يبدو أن نجاح أغنية "هو صحيح الهوى غلاب"، لكوكب الشرق، لم تنل شهرة واسعة بسبب الكلمات والألحان الرائعة وصوت "الست" فقط، ولكن لأنها الأغنية التي ساهمت في رجوع شيخ الملحنين، زكريا أحمد، إلى أم كلثوم بعد خصومة وانقطاع فني استمر 13 عامًا.
وبمناسبة مرور 59 عامًا، على رحيل الشيخ زكريا أحمد، الذي توفي في 14 فبراير، عام 1961، نكشف أهمية أغنية "الهوي غلاب"، الذي تعتبر آخر تعاون للشيخ زكريا أحمد وكوكب الشرق عقب سنوات من الانقطاع واندلاع المشكلات بينهما، حتى توفي بعد أقل من شهرين.
وقد ظل عطاء أم كلثوم والشيخ زكريا أحمد (شيخ الملحنين) خصبًا حتى نشبت بينهما خصومة كبرى استمرت لما يقرب من 13 عامًا، وكانت سبب القطيعة هو مطالبته بمستحقات طبع ألحانه على أسطوانات أم كلثوم من الإذاعة المصرية، فرفضت أم كلثوم هذا الطلب بحجة أنها تمتلك تنازلًا خطيًّا منه عن تلك الألحان.
ومن جانبها، اعترفت أم كلثوم لبعض المقربين منها بأن زكريا أحمد له الحق في ذلك لكنه بالغ في المقابل الذي يطلبه، حيث كان يردد دائمًا "أم كلثوم ليها عندي وزة وانا ليا عندها 40 ألف جنيه"، في إشارة منه إلى إوزة كانت قدمتها إليه حين زارها في منزل أبيها بطماي الزهايرة، مسقط رأس أم كلثوم.
ومن ثم لجأ الشيخ زكريا للقضاء وكذلك فعلت "كوكب الشرق"، ليظل الخلاف قائمًا بينهما، ليخسر الشيخ زكريا تسجيل ألحانه لأم كلثوم على أسطوانات، لكن، في عام 1960 وأمام عبد الغفار حسني، رئيس محكمة القاهرة، تم الصلح بعد أن قال القاضي: "إن المجتمع العربي يود من قلبه سماع أم كلثوم تتغنى بألحان زكريا.. فيرد زكريا قائلًا إنه ينظر إليها كسيدة مطربات الشرق، وهدفه خدمة الفن في شخصها.."، فترد أم كلثوم قائلة: "إنها تقدِّر زكريا وترتاح إليه فعلًا".
وانتهت الخصومة بينهما باتفاق عقده القاضي لتذليل الخلاف، وهو: "أن يُفتح التعاون بينهما بأن يلحن زكريا ثلاث أغنيات لأم كلثوم مقابل سبعمائة جنيه لكل لحن، ويقدم الألحان الثلاثة في العام ذاته 1960، في المقابل يتنازل زكريا عن دعواه ضد أم كلثوم وعن الحكم الذي صدر لصالحه عام 1958".