يستند الزى الكنسي إلى عدد من آيات الكتاب المقدس، ومنها سفر الخروج فى العهد القديم؛ حيث أمر الله موسى أن يصنع ملابس خاصة لهارون أخيه واللاويين والكهنة لاستخدامها في وقت الخدمة فقط.
ويرتدي الكاهن زيًا أبيض اللون، لأسباب كنيسة؛ منها أنه يرمز إلى الطهارة والقداسة، ونقاوة القلب؛ وأيضا قداسة وطهارة شعبه؛ بعد تطهيره إياهم من خطاياهم.
وفى إطار منظومة الملابس وأوقاتها، فإن للمعمودية التى ينالها الأطفال، وهم صغار مخصص لها رداء بعينه يصنع فى مشاغل تابعة للكنيسة، ويخصص رداء أقرب إلى زى الكاهن فى القداس للفتيان المعمدين وللفتيات فستان أبيض اللون يشبه ما ترتديه العروس يوم الزفاف.
وتعود بدايات الرهبنة إلى عهد القديسين الأنبا بولا أو السواح، والأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة المصرية؛ وكانت ملابس الرهبة تتمثل في رداء بسيط؛ حيث لجأ البعض لـ"ليف" النخيل؛ حيث كان يتم غزله ليستر أجسادهم؛ مثل الأنبا بولا، والأنبا برسوم العريان، ولكن مع تغير الأزمنة، أصبحت ملابس البطريرك تتكون من 12 قطعة بعدد تلاميذ المسيح، وهى: الاستخارة، والبطرشيل، والزنار، والكمام، والصاكوس، والحجِر، والأموفوريون، والصليب، والأنكلوبيون، والمانتيه، والتاج، وعصا الرعاية.
وبحسب توزيع الملابس ومسميات القطع، فإن التونية أو الاستخارة "الثوب الأبيض" وهي عبارة عن جلباب من القماش مطرز بالصلبان على الأكمام والصدر والظهر، و"البطرشيل" يعلق فى الرقبة عبارة عن شريط طويل من القماش الملون والمطرز، وكانت تعلق فيه جلاجل، وهو عادة من الحرير الأحمر، ويكون ذلك للشماس، وأما "بطرشيل" الأسقف والقس فيكون بهيئة صدرة، كالتى كان يلبسها هارون "عليه السلام" قديمًا، له فتحة يلبس فى العنق ويتدلى للقدمين من الأمام فقط، و ينقش عليه صور الرسل الإثنى عشر للأساقفة، وهذه الصدرة تلبس أثناء القداس فوق التونية.
أما القطعة المسماة بـ"المنطقة"، وتسمى أيضًا "الحياصة"، وهى حزام عريض من الكتان أو الحرير، يتمنطق بها رئيس الكهنة فوق صدره، ويضم طرفاها بواسطة قفل من الأمام، وهى إشارة إلى ضرورة تيقظ الرعاة، ونشاطهم فى الخدمة.
وتأتي الأكمام التي تلبس فوق أكمام التونية؛ لكى لا تعطل أكمام التونية المتسعة للكاهن أثناء خدمته، بل تكون محبوكة على يديه فتسهل حركتها، وكان الأقباط يكتبون على الكم الأيمن "يمين الرب رفعتنى يمين الرب صنعت قوة"، وعلى الكم الأيسر "يداك صنعتانى وجبلتانى أفهمنى فأتعلم وصاياك"
و"البلين" عبارة عن قطعة من ملابس الكهنوت خاصة برئيس الكهنة يغطى بها رأسه، ويأخذ كل طرف ويلفه تحت الإبط ثم يوضع على الكتف المخالف، وينزل الطرفان ويوضعان تحت المنطقة، وبذلك يكون البلين بهيئة صليب على الصدر وعلى الظهر.
و"الشملة" هى قطعة قماشية مطرزة تقابل البلين عند الأسقف، ولكن الشملة يلبسها القسيس فوق رأسه لا تختلف عن البلين فى شيء، سوى أنها تلف حول الرأس ثم تتدلى من طرف على الظهر والطرف الآخر يتلفح بها من أمام، ولكن تطورت إلى قطعة من القماش توضع على الرأس وتتدلى على الكتفين أو بديل لها "الطيلسانة" شبيهة بالتاج على الرأس وتتدلى من على الظهر ومطرزة بالصلبان.
وعن «البرنس» وهو عبارة عن رداء طويل متسع بلا أكمام مفتوح من فوق إلى أسفل محلى بخيوط الذهب والفضة والبرودريه، ذى ألوان زاهية وفى الجزء العلوى من البرنس يكون بهيئة قصلة مزينة بخيوط الذهب والبرودريه، وهذه ملابس الأسقف، أما القس فلا يكون البرنس الذى يرتديه قصلة وذكر فى العهد القديم باسم الرداء أو الجبة.
و"التاج" يلبسه الأساقفة والبطريرك غالبًا فى الأعياد والحفلات الرسمية.
أما الكهنة فيرتدون في القداسات التونية، والشملة أو الطيلسانة، والأكمام والبطرشيل (الصدرة) والبرنس كبرنس الأسقف ولكن دون قصلة.
فيما يتم تصنيع الملابس الكهنوتية- حفاظًا على معايير الجودة فى انتقاء الأقمشة، وأعمال النقش، أو الرسومات عليها، في عدد من أديرة الراهبات؛ حيث تتوفر بها مشاغل خاصة لعمل تلك الملابس، وأبرزها دير القديسة دميانة بالبرارى فى دمياط، ودير الأنبا برسوم العريان، ومكرسات (غير المتزوجين او المتبتلين) فى أسقفية الشباب، ومشغل آخر بحارة زويلة، ومنافذ بيعها فى الأديرة ذاتها أو بالمشاغل الملحقة بها.
وأوضح أحد الشمامسة، أن أسعار الملابس الكنسية باهظة الثمن، حيث يصل سعر الملابس التى يرتديها الكاهن خلال صلاة العيد 2500 جنيه، وذلك يعد أقل الأسعار؛ لافتا إلى أن إن عصا الرعاية للأسقف تبدأ من ألف جنيه وقد تصل إلى 10 آلاف جنيه، حسب خامتها من الخشب الأبانوس أو العاج؛ موضحا أن: "أن التونية فقط التى يرتديها الأسقف أثناء صلوات القداس تبدأ من 600 جنيه فيما فوق، والفراجية السوداء التى عادة ما يرتديها الأسقف أو الكاهن قد يتجاوز تفصيلها ألف جنيه قماشًا وقيمة التفصيل ما بين 200: 400 جنيه".
أما "عصا الأسقفية" " هي "عصا طويلة من المعدن أو الخشب تعلوها حيتان يتوسطهما صليب، دلالة على انسحاق الشيطان- الذي هو رمز للحية التي أغوت آدم وحواء- بالصليب الذي صلب عليه المسيح وبه خلص البشر من قبضة الشيطان".
وكشف الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران الغربية وطنطا للروم الأرثوذكس، على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "أن هذه العصا تشير إلى عصا موسى التي تحولت إلى حية وأكلت حية كهنة فرعون. وكذلك إلى الحية النحاسية التي رفعها موسى في البرية، والتي عندما كان ينظر إليها إنسان لدغته حية يحيا".
وعن السبب الذي يدفع المطارنة والأساقفة لإمساكها في يدهم أوضح أنها تبدي حقوق الأسقف الرعائية وسلطته الروحية، مشيرا إلى أنه من ناحية أخرى فالأسقف يمسك بها عندما يعظ، ليدل أنه بعصا الرب يسوس الكنيسة ويقطع بكلمته التعليمية فيها الأفكار الشيطانية الخارجة عن الإيمان الحق لأعداء الكنيسة ومقاومتها.