الأحد 24 نوفمبر 2024
توقيت مصر 21:36 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

أشباه الرجال

هالة الدسوقي
طالعنا الفترة الأخيرة العديد من الأخبار المؤلمة التي تسئ للعرب والمسلمين بداية من الدبلوماسي العربي الذي ضرب زوجته في عرض الشارع في إحدى الدول الأوروبية، مرورا بالعربي الذي طُلقت منه زوجته لسوء معاملته لها، فما كان منه إلا أن دهسها بسيارته أمام أطفاله، ولم يكتفى بذلك بل ظل يضربها بأله حادة على رأسها حتى فصل رأسها عن جسدها، حتى وصلنا لمن يقتل زوجته رميا بالرصاص من أجل الخلاف على طبق ملوخية !!... وغيرها من الحوادث التي قد تفشل أفلام الرعب أو الأكشن في تصويرها.
والسؤال..لماذا يتحول هذا الشخص المدعو "رجل" في لحظة، إلى وحش كاسر أو غول يُفرغ إنعدام اخلاقه وسواد قلبه وغياب عقله فيمن هي "أقرب الناس إليه" .. وهي تلك المرأة التي وافقت على أن تهب له حياتها لينعم هو بالاستقرار والراحة، ويرى منها فلذات قلب تتحرك على الأرض، مقابل حصولها على لقب "زوجة" و"أم" مع المزيد من الالتزامات تجاهه وتجاه أولاده، دون حصولها على مقابل ملموس في عصر أصبح فيه كل الواجبات من نصيب المرأة وكافة الحقوق في صالح هذا  المدعو "رجل"..
وبالعودة لسؤالي لماذا يتحول هذا الشخص إلى "وحش"؟  فقد يرد البعض - بفلسفة ومنطق أناني يرى دائما أن المرأة هي المذنبة-  أنها قد تكون هي التي "أثارته" و"عصبته"، وإن افترضنا أن هذا صحيح، فلما يتطور الأمر إلى حرب معلنة من جانبه ليصل الأمر إلى الضرب والعنف ثم ارتكاب جريمة في حق من ارتضته في يوم من الأيام بأن يصبح زوجها .. أو سجانها ..أو قاتلها ؟؟ أعتقد أن الشراسة ليست هي الحل، فمن لا يطيق زوجته فعليه ألا يعذبها ويعذب نفسه وكذلك أطفاله، فليبتعد عنها ويتركها بالمعروف ويردها إلى أهلها دون أذى.
وما يثير عجبي.. أن حظ هؤلاء المجرمون في الغالب يوقعهم في نساء غالبا يتحلون بالأخلاق والصبر والحرص على استمرار الحياة من أجل الأطفال مع هؤلاء الأزواج منعدمي الضمير وفاقدي الدين، ولكن هذا المنطق ينقلب على روؤسهن، ويظن هؤلاء المرضى أن تلك المرأة ضعيفة لا حيلة لها ولا خلاص لها من عشرتهم السوداء.
وبالطبع فحديثي عن بعض الرجال أو "أشباه الرجال"، الذين أًطلق عليهم رجال لكونهم فقط "ذكور"، ولكنهم في خصومة مع الرجولة وعداء مع المروءة، وبالتالي لا يستحقون أن يكونوا أباءً أو أزواجاً، ويصور لهم خيالهم المريض أنهم بمجرد زواجهم قد تملكوا المرأة وتحولت من كونها إنسانة حرة إلى جارية، تكون له الزوجة والخادمة وأم الأولاد والمعلمة والممرضة والطباخة، وفوق هذا وذاك تشارك في مصاريف البيت يدا بيد معه فتمثل له البنك الذي يستين منه وقتما يشاء سواء رد لها أموالها أو دون الرد ...ثم ماذا... ثم ...لا احترام .. لا تقدير.. لا ابتسامة .. لا كلمة طيبة .. بل أن ليس لها الحق في نطق كلمة ولا في نقاش ولا في رفع صوت ولا في نظرة اعتراض..هذا كلام من قلب الحقيقة وعلى أرض الواقع يرتكبه "أشباه الرجال" في حق زوجاتهم.
وقد يتساءل البعض لما تكون المرأة بهذه الصورة المتفانية في العطاء والمطيعات واللاتي يؤثرن التهدئة في الغالب ويقابلها هذا القدر من اللؤم، فتكون الإجابة أن بعض الشخصيات عندما تُقابل بالطيب تستغل هذه الطيبة بمزيد من الخبث والاستغلال، فيخرج كافة عيوبه في وجه هذه السيدة، متصورا أنها لن تثور في يوم من الأيام فهي صابرة وسوف تظل كذلك .... ولكن "الله لا يكلف نفسا إلا وسعها"، فلماذا ينتظر البشر من أمثالهم تكلفتهم نفسهم فوق طاقتهم.
ولعل تجارب الواقع المؤلم تجعلني أُحلم بإجراء اختبارات لكل من يرغب في الزواج، لمعرفة إذا كان يصلح زوج وأب من عدمه، ولكن ديننا الحنيف قدم لنا الحل لعدم الخوض في تجارب زواج مؤلمة، وهي البحث عن صاحب الدين أو صاحبة الدين، دون الانخداع بالمظاهر الكاذبة، حتى تكون هناك حياة تنتج أجيالا صالحة .