الجمعة 22 نوفمبر 2024
توقيت مصر 05:51 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

«ساديو ماني» من شوارع «بامبالي» إلى عرش إفريقيا

«ساديو ماني» من شوارع «بامبالي» إلى التتويج على عرش إفريقيا

يبدو السنغالي ساديو ماني، هو الأوفر حظًا لنيل جائزة أفضل لاعب في إفريقيا لعام 2019، خلال الاحتفالية التي تشهدها مدينة الغردقة مساء اليوم، بعد تألقه اللافت في الموسم المنصرم مع فريقه ليفربول الإنجليزي الذي قاده للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا، وكأس السوبر الأوروبي.

الأكثر تهديفًا

ويبدو أن الأهداف هي عامل الحسم الذي سيرجح كفة ماني على منافسيه، زميله في ليفربول، الدولي المصري محمد صلاح، والدولي الجزائري رياض محرز، لاعب مانشستر سيتي.

وسجل النجم السنغالي 23 هدفًا مع ليفربول من إجمالي 32 مباراة خاضها، وكاد يقود فريقه للقب الغائب عن عرينه منذ موسم 1989 - 1990، إلا أن مانشستر سيتي استطاع أن يخطفه للعام التوالي بفارق نقطة واحدة عن "الريدز".

أما صلاح الغائب عن حفل اليوم، والحائز على جائزة أفضل لاعب في القارة السمراء في العام الماضي، فسجل 19 هدفًا في 2019، لكنه تفوق على ماني بدوري أبطال أوروبا، حيث سجل 6 أهداف مقابل 5 لزميله السنغالي، في 2019، في حين سجل محرز 7 أهداف في 2019، بت "البريميرليج".

وبينما سجل ماني، 8 تمريرات حاسمة في الدوري الإنجليزي هذا الموسم فقط، مقابل 7 تمريرات لصلاح خلال 2019، تفوق النجم الجزائري على منافسيه برصيد 10 تمريرات حاسمة خلال العام.

مسيرة "ماني" الاحترافية

خاض "ماني" (المولود في 10 أبريل 1992)، والذي يلعب في مركز الجناح، مسيرته الاحترافية في الدوريات الأوروبية في سن مبكرة، وتحديدًا في العشرين من عمره.

كانت البداية بانضمامه إلى "ميتز" الفرنسي، الذي انضم له في يناير 2012، وسجل له هدفًا وحيدًا على مدار 12 مباراة خاضها، وانتهت بهبوطه إلى دوري الدرجة الثانية.

وانتقل منه إلى صفوف "ريد بل سالزبورج" النمساوي في أغسطس 2012، مقابل 4 ملايين يورو، والذي قاده إلى الفوز بلقبي الدوري والكأس، وكان له دور بارز في تحقيق اللقبين، عبر إحرازه العديد من الأهداف.

لكنه رفض أن يستمر في صفوفه سوى لعامين فقط، بعد أن أصر على الانتقال من سالزبورج في أغسطس 2014، حتى إنه قاطع المباراة المصيرية للفريق المؤهلة لنهائيات دوري أبطال أوروبا من أجل الاستجابة لرغبته.

وكان له ما أراد، إذ انتقل إلى الدوري الإنجليزي، الأكثر شعبية، والمليء بالنجوم من مختلف الجنسيات، وذلك من خلال بوابة "ساوثهامبتون" مقابل 11.8 مليون جنيه إسترليني.

واستطاع في موسم 2015 أن يحقق رقمًا قياسيًا جديدًا في الدوري الإنجليزي الممتاز لأسرع هاتريك عندما سجل ثلاث أهداف في 176 ثانية خلال مباراة الفوز على أستون فيلا 6–1.

أغلى لاعب إفريقي

وسرعان ما لفت الفتى السنغالي انتباه مسؤولي ليفربول الذي انتقل إليه في عام 2016، مقابل 34 مليون جنيه إسترليني، ليصبح صاحب أغلى صفقة انتقال للاعب أفريقي في التاريخ.

وقد كان عند حسن ظن مسؤولي النادي الإنجليزي، بعد سلسلة من النجاحات والتألق الملفت على مدار 3 أعوام من ارتدائه لفانلة "الريدز"، وقيادته إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في عام 2018.

وفي الموسم التالي، حصل على جائزة الحذاء الذهبي في الدوري الإنجليزي الممتاز "بالمناصفة" برصيد 22 هدفًا، وكان له بصمة مميزة في فوز ليفربول بلقب دوري أبطال أوروبا 2019، بعد تسجيله لـ 5 أهداف.

ونجح "ماني" في تتويج تألقه بقيادة ليفربول إلى الفوز بكأس السوبر الأوروبي 2019 بعد أن أحرز هدفين خلال الوقت الأصلي من المباراة أمام تشيلسي التي انتهت بالتعادل 2-2 وفاز فيها "الريدز" 5–4 بركلات الترجيح بعد انتهاء المباراة بالتعادل. واختير "ماني" رجل المباراة.

أما على المستوى الدولي، فقد لعب "ماني" 60 مباراة مع منتخب بلاده السنغال منذ 2012. ومثل "أسود التيرانجا" في الأولمبياد الصيفية 2012، وكأس الأمم الأفريقية 2015 وكأس الأمم الأفريقية 2017 وكأس العالم 2018.

حياته الشخصية

ولد ماني في قرية بامبالي جنوبي السنغال، حيث مارس كرة القدم في شوارعها، وقد عرف بموهبته بين أقرانه، لكنه واجه رفضًا من والده الذي يعل إمامًا لمسجد القرية، ووالدته التي أرادته أن يسير على نهج والده، لكنه رفض بسبب حبه لكرة القدم.

ولم يستطع ماني إكمال دراسته، بسبب ظروفه أسرته المادية، وكان يضطر للسير قرابة 3 كيلومترات للوصول إلى أقرب ملعب كرة قدم لممارسة هوايته والتدرب، قبل أن يقرر في سن الـ 15 عامًا التوجه إلى العاصمة داكار، للخضوع للاختبارات.

غير أنه تعرض للسخرية في البداية من المدرب الذي تهكم على ملابسه وحذائه، إلا أنه مع نزول الملعب نال تصفيقًا حادًا وإعجابًا غير محدود، ليقوم المدرب بضمه إلى أكاديمية "جينيريشن سبورت".

يعرف عن ماني اهتمامه بالأعمال والمشاريع الخيرية، التي يتبرع بها لسكان قريته، ويشرف على تنفيذها بنفسه، وقد شوهد، وهو يتفقد بنفسه موقع المدرسة الثانوية الجديدة، التي تكفل بتمويلها بمبلغ قدر بنحو 250 ألف جنيه إسترليني في أبريل الماضي، لتكون جاهزة لاستقبال الطلاب في العام الدراسي الجديد.

وبعدما تأكد من انتهاء مشروع المدرسة كما أراد وأكثر، تكفل بمبلغ أكبر، لبناء مستشفى لأهالي القرية.

ويعبر "ماني" عن وفائه لأهل قريته بالقول: "من الأشياء التي كانت تدفعني للحياة دائمًا وأنا صغير أنى كنت أفكر كثيرًا في كيفية رد الجميل لمسقط رأسي.. دائمًا أتناقش مع زملائي في السنغال حول هذه الأمور".

تدين ماني

ظهر النجم السنغالي في عام 2018 وهو ينظف دورة مياه أحد المساجد في مدينة ليفربول، وهي اللقطة التي كانت مثار الجماهير الإنجليزية، والجماهير المسلمة على مستوى العالم، باعتبارها دليلاً على تواضعه، وأن الشهرة والمال لم يغيرا فيه شيئًا.

وقد تحدث عن أنه لا يشرب الخمر تمامًا، نظرًا لأنه مسلم متدين ويحافظ على تعاليم دينه؛ الأمر الذي علقت عليه صحيفة "ديلي ميل" بقولها، إنه "عندما تزاول كرة القدم في الدوريات الأوروبية ويعرف الناس أنك شخص متدين وملتزم، فأول ما يبادر إلى أذهانهم هو أنك تذهب بصفة دائمة إلى الكنيسة أنت وأسرتك، وهذا ما حدث مع ماني، ليرد اللاعب ضاحًكا: "نحن مسلمون، لم نذهب إلى الكنيسة مطلقًا".

وعندما سئل عنه الألماني يورجن كلوب، المدير الفني لليفربول، أثناء قضاء إجازته السنوية في العام الماضي، أعرب عن ثقته في الحالة البدنية لـ"ماني" وعودته سريعًا إلى لياقته العالية التي يشتهر بها، وأضاف: "ساديو سيكون في حالة جيدة، لأنه لا يشرب (الكحول)، ولا يأكل كثيرًا".

ولا يزال رغم الشهيرة الكبيرة التي يتمتع بها، يتلقى رسائل النصح والدعم من والده، وأيضًا التوبيخ إن لزم الأمر، وهو ما أشار إليه في تصريح له في العام الماضي، بقوله: "والدي إمام مسجد في قريتنا بالسنغال، ولا زال يؤنبني على قصة شعري.. ويتصل بي يوميًا يحثني على المحافظة على الصلوات وقراءة القرآن".

وتحدث مانى عن التسامح الديني في بلاده، قائلاً: "الدين مهم جدًا بالنسبة لنا.. أنا أحترم تعاليم الإسلام وأقيم الصلوات الخمس يوميًا بصفة دائمة.. 90% من سكان السنغال مسلمون و10% مسيحيون ولكن الجميع يعيشون سويًا في وئام كبير".

وكمثال على هذا التعايش، يقول النجم السنغالي: "صديقي المقرب يدعى لوقا وهو مسيحي.. كنت أزوره في منزله دائمًا وكان يفعل كذلك أيضًا.. ليس هناك أي صراع بسبب الدين في بلادنا".