الجمعة 27 ديسمبر 2024
توقيت مصر 01:22 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

شيخ الأزهر يحذر من كارثة قادمة.. ماذا قال الخبراء؟

الطيب

الطيب: الانفصام بين مسار العلم ومسار الدين هو مأساة الإنسان المعاصر

«فرويز»: الفضاء الإلكترونى سبب فى التفكك الأسرى.. و«الوردانى»: الحياة الافتراضية تستحوذ على 94% من حياتنا

في ظل التطور التقني الهائل الذي يشهده العالم، يأخذ الدين مسلكًا نحو التقهقر فى ظاهرة خطيرة حذر منها علماء الأديان المختلفة، وأكدها الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خلال مؤتمر قمة قادة الأديان الذي أقيمت فعالياته بالفاتيكان تحت عنوان: "تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي" منتصف الشهر الجاري.

وقال الطيب إن "الثورة التقنية الرقمية لن تتوقف عن تطور يختلط فيه النافع بالضار، والمصلحةُ بالمفسدة، ما دامت هذه الثورة تتطور فى غيبة من حراسة الأديان والأخلاق الإلهية"، موضحًا أن "الحل لا يكون بمجابهة هذه الثورة، وإنما بالبحث الجاد عن إمكان العودة إلى كيفية الربط بين التقدم العلمى وبين الدين بحسبانه حارسًا أمينًا على الأخلاق الإنسانية، شريطةَ أن نأخذ الدين من الكتب المقدسة ومن تعاليم الأنبياء وسلوكهم وتصرفاتهم".

واعتبر، أن "الانفصام الذي حدث بين مسار العلم ومسار الدين هو مأساة الإنسان المعاصر الذى يتقدم فى مجال علومه وتقنيَّاته بقدر ما يتقهقر ويتراجع فى باب الأخلاقِ والآداب والفضائل، بل إن هذا السباق المطرد بين التقدم العلمى والتقهقر الخُلُقى هو السبب الأوحد وراء كوارث الإنسان الحديث وعلله المستعصية على العلاج".

وتابع الطيب: "من السهلِ جِدًّا أن تجد الآنَ ربطًا منطقيًّا بين التطورِ العلمى المذهلِ فى مجالِ الأسلحةِ الفتَّاكة مثلًا، وبين الحـروبِ المأسـاويةِ اللاإنسانيةِ، بل من السهلِ أن تجدَ علاقةً بين وفرةِ اقتصادِ السِّلاحِ وبينَ الإرهابِ، وتنظيماته وجماعاته التى استقطبت الأطفالَ إلى مُعسكراتِها وجنَّدتهم فى التدريبِ والانخراطِ فى صُفوفِ القتال، عن طريق منصات التواصل الاجتماعى والألعاب الرقمية والمواقع الإلكترونية"، مشيرًا إلى أن تقارير الأُمَمِ المتحدة تكشف أنَّ آلاف الأطفال انضموا إلى التنظيمات الإرهابية.

وحذر شيخ الأزهر من خطورة كارثة من كوارث البيئة الإلكترونيَّة، وهى تمكينُ وحوشِ الجرائم الجنسيَّة من سُهولةِ الاتصالِ بضحاياهم من الأطفالِ وتشجيعهم على الالتحاقِ بهم، وقُدرتهم على إخفاءِ هُويَّاتهم، وإنشاء هويَّاتٍ مُزيفةٍ تجعل من مُلاحقتهم قضائيًّا ضربًا من المستحيلِ، مِمَّا يضعُ خصوصيَّةَ الأُسَرِ وكرامة أطفالها فى مَهَبِّ الريحِ، حتى إن اليونيسيف صرحت بأنَّه «لا يوجد طفلٌ بمأمنٍ من المخاطرِ على شبكة الإنترنت".

تحذير شيخ الأزهر من الآثار الضارة للتطور التكنولوجي تدعمها العديد من الدراسات إذ كشفت إحدى الدراسات بالنمسا عن تراجع الحالة المزاجية عقب استخدام موقع "فيس بوك" لمدة 20 دقيقة، مقارنة بأشخاص تصفحوا فقط بعض مواقع الإنترنت في نفس الفترة الزمنية، نتيجة شعورهم بالذنب في إهدار وقتهم في استخدامه.

بينما توصلت دراسات إلى أن هناك صلة بين الاكتئاب واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فقد توصلت دراسة شملت أكثر من 700 طالب إلى أن أعراض الاكتئاب، مثل الحالة المزاجية السيئة، والشعور بعدم قيمة الذات، واليأس، كانت مرتبطة بطبيعة ونوع التفاعل على الإنترنت، ولاحظ الباحثون وجود مستويات عالية من أعراض الشعور بالاكتئاب بين هؤلاء الذين كانت لديهم تفاعلات أكثر سلبية على الإنترنت.

كما تسهم وسائل التواصل الاجتماعى فى جعل أكثر من نصف مستخدميها غير راضين عن أشكالهم، وفقًا لاستطلاع شمل 1500 مستخدم أجرته مؤسسة "سكوب" للأعمال الخيرية لخدمة المعاقين، إذ يقول نصف هؤلاء ممن تبلغ أعمارهم بين 18و34 عامًا، إن هذه المواقع تجعلهم يشعرون بأنهم لا يتمتعون بأى جاذبية.

وتشير العديد من الدراسات إلى أن الإفراط فى استخدام مواقع التواصل يسبب الشعور بعدم الراحة، ومشكلات النوم، وعدم التركيز، فقد توصلت دراسة حديثة إلى أن الأشخاص الذين يقولون إنهم يستخدمون 7 أو أكثر من منصات التواصل الاجتماعي، يكونون أكثر عرضة لمستويات مرتفعة من القلق بنسبة تزيد على ثلاثة أضعاف، مقارنة بالأشخاص الذين يستخدمون منصة أو اثنتين من منصات التواصل الاجتماعي، أو الذين لا يستخدمونها مطلقًا.

وإذا كان هناك أى إدمان لمواقع التواصل الاجتماعي، فإنه يمكن أن يكون نوعًا من إدمان الإنترنت نفسه، وهو اضطراب مصنف طبيًا فى الوقت الحالي، ففى عام 2011، حلل باحثان من جامعة نوتنجهام ترينت بالمملكة المتحدة 43 دراسة سابقة حول هذا الموضوع، وخلصوا إلى أن إدمان مواقع التواصل الاجتماعى يعد مشكلة صحية عقلية قد تتطلب علاجًا.

ويقول الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، إن "الوسائل التكنولوجية الحديثة، وفى مقدمتها الهواتف غزت كل المنازل وتحولت إلى جزء أساسي من حياة المجتمعات، ويصنفها الخبراء بأنها سلاح ذو حدين، فعلى الرغم من استخدامها فى المجال التعليمى والاستفادة منها فى الجوانب الحياتية المختلفة، إلا أنها تسببت في العديد من الأضرار النفسية لدى مستخدميها، خاصة الأطفال".

وأضاف فرويز لـ"المصريون"، أن "مواقع التواصل الاجتماعي تحتل حيزًا كبيرًا من أوقات مختلف الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية حول العالم، وعلى الرغم من وجود بعض الفوائد لاستخدامها إلا أن لها خطورة كبيرة على المجتمع، حيث تسهم في تقليل فرص التواصل الفعلى مع الأشخاص وجهًا لوجه، وتسبب في تفكك أسرى وصل فى بعض الحالات إلى الطلاق، لأن الزوج والزوجة انشغلا بالعالم الافتراضى المليء بالكذب والخداع والتباهي عن واقعهما الحقيقي".

وحذر من أن "استخدام الأجهزة الإلكترونية من قبل الأطفال خصوصًا تحت عمر 12 سنة له تأثير كبير على القدرات الذكائية للأطفال، وعلى قدرة الطفل على التواصل مع المجتمع، بالإضافة إلى تأثيره على كسب المهارات الاجتماعية لأنه يجعل الطفل منعزلاً وضمن عالم خاص".

وأكد "فرويز"، أن "الأسرة لها دور كبير فى الحفاظ على الطفل من المخاطر من خلال توضيح كافة الآثار السيئة لاستخدام المحمول والتابلت عليه، وتوفير سبل الترفيه البديلة ومنعه من سن مبكرة بقدر الإمكان، وليس عند وصوله إلى عمر12 سنة".

من جهته، أبدى الدكتور عمرو الورداني، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء، قلقه من السماح للأطفال فى سن مبكرة باستخدام الهواتف، معتبرًا أن أولياء الأمور يتهاونون فى هذا الأمر.

وحذر من أن مواقع التواصل الاجتماعي "تعد أشد شراسة من أطفال الشوارع، حيث أن تعرض الطفل للفضاء الإلكتروني يجعله عرضة للكآبة، والخطر الأكبر من ذلك يتمثل فى زيادة معدلات الإحباط وتحولها إلى الميول الانتحارية".

وأضاف الورداني لـ"المصريون": "الحياة الافتراضية باتت تستحوذ على 94% من حياتنا، مقابل 6% فقط نعيشها فى الحياة الحقيقية، ومواقع التواصل الاجتماعى تجعلنا نعيش حياة غير حقيقية".

وأشار إلى أن "بعض الأطفال أصبحوا مدمنين لخاصية الإعجاب على المنشورات والصور الموجودة فى مواقع التواصل ومنصات الأغاني، والتى تمثل بالنسبة لهم نوعًا من القبول الاجتماعي، فضلاً عن شعورهم المتزايد بالقلق إزاء مظهرهم على الإنترنت".

وأوضح أمين عام الفتوى أن "دار الإفتاء قامت بعمل برنامج وحدات للإرشاد الأسرى ولجنة للاستشارات الزوجية، واستقبلت خلال الفترة الأخيرة أكثر من 5 آلف فتوى من بينها 3800 فتوى عن الطلاق فقط، أي أن النسبة وصلت إلى أكثر من 70%".

وذكر أن "التطور التقني غير المحكم أدى إلى نشر ثقافات خاطئة تهدد الثقافة والأعراف، بالإضافة إلى أمراض نفسية وجسدية ومشاكل اجتماعية وجرائم جنسية داخل المجتمعات كافة".