيكية سواء في الطعام أو الشراء والتسوق؛ لأنها تحمل مواد سامة تضر صحة الإنسان، والغريب أننا نقرأ على أكياس الأطعمة والمعلبات الجافة تاريخ إنتاج وانتهاء فكيف هذا يعقل والكيس الذي نحمى فيه الأطعمة في أساسه ضار بالصحة؟!".
أما "عامر"، صاحب متجر لبيع الخضراوات والفاكهة ببولاق أبوالعلا، فيقول: "الحكومة لا تستطيع حظر أكياس البلاستيك وإغلاق جميع مصانعها؛ لأنها صناعة مغذية لصناعات أخرى ومجالات متنوعة مثل التعبئة والتغليف للمنتجات الغذائية والأجهزة الكهربائية وقطع غيار السيارات".؟
وأضاف: "المشكلة تكمن في نوع واحد من الأكياس وهو ما نطلق عليه لفظ "الشنطة" المتداول لدى جميع الباعة، والتي تُستهلك بشكل يومي وبنسبة كبيرة جدًا، حيث تختلف درجات تصنيعها بداية من فرز أول حتى درجة فرز ثالث".
وأكد الدكتور هشام البدري، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية لـ"المصريون"، أن "الاقتراح قبل مناقشته وتداوله مع الخبراء، يجب أن يتضمن توفير بدائل للمصنعين وأصحاب المهن الاقتصادية المتعلقة بالصناعات البلاستيكية؛ لأن الحظر المفاجئ قد يطيح بمستقبل عاملين كثيرين، ومنع التداول إذا تم مباشرة دون توفير صناعات أخرى سيدمر قطاع صناعة بالبلاستيك، لذلك لابد من توفير بدائل التحول".
وأشار إلى أن "المقترح ليس فيه شائبة قانونية، بشرط أن ترافقه حزمة إصلاحات اقتصادية وسياسية وضريبية لدعم استيراد المكونات التي تصنع المنتجات الورقية، إلى جانب تقليل أو إلغاء كافة الأعمال الضريبية على الورق، إلى جانب تخصص فترة تمهيدية لرفع الضرائب عن الصناعة الجديدة".