بعد أن توقفت قلوبهم عن النبض لمدة ست ساعات، إثر انقلاب قاربهم في المياه المجمدة خلال رحلة مدرسية، عاد سبعة أطفال إلى الحياة، في حالة هي الأولى من نوعها.
وعقب قيام رجال الإنقاذ بانتشال المراهقين السبعة من مضيق متجمد في الدانمارك، توقفت قلوبهم عن النبض لمدة ساعتين، وعلى الرغم من أن فرص بقائهم على قيد الحياة كانت تبدو منعدمة، فقد تم نقلهم إلى المستشفى، حيث قام المسعفون بتسخين دمائهم ببطء، درجة واحدة كل 10 دقائق.
ويتم ذلك عادة بواسطة الآلة المستخدمة في غسيل الكلى، التي تقوم بتصفية الدم وتسخينه على مراحل. وكانت المفاجأة، أنه بعد أربع ساعات من محاولة إسعافهم بهذه الطريقة، بدأت قلوبهم في الاستجابة.
وتم توثيق شهادات الناجين ورجال الإنقاذ والمسعفين في الفيلم الوثائقي "Back From The Dead "، الذي عرضته أذاعته هيئة الإذاعة البريطانية.
ويتذكر "كاترين"، أحد الناجين الذي كان في السادسة عشرة من عمره في ذلك الوقت: "عندما خرجت من الماء، بدأ الكابوس. كان الجميع يصرخون وكان كل شيء غير واقعي. يمكنك فقط رؤية الذعر".
وتعود تفاصيل الحادثة إلى عام 2011، عندما كان الطلاب في رحلة مدرسية في مضيق "برايستو"، وبعد 20 دقيقة فقط من تحركهم، انقلبت السفينة التي كانت تحملهم جراء رياح شديدة، وسقطوا في الماء المجمد.
تتذكر "كاترين"، وهي تنهمر في البكاء تفاصيل ما حدث بعد ثماني سنوات، قائلة: "كان الجو شديد البرودة. كان الجو باردًا للغاية. كان الماء يغطيه الجليد".
وأضافت: "المعلم طلب منا أن نسبح في المياه لإنقاذ أرواحنا". ومع عدم وجود هاتف أو راديو، عرف الطلاب أن خيارهم الوحيد هو السباحة إلى الشاطئ، لكنهم كانوا على بعد مئات الأمتار من الأرض، ولم يتمكنوا جميعهم من ذلك.
"لم أستطع السباحة"، يتذكر "كاسبر"، قائلاً: "جاء أحد أصدقائي إلي وحاول مساعدتي."
ولكن في تلك الأثناء، توقف قلبه عن النبض، ومعه ستة آخرون، طفت جثتهم في البحيرة الجليدية حتى تم إنقاذهم، في حين غرق أحد المدرسين بشكل مأساوي وهو يحاول إنقاذهم.
بينما تمكنت "كاترين" واثنان آخران من الوصول إلى الشاطئ. على الرغم من معاناتها من الانخفاض الشديد في حرارة الجسم والساقين، سبحت إلى أن وجدت نفسها في إحدى الغابات.
تتذكر "كاترين"، وهي الآن في منتصف العشرينات: "كان الأمر صعبًا حقًا لأنك لم يكن لديك أي قوة في ساقيك.. وظللت أسقط"، مضيفة: "في تلك اللحظة، فكرت بأنني سوف أموت".
ومع ذلك، لم تعرف "كاترين"، أن زميلتها وصلت بالفعل إلى الشاطئ، حيث قامت بتنبيه خدمات الطوارئ.. وعندما رصدت أحد رجال الإنقاذ يقترب، تقول: "كنت أصرخ بصوت عالٍ".
لكن بالنسبة لزملائها الذين ما زالوا عالقين في المضيق، بدا الوضع قاتمًا.
يتذكر الدكتور ستين بارنونج، الذي تم استدعاؤه لمحاولة إنقاذ الطلاب، كيف أن أحد رجال الإنقاذ كان يكرر العبارات المرعبة: "لقد ماتوا جميعًا، لقد ماتوا جميعًا".
ومع ذلك ، يقول الدكتور مايكل جايجر وانش، إن درجات حرارة الجسم المنخفضة بشكل لا يصدق للمراهقين أعطت الأطباء الأمل بالفعل.
عقب الانخفاض الشديد في حرارة الجسم، تباطأت عمليات التمثيل الغذائي لديهم، ولم تحتاج الخلايا الموجودة في الجسم إلى الكثير من الأكسجين، لذلك، لم تتعرض أدمغتهم للأضرار المعتادة، التي تسببها توقف القلب عن النبض.
في حين أن درجة حرارة الجسم الأساسية العادية هي 37 مئوية، انخفضت إلى 17.5.
في عام 1999، نُقلت امرأة سويدية تبلغ من العمر 29 عامًا إلى المستشفى مع درجة حرارة جسمها تبلغ 13.7 درجة مئوية فقط بعد أن أصيبت بالسكتة القلبية أثناء احتجازها تحت الجليد لمدة 80 دقيقة.
كانت تبدو ميتة تمامًا، ولكن بعد تسخين دمها عادت إلى الحياة. هذه الظاهرة دفعت بعض الخبراء إلى القول: "يجب أن تكون دافئًا حتى تموت".
ويتذكر الدكتور جايجر وانش: "إنهم شبان صغار السن ماتوا سريريًا... لكن كانت أجسادهم باردة، وهو ما أمكننا من إعادة إنعاش قلوبهم، بعد رفع درجة حرارة الدم درجة واحدة كل 10 دقائق".
وبعد ست ساعات من وقوع الحادث، كانت قلوب الأطفال السبعة تنبض مجددًا، فيما صرخت أقاربهم الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر للحصول على أخبار عنهم بمجرد أن علموا بنجاتهم.
على الرغم من وجود مخاوف من تعرض أدمغتهم للتلف، يقول الدكتور جايجر وانش: "لم يتم رؤية أي تشوهات" في عمليات المسح.
ومع ذلك، تشير تقارير وسائل الإعلام المحلية في ذلك الوقت إلى أن بعضًا من السبعة - بما في ذلك "كاسبر" - عانى من تلف في الدماغ، وتعرض لفقدان الذاكرة والصرع.
شاهد الصور..