الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
توقيت مصر 16:51 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

بعد بد الكونجرس أول خطواته ضد «ترامب»

تاريخ الرؤساء الأمريكيين مع العزل والاستقالة

أرشيفية

في أولى خطوات التصويت على عزل الرئيس دونالد ترامب، صادقت اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي، اليوم على تهمتين موجهتين إليه، هما: "عرقلة العدالة" و"إساءة استغلال السلطة عبر الضغط على أوكرانيا من أجل الحصول على دعم سياسي محلي".

وصوت 23 عضوًا في اللجنة (الأعضاء الديمقراطيون) على التهمتين، فيما رفضها 17 آخرين (الأعضاء الجمهوريون). وبموجب ذلك، ستطرح التهمتين للتصويت في مجلس النواب بجميع أعضائه، خلال جلسة عامة مقررة الأسبوع المقبل.

وتعود القضية إلى محادثة هاتفية في 25 يوليو الماضي، طلب ترامب خلالها من نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن "يهتم" بأمر جو بايدن نائب الرئيس الديمقراطي السابق الذي يواجهه الرئيس الحالي في السباق إلى البيت الأبيض عام 2020.

ويُشتبه في أن ترامب ربط حينها مسألة صرف مساعدات عسكرية بقيمة 400 مليون دولار يفترض أن تتسلمها أوكرانيا بإعلان كييف أنها ستحقق بشأن نجل بايدن الذي عمل بين عامي 2014 و2019 لدى مجموعة "غازبوريسما" الأوكرانية.

ويرفض ترامب تلك الاتهامات ويقول إنها "حملة مطاردة" ومحاولة "انقلاب ضده"، ويتوعد بالانتقام من الديمقراطيين بانتخابات العام المقبل.

ومصادقة مجلس النواب على التهم الموجهة لترامب أمر متوقع نظرًا لتمتع الديمقراطيين بالأغلبية؛ حيث يمتلكون 233 مقعدا مقابل 197 مقعدا للجمهوريين.

ومن شأن تصويت مجلس النواب لصالح عزل ترامب أن يحيل القضية على مجلس الشيوخ حيث ستتم محاكمة رئيس في منصبه للمرة الثالثة في تاريخ الولايات المتحدة.

وسيترأس المحاكمة رئيس قضاة المحكمة العليا بينما ستتشكل هيئة المحلفين من أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم مائة. أما أعضاء مجلس النواب، فسيتولون دور المدعين فيما يدافع محامو الرئيس عنه.

إلا أن إدانة ترامب ستكون صعبة، إذ تتطلب موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ حيث يحظى الجمهوريون بـ53 من مقاعد المجلس البالغ عددها 100.

ولا يعد ترامب أول رئيس أمريكي يواجه خطر العزل من منصبه، بعد محاولتين بعزل الرئيسين السابقين أندرو جونسون وبيل كلينتون، من دون أن يؤدي ذلك إلى إقالة أي منهما من منصبه.

ولكي يتم عزل الرئيس، فلابد أن يكون قد ارتكب أحد الانتهاكات التي وصفها الدستور بأنها "خيانة أو رشوة أو غيرها من الجرائم".

وتقول مجلة "التايم"، إن العامل الأكبر في إقالة الرئيس يرجع إلى إرادة سياسية، وما إذا كان أعضاء حزب الرئيس على استعداد للانقلاب عليه، وما إذا كان عدد كاف من أعضاء الكونجرس يعتقدون أن محاولة الإطاحة به تستحق مخاطرة فقدان الدعم الشعبي.

وأوضحت، أن الإقالة ليست هي الخطوة الوحيدة لعزل الرئيس، لكنها الجزء الأول من عملية ذات شقين، إذ يجب على مجلس النواب تمرير مواد المساءلة، التي تتهم الرئيس رسميًا بسوء السلوك، وبمجرد أن يصوت مجلس النواب عليها، يجب على مجلس الشيوخ تحديد ما إذا كان ينبغي عزل الرئيس من منصبه.

لماذا تم عزل جونسون؟

في أعقاب الحرب الأهلية، مهدت الطريق لإقالة الرئيس الأمريكي آنذاك، أندرو جونسون (1864 – 1865)، والذي شغل منصبه بعد اغتيال إبراهام لنكولن.

كان جونسون ديمقراطيًا مواليًا للاتحاد، رافضًا الانفصال خلال الحرب. ومع ذلك، كان عنصريًا فضل اتباع نهجًا متساهلاً في إعادة الإعمار، واشتبك مع الكونجرس طوال فترة ولايته، حيث استخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشاريع القوانين التي شعر أنها قاسية للغاية في الجنوب - بما في ذلك قوانين مكتب فريدمان، التي أعطت الجنوبيين المشردين، بمن فيهم الأمريكيون من أصل أفريقي، إمكانية الحصول على الغذاء والمأوى والمساعدات الطبية والأراضي.

هذا النهج وضعه على خلاف مع الكونجرس، وكان الصدام الأكبر عندما عزل وزير الحرب إدوين ستانتون، الذي عينه لنكولن. آنذاك صوت المجلس على محاولة سحب الثقة، بعد اتهامه بانتهاك صلاحيات منصبه.

ووافق قبل أغلبية الثلثين بمجلس النواب على عزل الرئيس، وبالكاد تجنب مجلس الشيوخ عزله، وبعد سنوات، قضت المحكمة العليا بأن الإجراء غير دستوري.

لماذا لم يتم عزل جونسون من منصبه؟

عندما طرح التصويت على حجب الثقة عن جونسون داخل مجلس الشيوخ، احتفظ في النهاية بالمنصب بفارق صوت واحد، بعد أن قرر سبعة جمهوريين التصويت مع الديمقراطيين لإبقائه في منصبه.

فيما جادل جونسون بأنه لم يعين وزير الحرب، ما يعني أنه لم ينتهك صلاحيات المكتب، الذي كان الكونجرس أقره في عام 1867 لتقييد سلطة الرئيس ومنعه من خلاله من استبدال وزراء مكتبه دون الرجوع له.

ومن خلال القرار، حاول أعضاء الكونجرس الهيمنة على منصب وزير الحرب الذي امتلك صلاحيات كبيرة في برامج إعادة الإعمار ما بعد الحرب الأهلية.

يقول المؤرخ هانز تريفوس إن أعضاء مجلس الشيوخ الذين صوتوا ضد الإقالة كان رأيهم أن طرد جونسون من منصبه لأسباب سياسية، "ضعف القضية ... أقنع الكثيرين بأن التهم كانت سياسية إلى حد كبير، ولا يشكل (قانون حيازة المكتب) جريمة ولا انتهاكًا للدستور ولكنه مجرد ذريعة لمعارضين جونسون".

كواحد من الجمهوريين المنشقين، قال السناتور جيمس جرايمز: "لا يمكنني الموافقة على تدمير العمل المتناغم للدستور من أجل التخلص من رئيس غير مقبول".

لماذا تم عزل كلينتون؟

مثل جونسون، أثار الرئيس بيل كلينتون (1993 – 2001) كثيرًا من الغضب في الكونجرس، بعد علاقته بمتدربة البيت الأبيض السابقة مونيكا لوينسكي التي ظهرت إلى العلن في يناير 1998.

ونفى الرئيس في البداية أمام المحققين الفيدراليين أن يكون على "علاقة جنسية" مع "مونيكا"، بينما اتهمه مجلس النواب بالكذب على المحققين، وعرقلة العدالة بتشجيع موظفي البيت الأبيض على إنكار علاقته بها.

لماذا لم يتم طرد كلينتون من منصبه؟

اعتبر العديد من أعضاء مجلس الشيوخ أن كلينتون تصرف بشكل سيء، لكنهم قرروا في النهاية أن سوء سلوكه لم يكن على مستوى "الجرائم الكبرى والجنح".

وقال مايكل جيرهاردت، أستاذ القانون الدستوري بجامعة نورث كارولينا: "لقد وجد الكثير منهم أن هناك سوء سلوك ارتكبه، لكن لم يكن هناك ما يكفي لإدانته".

وقالت سوزان كولينز، وهي نائبة جمهورية صوتت ضد إدانة كلينتون، في بيان إنها لا تعتقد أن الرئيس ارتكب جريمة، لكنه تصرف بشكل سيء".

ويقول الخبراء، إن الجهود التي بذلت وقتها لإقالة كلينتون من منصبه كان محكومًا عليها بالفشل، لأن الرأي العام انقلب على محاولة الإطاحة به منصبه.

كما واجه رؤساء آخرون تهديدات بالمقاضاة. وجون تايلر (29 مارس 1790 - 18 يناير 1862) هو أول رئيس انتقل إلى مجلس النواب، بعد خلافته الرئيس ويليام هنري هاريسون، الذي توفي بعد شهر واحد فقط في منصبه.

استخدم تايلر حق النقض ضد التشريع المدعوم من قبل حزب اليمين الذي وعده هاريسون بدعمه. استقال معظم وزراء تايلر بعد توليه بفترة قصيرة، وطرده زملاؤه اليمينيون من الحزب.

وكان أول رئيس تم تجاوز نقضه من قبل الكونجرس. وتلقى البيت الأبيض طلبًا موجهًا إليه: إما الاستقالة أو مواجهة احتمال الإقالة، ومع ذلك، لم يتابع في نهاية المطاف عملية الإقالة.

وصل الرئيس ريتشارد نيكسون 1969(–1974) إلى حافة المساءلة، على خلفية فضيحة "ووترجيت"، لكن لم ينته الأمر بالإقالة، بعد أن سارع إلى الاستقالة من منصبه في 9 أغسطس 1974، قبل أن يتم إقالته.