الجمعة 22 نوفمبر 2024
توقيت مصر 04:24 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

«لينين الرملي».. «مسلم أم مسيحي؟».. وسر خلافه مع «محمد صبحي»

الرملي وصبحي

رحل الكاتب المسرحي "لينين الرملي" صاحب "وجهة نظر"، اليوم عن 75 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا وراءه ثروة فنية هائلة، وخاصة أعماله المسرحية التي أثرى بها المسرح المصري على مدار أكثر من 4 عقود، تشهد له، بوصفه كاتبًا من طراز فريد، استطاع ببراعة أن يقود مدرسة مختلفة في الكوميديا، تنتزع الضحكات، والبكاء معًا.

الكلمة الآن للدفاع

"لينين" حاصل، علي بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1970، وكانت البداية في مطلع السبعينات، في مرحلة عصيبة من تاريخ مصر، كان المجتمع يسعى فيها للملمة جراحه بعد "نكسة يونيو" التي أصابت المصريين بالإحباط، وكانت أولى مسرحياته "الكلمة الآن للدفاع" عام 1973، والتي لم تعرض على خشبة المسرح حتى الآن، وينقل عنه أحد المقربين إنه كان قد انتهى من كتابتها في يوم 6 أكتوبر 1973.

وقدم "لينين" أولي مسرحياته "إنهم يقتلون الحمير" من إخراج جلال الشرقاوي عام 1974، وفيلم "القنطرة شرق" من إخراج نور الدمرداش في نفس العام. وقدم نفسه بقوة من خلال ثلاثة أعمال درامية تليفزيونية، هي: "فرصة العمر" 1976، حكاية "ميزو"1977، "برج الحظ" 1978.

وإلى جانب مسرحية "إنهم يقتلون الحمير"، قدم الرملي خلال الفترة من 1974وحتى 1980 مجموعة من المسرحيات التي مثلت علامة فارقة في تاريخه، هي: "انتهي الدرس يا غبي"، "علي بيه مظهر"، "مبروك"، "حاول تفهم يازكي"، "نقطة الضعف"، "سك على بناتك"، وهذه الأخيرة كانت من بطولة وإخراج فؤاد المهندس مع نخبة من نجوم الفن.

فرقة "ستوديو 80" 

وفي بداية الثمانينات، أسس مع رفيق دربه في المعهد العلي للفنون المسرحية، الفنان محمد صبحي، فرقة "ستوديو 80" وقدمت ست مسرحيات كانت من تأليف الأول وإخراج وبطولة الثاني وهي: "المهزوز"، "أنت حر"، "الهمجي"، "تخاريف"، "وجهة نظر"، "بالعربي الفصيح"، وقد أعاد الرملي تقديم هذه المسرحية عام 1998 من إخراجه.

مسلم أم مسيحي؟

كان لدى كثير من الناس اعتقاد أن الكاتب الراحل مسيحي الديانة بسبب اسمه "لينين الرملي"، ولطالما ذلك أثار له مشاكل في حياته، حتى إن الفنان الراحل فؤاد المهندس اعترض عليه، عندما عرض عليه أولى تجاربه المسرحية، "إنهم يقتلون الحمير" على الرغم من موافقته على بطولتها، وإعجابه الشديد بها، عندما طلب منه أن يذكره باسمه فقال له: "لينين الرملي" فصمت، وقال: "يعني ينفع نكتب تأليف "لينين الرملي".

يقول "لينين": شعرت أنه يريد إنهاء المقابلة، فانسحبت في هدوء ووقتها أخذها جلال الشرقاوي وقدمها علي مسرحه، لكن عندما نشر عنها في "الأهرام" كتب في الخبر الأول، تأليف فتحي الرملي فغضبت وطلبت منه ألا يكرر ذلك، فكتب المرة التالية تأليف لينين الرملي.

وكان والداه وهما اشتراكيان قد اختارا له هذا الاسم تيمنًا بالزعيم الشيوعي "فلاديمير لينين"، لكن هذا الاسم سبب له العديد من الأزمات، خاصة أيام حكم الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، حيث كانت ترفض أعماله بسبب اسمه، فكانوا يعتبرونه يساريًا، على الرغم من ابتعاده عن اليساريين إلى حد أنهم يكرهونه بسبب ذلك.

ويتذكر أن والدته وكانت من أوائل الصحفيات اللاتي عملن في مجلة "روزاليوسف" ذهبت لرئيس تحرير مجلة "صباح الخير" حتى ينشر قصة قصيرة في باب "قصة من قارئ" وافق وقتها أن ينشر القصة لكنه اشترط ونصح والدته أن يغير اسمه، فعادت إلي المنزل واقترحت علي هذا الاقتراح، كان وقتها عمره 20 عامًا، لكنه رفض وبشدة.

وسر رفضه كما قال في مقابلة صحفية، إنه كان يخشى من الاغتراب مجددًا، بعد أن عاشه لسنوات طويلة، بسبب غرابة الاسم، حتى إنه عندما كان طفلاً صغيرًا يندهش الناس منه، ويتشككون في أربعة أشياء: أولها أنه ي اشتراكي أو شيوعي ثم، يتساءلون ما إذا كان مسيحيًا أم مسلمًا، أيضًا يتساءلون، إذا كان أجنبيًا أو من أصل غير عربي أم؟ كما أن البعض كان يتصوره أنه امرأة قبل أن يراه. ويذكر أن المدرس عند سماع اسمه كان يطلب منه قراءة الفاتحة أو قول الشهادة حتى يتأكد من إسلامه!

"عبلة كاملة" سبب انفصاله عن "محمد صبحي"

كون لينين والفنان محمد صبحي، ثنائيًا فنيًا ناجحًا ارتبطا في أذهان الجمهور بمجموعة من أهم الأعمال المسرحية التي شهدتها مصر على مدار ثلاثة عقود.

لكن وقع خلاف شديد بينهما بعد نجاح مسرحية "وجهة نظر"، بسبب رفض "صبحي"، العمل مع "عبلة كامل" التي رشحها له "لينين" وقتها، إذ يقول إنه "حينما كنا نعد لمسرحية "وجهة نظر"، رشحت له عبلة كامل في دور "سنية"، وهو لم يكن يعرفها ولكنى أقنعته بها، وبالفعل تم إسناد الدور لها وكانت في قمة الالتزام، وكانت رائعة بكل المقاييس، ومناسبة جدًا للدور وحققت تفاعلاً هائلاً مع الجمهور ونجاحًا كبيرًا وساهمت هذه المسرحية في بزوغ نجمها بشدة".

مع ذلك، كان يشير إلى أن صبحي يقول "باستمرار إنه غير راض عنها، وكان "يتلكك" كثيرًا ويخصم لها من أجرها باستمرار، والحق أنها لم تعترض ولم تشتكِ أبدًا، ثم زاد الأمر أنه كان يوسطني لكي أنقل لها ملاحظاته وانزعجت كثيرًا، خاصة أنه بذلك يحدث فجوة بينهما، رغم أنهما من المفترض أن يشكلا ثنائيًا على المسرح ولابد أن يحدث انسجام بينهما، ورفضت التدخل وطلبت منه الاندماج معها، لكن فوجئت به بعد العرض، يرفض التعاون معها ويريد استبدالها بدون أي أسباب، ورشح لي فنانة أخرى لم أجدها مناسبة تمامًا للدور وهنا تصاعد الحوار بيننا، ووصل الأمر لاستحالة التعاون بيننا مرة أخرى".

كما أن من أسباب الخلاف بينهما، أنه كان يرى أن "صبحي" يتعمد تهميشه وأن ينسب إلى نفسه وحده النجاح الذي حققته مسرحيات "انتهى الدرس يا غبي"، و"الهمجي"، و"تخاريف"، و"وجهة نظر" وغيرها، "فهو تعمد إقصائي من الصورة وتصدرت صورته وحده كل الأعمال والنجاحات، وعلى مدى رحلتي الطويلة معه التي امتدت لسنوات عديدة، كنت أرى ماذا كان يفعل والتصرفات الغريبة التي كان يرتكبها، والتي لم أستطع تحملها في "وجهة نظر" التي شهدت انفصالنا بعد أن أسسنا معًا "ستوديو 80"، وقدمنا تجربة مسرحية رائعة كان من الممكن أن تستمر لو توقف عن أفعاله".

نعي "صبحي" له

لكن الموت كان كفيلاً بأن يذيب ذلك الخلاف بين الثنائي الناجح، إذ سارع صبحي، إلى نعي "لينين" من خلال صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، من خلال صورة للكاتب الراحل، أرفقها بتعليق قال فيه: "البقاء لله، رحل اليوم زميل الدراسة وصديقي الغالي لينين الرملي الذي كان ضلعًا مهمًا في مسرحي والأعمال الفنية التي قدمناها معًا".

وأضاف: "أنت باقٍ بأعمالك وفنك وفكرك.. نسأل الله المغفرة والرحمة. وعزائي للأسرة وكل محبي لينين الرملي".