الأربعاء 24 أبريل 2024
توقيت مصر 02:15 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

زوجة «ضابط قنا» تدمي القلوب.. فقدت جميع أفراد أسرتها في حادث أليم

الشهيد وزوجته

أبكت زوجة الرائد باسم فكري، رئيس مباحث مركز "قوص" بقنا، قلوب المصريين قبل عيونهم برثائها لزوجها الذي استشهد خلال ملاحقته لمجموعة من "العناصر الإجرامية" بمركز "قفط" قبل يومين، بعد أن كشفت أنها كانت قد فقدت جميع أفراد أسرتها – عدا أخت واحدة - في حادث سير بنفس المنطقة التي شهدت مقتل زوجها قبل 15 عامًا.

كانت قوة أمنية على رأسها الضابط الشهيد ألقت القبض على أحد المطلوبين في قضية جنائية، وبينما كانت في طريقها إلى مركز الشرطة، تفاجأت باثنين من العناصر الإجرامية يستقلان دراجة نارية يقومان بإطلاق وابل من الرصاص تجاه سيارة الشرطة، من أجل مساعدة زميلهم على الهرب، ما أسفر عن استشهاد الضابط وإصابة ثلاثة من أفراد الشرطة المرافقين له، ومقتل المطلوب والمهاجمين.

وقع الخبر كالصاعقة على رأس الدكتورة سارة رشاد الخطيب، زوجة الضابط الشهيد، ما إن علمت بمقتله، لتستعيد معها ذكريات أليمة تعود إلى ما قبل 15 عامًا، حينما لقي خمسة من أفراد أسرتها هما والدها محمد رشاد الخطيب، نقيب المحامين الأسبق بقنا، ووالدتها إلى جانب ثلاثة من لأشقائها في نفس المنطقة التي شهدت مقتل زوجها.


لم تصدق نفسها، وهي التي ظنت بارتباطها بزوجها الراحل قبل 5 سنوات أنه سيعوضها عن فاجعتها في أسرتها، وسنوات الحزن التي عاشتها تتذكر خلالها تفاصيل الحادث الأليم الذي لقوا فيه مصرعهم. 

لكنها عاشت المأساة مجددًا، وذاقت مرارة الفقد، التي عبرت عنها في رثاء زوجها الشهيد، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، والذي حظي بتفاعل واسع بين رواد "السوشيال ميديا" بعد أن علق عليه وتناقله الآلاف ليشاطروها أحزانها وآلامها في مصابها الأليم.

تقول: "ظننت أن الدنيا تبسمت لي بمجيئك لي لكن للأسف الفرحة غالية الفرحة نادرة ... نفس المشهد يتكرر بعد 15 عاما المرة الأولى مع أهلي، والدي نقيب محامين قنا والبحر الأحمر بعد انقلاب سيارتنا في طريقنا للأقصر، صعوبة إنقاذهم، لم ينج من الحادث سوى أنا وأختي، لم أستطع الذهاب للمستشفى (مستشفى قفط) لرؤيتهم في المشرحة، قلبي لم يطاوعني أرى أبي وأمي وميرنا وعبدالرحمن وعبدالله.. ولم أصدق وفاتهم من الأصل".


مع ذلك تغلبت على آلامها لاستكمال دراستها الجامعية، قائلة: "صممنا علي استكمال دراسة الطب (كنا لازلنا في العام الأول والثاني) بناء على رغبة أبي رحمه الله، لكم أن تتخيلوا ظروف الحياة التي تخبطت بها بنتان لمدة عشرة سنين متواصلة لن أتكلم عن إحساس الفقد والمرارة والخذلان من أقرب الناس التي جعلتك حتى تفقد ثقتك في نقاء الحياة".

ظنت "سارة" أن الدنيا ابتسمت لها بعد أن التقت الضابط الشاب "باسم" قبل 5 سنوات، بعد أن توسمت أن يكون بالنسبة لها كل شيء في حياتها، معوضًا إياها عن سنوات لم تنسها مرارة الحادث الأليم الذي راح ضحيتها والداها وإخوتها الثلاثة.

تضيف: "حتى التقينا أنا وباسم في أول فبراير 2014، لم ننس أبدًا هذا التاريخ أنا وباسم، وجدت به من النقاء والطيبة والحنية والشهامة والحب الطيب النقي مالم أكن أتوقع أن هذه الأشياء موجودة في هذا الزمن، لم يكن كأي ضابط شرطة من طيبته المفرطة".

غير أن الأمور لم تمض بالسلاسة التي كانت تتمناها لتتويج قصة زواجها، بسبب المشاكل التي مرت بها علاقتهما بسبب الأجواء المحيطة بهما.

تتذكر "سارة": "دخلنا في سلسلة من المشاكل لم تنته بسبب المحيطين بنا ومع ذلك تمسك كل منا بالآخر وكأن كل من حولنا يستكثر علينا الفرحة معا، يعلم الله أن ماحدث كاد أن يقصم ظهري، لولا ثبات باسم وابتسامته الطيبة التي جعلت كل شيء يمر، تزوجنا ف 5/3/2015 بعد ما اخترنا وحددنا الفرح اكتشفنا الشبه بين هذا التاريخ وتاريخ الحادث منذ 10 سنوات في تاريخ 3/5/2005 , فظننت أن الدنيا تصالحني".

لم تكن الحياة وردية تمامًا شأنها كشأن الحياة بين أي زوجين تتخلل حياتهما المشاكل، لكن الحب هو الذي يجعلهما متمسكين ببعض إلى النهاية.

تقول: "طبيعي كان هناك العديد من الأزمات مثل أي بيت بس كانت بتتحل، رجل مصلي ملتزم بقراءة ورد يومي بعد كل صلاة، كثير الاستغفار والذكر، حنون لأقصى درجة على ابنه سليم يتعامل معه بعقلية الطفل وهو في الأصل باسم طفل، مرت السنين وأنا أعتقد أن الحياة صالحتني به ولكن للأسف لم تستمر فرحتي طويلاً ليتكرر نفس المشهد حين جاءتني مكالمة تليفونية أن زوجي فمستشفي قفط في الثامنة مساء، لم أدر كيف ذهبت هناك وأنا في قمة انهياري، لأجد أنه استشهد، كم كان المشهد قاسيًا صممت أن لا أتركه حتى أشاهده، لن أخاف مرة أخرى من إلقاء نظرة الوداع على أقرب الناس لي".


تتذكر تلك اللحظة الأليمة التي ألقت خلالها نظرة الوداع على زوجها الذي لم تصدق إنها لم تعد ستشاهده بعد اليوم: "قبلت يده الشريفة الطاهرة ووجدته متبسمًا وكأنما أدى كامل واجبه ورسالته ف الحياة.. الحياة لا تترك الطيبين الطاهرين طويلاّ .... لكني كنت أحتاجك يا باسم. لما تركتني وحدي مرة أخرى، كنت لي نعم الحبيب والزوج و الظهر والسند". وختمت رثاءها المبكي: "وداعًا يا حبيبي، وداعًا يا رفيقي".