وقعت معركة شدوان في 21-22 يناير 1970، وهي جزيرة صخرية منعزلة مساحتها تقريبًا 60 كيلومترًا وتقع بالقرب من مدخل خليج السويس وخليج العقبة بالبحر الأحمر، وعليها فنار لإرشاد السفن وتبعد عن الغردقة 35 كيلومترًا وعن السويس 325 كيلو مترًا، وقد حدثت هنالك اشتباكات بين سرية من فرقة الصاعقة المصرية وكتيبة من الظليين الإسرائيليين.
وجزيرة شدوان ليست مجرد جزيرة صخرية منعزلة تقع بالقرب من مدخل خليج السويس وخليج العقبة بالبحر الأحمر فقط ، لكنها اسم لمعركة ملحمية أضافت سطرًا في سجل البطولات الخالدة للجيش المصري، ورجاله البواسل.
وتحتفل محافظة البحر الأحمر في 22 يناير من كل عام بعيدها القومي الذي يوافق ذكرى معركة شدوان، التي جرت في الجزيرة النائية التي لا تزيد مساحتها على 70 كيلومترًا مربعًا ويتراوح عرضها بين 16 و35 كيلومترًا وبها فنار لإرشاد السفن ورادار بحري.
كانت معارك حرب الاستنزاف تدور بين القوات الإسرائيلية وقواتنا المسلحة، في عدة مواقع على طول الجبهة، وقد هاجم الإسرائيليون الجزيرة فجر الخميس الموافق 22 يناير عام 1970، وشهدت الجزيرة ملحمة شعبية، تقاسم فيها أبناء محافظة البحر الأحمر مع جنود القوات المسلحة الصمود أمام قوات الاحتلال.
وقامت القوات الإسرائيلية بهجوم ضخم على الجزيرة جوا وبحرا، كذلك هاجموا مساكن المدنيين الذين يقومون بإدارة هذا الفنار.
وكان هناك مجموعة صغيرة من الصاعقة المصرية البحرية والبرية لحراسة الفنار الذي يقع جنوب الجزيرة، ورغم اعتراض الطائرات الإسرائيلية جوا و"لنشاتها" بحرًا، إلا أن أبناء المحافظة لم يتخلوا عن قواتهم وقاموا بتوصيل الذخائر والمؤن والأسلحة في مراكب الصيد من شاطئ الغردقة إلى جزيرة شدوان.
واستمر القتال بين كتيبة المظلات الإسرائيلية وأفراد الصاعقة المصرية الذين خاضوا المعركة ببسالة وأحدثوا خسائر جسيمة بقوات العدو، كما تمكنت وحدات الدفاع الجوي المصري من إسقاط طائرتين للعدو، من طرازي "ميراج" و"سكاي هوك".
وظل العدو يتقدم لاقتحام مواقع قوة الحراسة في جنوب الجزيرة، وكانوا يطلبون من القوة المصرية أن تستسلم، ورغم القصف الجوي العنيف، إلا أن القوات المصرية رفضت الاستسلام وقاتلوا ببسالة وشجاعة.
واستمر العدو في محاولاته للسيطرة على الجزيرة ومنع الإمداد الذي يأتي للجنود المصريين من خلال البحر، لكنهم فشلوا رغم تفوقهم العددي والقصف الجوي العنيف والإمدادات الكثيرة التي كانت تأتي إليهم.
بعدها اضطرت القوات الإسرائيلية التي تقدر بكتيبة كاملة من المظليين، للانسحاب من الأجزاء التي احتلتها من الجزيرة، وفي اليوم التالي للقتال والموافق الجمعة 23 يناير، قصفت القوات الجوية المصرية المواقع التي تمكن العدو من الوصول إليها في جزيرة شدوان، في الوقت الذي قامت فيه قواتنا البحرية بأعمال تعزيز القوة المصرية على الجزيرة، وهو ما أدى لانسحاب القوات الإسرائيلية من الجزيرة.
يذكر أن الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية إبان حرب أكتوبر كان قائد القوات المصرية في قطاع منطقة البحر الأحمر آنذاك، وكان الشاذلي قد وضع خطة لمقاومة تسللات القوات الإسرائيلية في مناطق البحر الأحمر.
قال الصحفي الأمريكي (جاي بوشينسكي) الذي كان مصاحبًا للقوات الإسرائيلية : "رغم أن الطائرات الإسرائيلية قصفت الجزيرة قصفًا مركزًا لعدة ساعات قبل محاولة إنزال القوات الإسرائيلية فقد قاومت القوة المصرية مقاومة باسلة ولم يجعل الأمر سهلاً للمهاجمين.
كما قامت بمحاولة لتثبيط عزيمة القوات المصرية بأن أذاعت نداءات متكررة بالميكروفون تدعو القوة المصرية للاستسلام وأنه لا فائدة من المقاومة.
وكان رد المصريين على هذا النداء بقذائف مركزة من المدافع تنصب فوق الجنود الإسرائيليين من كل جانب، منوها لقد شاهدت بطولات من الجنود المصريين لن أنساها ما حييت: جندي مصري يقفز من خندقه ويحصد بمدفعه الرشاش قوة من الإسرائيليين، وظل يضرب إلى أن نفدت آخر طلقة معه، ثم استشهد بعد أن قُتل عدد كبير من جنود العدو وأصاب عشرات بجراح.
وكانت الخسائر عالية بين الجانبين نظرًا للقتال العنيف الذي شهدته الجزيرة فقد بلغت خسائر العدو الإسرائيلي 50 فردًا بين قتيل وجريح، بينما أستشهد وأصيب نحو 80 من رجالنا البواسل إضافة إلى بعض المدنيين الذين كانوا يديرون الفنار لإرشاد السفن.
وقال بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية "ان القوات المسلحة المصرية لتعتبر معركة جزيرة شدوان والتي دامت 36 ساعة متصلة في قتال متلاحم رمزًا للصلابة والجرأة والفداء الذي وصل في هذه الجزيرة إلى أقصى حد".